المسؤول الإعلامي للجبهة الشعبية أنور رجا في حوار مع «لا»:اليمن رأس حربة في مواجهة العدو وسلطة أوسلو خدمت الاحتلال
- تم النشر بواسطة حنان علي / لا ميديا
حاورته في دمشق: حنان علي / لا ميديا -
مسيرة فريدة مفعمة بالنضال وكتابة الأدب المقاوم، استهلّ خطواتها مع بدايات الثورة الفلسطينية، مكرساً كفاحه ورؤيته الخاصة عن الأدب والفن في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها القضية الفلسطينية، ومع طوفان الأقصى الذي أثر بالمشهد السياسي والثقافي في المنطقة، قصدت صحيفة «لا» في دمشق؛ مكتب القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمسؤول الإعلامي، السيد أنور رجا لإجراء حوار صريح لكشف النقاب عن رحلة الكفاح المبكر، والتحديات المتوقعة والرؤية المستقبلية في سبيل تحقيق الانتصار السياسي الفلسطيني.
ارتباط ثوري منذ الصغر
خلال بدايات الثورة الفلسطينية كانت مدرستك التابعة لوكالة الغوث في محافظة حماة السورية، مركزاً للنشاط التربوي والوطني، فلنستهل حوارنا حول الطفولة وتعلقك المبكر بفلسطين واهتمامك بالأدب المقاوم؟
التعلق بفلسطين نشأ منذ البدايات الأولى على يد مدرسين شعلة بالنشاط والحيوية، أذكر منهم مدير المدرسة آنذاك صلاح الزواوي، سفير المنظمة لدى طهران حتى سنتين سالفتين، ومدرس اللغة الإنجليزية محمد سعيد طربية وغيرهم ممن حولوا المدرسة إلى مركز إشعاع تربوي وطني إبان بدايات الثورة الفلسطينية. حفظت وألقيت أشعار محمود درويش وتوفيق زيات أمام طلاب المدرسة، متابعاً اهتمامي بالقراءة وبالرسم. لم تكن القصص المصورة تجذبني لمطالعتها، ذلك في تحدّ طفولي بفهم الدور أو الشخصية. كما شاركت مبكرا بمعرض رسم في الصف السادس الابتدائي بـ14 لوحة.
«برج الحمل» باكورة إنتاجي
نلت عضوية اتحاد الكتاب العرب ولديك أربع مجموعات قصصية، كما شاركت بالعديد من الأنشطة الأدبية بسورية وفي الساحات العربية وحصلت على جوائز منها جائزة بالشارقة. حدثنا عن احتراف الكتابة وعن تطور موهبة الرسم؟
مازالت موهبة الرسم تعبر عن نفسها بضيق وبقلق، فقد رسمت لوحات وصممت ما يصل لمائة غلاف لكتب لاتحاد الكتاب العرب خلال فترة التسعينيات. أما عن الكتابة فأذكر حين أرسلت قصتي القصيرة الأولى إلى مجلة بالمغرب، قلت لأصدقائي إذا ما نشرت سأتوقف عن الكتابة، لكنها نشرت وكانت بعنوان «برج الحمل»، يومها الممثل عبدالمنعم عمايري أخذ هذه القصة بالذات لتمسي مشروعه للدخول إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وكلما رآني يذكرني بأن قصتي كان معبراً له. وأعمل حالياً على كتابة رواية جديدة.
قصة حب لم تكتمل
تعتقد أن دور الأدب أكثر من مجرد تمجيد للبطولة والشهادة، كيف تقيّم دوره في استكشاف عمق النفس والروح والفلسفة؟
أرى مفهوم الأدب فعلاً إنسانياً مقاوماً خاصة لنا نحن أصحاب القضية، لكن ثمة فرقا كبيرا لدور الأدب الانفعالي المفعم بالتمجيد والإنشاء والاستعراض لحوادث بطولة ومواقف الدم والشهادة دون الذهاب إلى عمق النفس والروح، إلى فلسفة الموقف وما خلف الهدف.
لماذا يرمي الطفل الفلسطيني الحجر؟ ألأنه بطل يختلف عن أي طفل في بلد آخر؟ ألأنه عملاق وسوبر طفل؟ لا بل لأنه مذعور يرتعش. ذكرت بإحدى قصصي القصيرة حكاية عن الشهيد الطفل فارس عودة الذي رأى في حلمه أنه ابتلع قنبلة غازية، فاستيقظ على فراش مبلل، ومن شدة الإحراج لم يقم إلا بعد جهد جهيد مصمماً على الانتقام لطفولته ولبراءته، فراح يمسك الحجارة ليرمها على الصهيوني الذي مزق طفولته وأحلامه وابتسامته. إن ما يحدث يتنامى بالحس الوطني عبر نخب تتقن التأطير والتوجيه وترتقي بهذه المشاعر العفوية الانفعالية.
بهذا المعنى ينظر الأدب إلى قصة حب لم تكتمل بسبب الاحتلال، أو لعذابات زوجين تأخرا بالإنجاب لسنين سبع وبعد العلاج والتعب والصبر والأمنيات تولد لهما ابنة تشعل الخلاف على تسميتها، ثمّ وبغفلة من الزمن من الحب، من الفرح.. غارة «إسرائيلية» تقتل الطفلة المحرومة حتى من اسمها.
ثمة حوالي خمسين ألف امرأة حامل وستلد في غزة في هذه الظروف الكارثية تحت القصف والدمار والدم وبدون أي قابلة أو تخدير أو إنعاش على الأرصفة تحت الخيام يولد هؤلاء الأطفال. أجنة مشوهة وأجنة تسقط قبل أوانها، هنا تتجلى مهمة الأدب بالذهاب إلى تكريس المشاعر الإنسانية.
الموت بالجملة مثله مثل الموت للروح الواحدة، كم يؤسفني أن الناس لا تتحرك لا تدمع لا تقهر لا تغضب إلا مع حدوث مجزرة جماعية، ماذا عن قتل روح، ألا يعادل قتل الكون بأكمله. كل هذا دفعني للمضي أكثر قرباً من قضيتي، أن أكون أكثر عطاء أو فاعلية، ذهبت إلى الفدائية ومن ثمّ التحقت بتنظيم الجبهة الشعبية للقيادة العامة ومازالت.
تجربة مسرحية فصيرة
شغفك للمسرح دفعك إلى خوض تجربة التمثيل مع نجوم كبار، حدثنا عن هذه التجربة التي لم تكتمل لعدم انسجامها مع حماسك الوطني؟
نعم شاركت التمثيل المسرحي مع الفنانين النجوم أمثال عباس النوري ورشيد عساف، والمرحوم عبدالرحمن أبو القاسم ومفيد أبو حمدة. كان النص لسميح القاسم بعنوان «المؤسسة الوطنية للجنون»، ومن إخراج المرحوم فواز الساجر. استطعت التسلل للمسرح لكني توقفت لأنني أحسست أن الطريق طويل لأعبر عني، وعن قربي من القضية رغم الإشادات بأدائي على خشبة المسرح. لذلك ذهبت إلى المواقع العسكرية في لبنان كمقاتل، ثم تكلفت بمهام التفويض السياسي بالمواقع العسكرية لسنوات طويلة إلى جانب دراستي للحقوق في الجامعة اللبنانية، ومن بعدها التاريخ في جامعة دمشق.
التاريخ لا يكتبه الأقوياء فقط
التاريخ يكتبه الأقوياء إلى أي مدى صدق أنور رجا التاريخ الذي قرأه ودرسه؟
أي سياسي يجب أن يعود إلى التاريخ، أن يقرأ المذكرات وتطور الأحداث وتجارب الآخرين، ثمة وقائع بينة مثلها مثل الأوابد التاريخية مثل قلعة دمشق، تدمر، قلعة الحصن المضيق، آثار أفاميا، أبجدية رأس شمرا، أوغاريت. فالوقائع التاريخية ثابتة حالها حال الانتصارات الكبرى في معركة حطين وحرب تشرين. تتم إعادة كتابة هذه الأحداث من طرفي المهزوم والمنتصر، لكن القارئ من يملك العقل والقدرة على البحث والتحليل والاستنتاج ويمكنه استقراء ما بين السطور للوصول إلى الحقيقة. تماماً كما تُقرأ أحداث ما يجري حالياً في فلسطين.
إعادة توجيه البوصلة
هلا استعدنا معاً تحولات القضية الفلسطينية: من النضال الوطني إلى التحديات الراهنة؟
إن روح المقاومة التي تجسدت في حركة الثورة الفلسطينية المعاصرة، للأسف لم تذهب إلى مفهوم حركة التحرر الوطنية في العلاقات بين القوى الفلسطينية مع بعضها البعض التي تفترض طبيعة التحديات والصراع أن تحتكم إلى برنامج سياسي مشترك تتلاقى عليه ضمن حدود تتوافق عليه بما يخدم قضيتنا وشعبنا. فحكمت الساحة الفلسطينية لغة فصائلية فيها تعارضات أيديولوجية وفكرية طغت على البعد السياسي الوطني.
خروج المقاومة من بيروت وبدء مرحلة الاغتراب والبعد عن مفهوم الثورة، وذهاب بعض الفصائل السياسية لتوقيع اتفاقات «أوسلو» التي أسهمت في تفاقم الانشقاق الداخلي الفلسطيني وفرضت واقعا جديدا لم يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني، كما وجد رعاية عربية خاصة بعد «كامب ديفيد» وحضانة رسمية عربية. كل ذلك كان يتم زورا وبهتاناً باسم الشعب الفلسطيني. وبالتالي قامت السلطة الفلسطينية التي أثبتت منذ عام 93، أنها سلطة خدمت الاحتلال ولم تقدم سوى الوهم وشعارات إقامة دولة فلسطينية.
تمت محاولة عقد لقاءات وجولات حوار تجاوزت العشرين مرة في عواصم عربية وعالمية مختلفة، بما في ذلك الجزائر وموسكو، لترتيب شؤون الشعب الفلسطيني. ورغم التوصل إلى اتفاقات مكتوبة، إلا أنه تم نقضها من قبل السلطة الفلسطينية لأسباب غير مقنعة. ومن ثم بدأ التطبيع العربي يتسلل تحت مظلة مساعدة الفلسطينيين، ولكنه لا يعكس إرادتهم الحقيقية. هذا الاتجاه قد تم دفعه ودعمه من قبل جهة معينة، وجعله جزءاً من النظام الرسمي العربي، يعتبر تزويراً لإرادة الشعب الفلسطيني.
الفلسطيني الحقيقي صانع طوفان الحرية، وليس ذاك الذي عقد اتفاقات أوسلو، أو ذاك الذي يشكل جداراً فاصلاً في وجه المقاومة وخط دفاع أول عن أمن المستوطنات الصهيونية.
جاءت معركة «طوفان الأقصى» لتعيد تصويب الأمور وتوجيه البوصلة وفرض واقع جديد على الوضع الإقليمي والدولي وعلى الوضع العربي، وعلى الوضع الداخلي الفلسطيني. وبالرغم من خذلان غالبية الأنظمة الرسمية العربية، لكننا نشعر بأننا أقوياء بمحور مقاومة صادق وفي أصيل متجذر عنوانه التضامن الشعبي المستند إلى إرث تاريخي.
بداية زوال الكيان
تساؤلات عديدة تدور حول «طوفان الأقصى»، هل كان الطوفان لأجل غزة وكسر الحصار عن غزة؟ أم انتقاماً لأجل الأقصى وعدم تدنيسه؟ لأجل نيل الحرية؟ أم كان بداية أو استمراراً لبدايات؟ أم أنه تعبير عن معاناة تاريخية طويلة الأمد؟
«طوفان الأقصى» تتمة للثورة الفلسطينية المعاصرة، من جهة وللثورات التي بدأت منذ الانتداب الإنجليزي من جهة ثانية. هذه الجولة حاسمة وتاريخية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. انبثقت من قلب حرب تشرين التي أكدت أن إمكانية هزيمة هذا الكيان واردة، جاءت من قلب انتصار تموز من جبهة جنوب لبنان، ومن قلب الإرادة والوعي أن هذا الكيان مصنع مفبرك، من قبل من يود فرضه كحقيقة باسم الدين. وهنا جاءت «اتفاقات إبراهام» بغية إلغاء التاريخ والقضية والحقيقة الفلسطينية. ما برحت الرواية المستندة إلى أبجديات الأرض والجغرافيا والحقيقة السياسية ليست بحاجة لإثبات، تقابل السردية التوراتية الصهيونية المفبركة التي لم يثبت علماء الآثار أي أثر لصحتها.
إن معركة «طوفان الأقصى» هي معركة فلسطين ومعركة طوفان الحرية. بالرغم من الثمن الباهظ القاسي، جاء التفاف كل المقاومة الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني وأمتنا وعلى رأسها محور المقاومة. فالوعي متنامٍ بأن هذه المعركة معركة فاصلة في التاريخ. إنها الحرب الأولى من قلب فلسطين التي وضعت أسس إنهاء هذا الكيان القائم على عاملين اثنين؛ عامل التفوق وعامل الاستقرار الأمني. لقد سُحق كلاهما تحت أقدام المقاتلين، فيما تنامت أسئلة القلق الوجودي التي جعلت أمريكا تعمل (فزعة) سريعة لتهدئة أركان الكيان وما لحقه من رعب، عساهم يعيدون ضخ معنويات لإعادة توازن هذا الكيان، في المدى المنظور ربما البعيد نسبياً، لكن هذا الكيان آيل للسقوط الحتمي.
إصابة التطبيع في مقتل
ظلت الإدارة الأميركية تركز في سياستها للمنطقة على توسيع نطاق «اتفاقات إبراهام» للتطبيع بين «إسرائيل» والدول العربية، إذ استثمر بايدن الكثير من الموارد ورأسماله السياسي لتثبي «اتفاقات إبراهام» وما بدأه ترامب في ما سميت «صفقة القرن»، ماذا فعل «طوفان الأقصى»؟
جاء الطوفان ليصيب هؤلاء بخيبة أمل، فانكفؤوا، لكن ذلك لا يعني أنهم لا يخططون أو لا يعملون من تحت الطاولة لإجهاض هذا الانتصار ومحاولة استعادة أنفاسهم لممارسة غيهم وسياساتهم في نشر الإحباط وفرض الاستسلام. الحقيقة تشي بأن الغرب وعلى رأسهم أمريكا شرعوا بطرح أسئلة حول مستقبل «إسرائيل»، ليس بناء على قواعد النظريات والأرقام وحسابات البعض الفلكية، بل على أرضية واقعية علمية، خاصة أنه باستخدام أدوات بسيطة، استطاع أولئك المقاومون المحاصرون منذ أكثر من 17 سنة أن يحققوا الإعجاز بهذه الروح الإبداعية في فن قتال الشوارع أو «حرب العصابات» أن يواجهوا الجيش الرابع على مستوى العالم والأول في المنطقة، بكل ما يملكه الثاني من تقنيات وتكنولوجيا وأسلحة دمار شامل. مئات من المقاتلين تمكنوا من مفاجأته وتحقيق إنجاز عسكري نوعي مذهل لم يرتقِ إليه خيال. إنها معجزات الواقع، بل الواقع بحد ذاته وبطولاته التي يمكن أن تبنى عليها الأساطير.
الشعب المحاصر على مدى أشهر يصمد ويقاتل رغم الخذلان، حتى إن القتال في شمال فلسطين أشد من الجنوب، أما العدو فيفقد السيطرة ويتصرف بشكل هستيري. فيما تتحدث المصحات العقلية لديه عن عجز في متابعة الحالات النفسية والصدمة والرعب التي يعاني منها الجنود والمستوطنون، لذلك ترين قادة العدو يبحثون عن صورة أو إنجاز مقابل الهزيمة، بأن يمسي يقابل كل قتيل «إسرائيلي» ركاما من جثث الفلسطينيين.
وتراهم يتحدثون عن تغيير ديموغرافية غزة!
أكثر من 5٪ من أهالينا في غزة بين شهيد ومفقود والقتل مازال مستمراً، يكتفي العالم بالرد بإدانات لفظية، فيما يتنامى الحس الشعبي على مستوى الرأي العالم العربي والإسلامي والعالمي، لكن هذا لا يغير المعادلة، لأن أمريكا وأوروبا مازالت تقف وراء مجتمع الحرب، وأكثر من 80٪ من «الإسرائيليين» يؤيدون طحن عظام الفلسطينيين واستلال أرواحهم. فإذا ما توقفت الحرب سيتفاخرون بحجم الدمار الذي ألحقوه بغزة وحجم الأسرى والمعتقلين.
انتصار عسكري
ما مصير هذه الحرب من وجهة نظركم؟
ستتوقف الحرب التي سجلت انتصارنا منذ اليوم الأول 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أما النتائج على الأرض فهي الدمار والنسبة أكبر من رؤوس المدنيين والأطفال.
للأسف، تحدث البعض منذ اليوم الأول عن اليوم التالي لنهاية المقاومة، وشرعوا يبحثون عن بدائل وسلطات وأطراف فلسطينية ستحكم غزة. هنا الوهم والإفلاس وعدم تقدير ما بذل من أثمان باهظة. يجب أولاً فك الحصار عن غزة وانسحاب الصهاينة وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ضمن برنامج سياسي فلسطيني يرتقي إلى حجم التضحيات المبذولة. الانتصار يجب أن يثمر بالسياسة، ومن لا يريد ذلك فليعزل نفسه.
المعركة السياسية
في سبيل تحقيق الانتصار السياسي الفلسطيني، ما الرؤية المستقبلية والتحديات المتوقعة؟
معركتنا السياسية ستكون أقسى من المعركة العسكرية، إذ تدعمنا حاضنة شعبية قوية وهنا يأتي وعي وقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف فصائلها، وكيفية مواجهة محاولة الالتفاف على هذا النصر بموقف فلسطيني موحد. نحن يمكننا أن نطرح قيام دولة فلسطينية لحدود 67 ليس بالضرورة أن تعترف بـ»إسرائيل» أو تلتزم بـ»أوسلو» أو تقدم أي تنازلات بهذا الاتجاه تحت اسم الشرعية الدولية، أما في ما يتصل بالحقوق الفلسطينية في إطار الشرعية الدولية، فيمكن الاستفادة منه مثل قرار 194 عودة اللاجئين الفلسطينيين، مع رفض أي قرارات تنتقص من حق الشعب الفلسطيني. ناقشنا هذا الأمر وتحدثنا عن رؤية تأخذ بعين الاعتبار كيف نحافظ على هذا الانتصار في أفضل صيغة ممكنة وعدم السماح لمن يريد أن يتسلل من جراحاتنا وألمنا ويستغل عذابات أهلنا.
لن نسمح بابتزاز شعبنا
ما أخطر نقطة يمكن أن تشكل عثرة لتحقيق أهداف برنامجكم الوطني الفلسطيني؟
النقطة الأخطر التي سنواجهها في هذا البرنامج هي الإعمار، ابتزاز أهلنا بأنه لن يعاد إعمار قطاع غزة وبناه التحتية إلا بثمن سياسي بخس ورخيص. من قدم روحه لا يمكن أن يقدم كرامته. لذلك لا يمكن أن توضع في ميزان المقايضة السياسية لابتزاز شعبنا في لقمة عيشه أو دوائه أو الإعمار.
روح استشهادية يمنية مذهلة
ماذا تقول في موقف اليمن الذي يواصل الوقوف مع الشعب الفلسطيني، ويعمل بجدية لمواجهة «إسرائيل» وأمريكا، حاملاً شعار «الموت لأمريكا الموت لإسرائيل»؟
بالرغم من الحصار والضائقة الاقتصادية على الشعب اليمني والإمكانيات المحدودة إلا أنه يقف بروح استشهادية مع شعبنا بطريقة مذهلة، يتحدى أمريكا ويتحدى أوروبا ويتحدى هذا الكيان ويعمل جاهدا ليلاً ونهاراً لإيلام هذا الكيان سواء بالصواريخ أو بالمسيرات، وأنا أتوقع عمليات استشهادية في مواجهة هذا الكيان بدليل استشهاد كوكبة من الجيش اليمني (أنصار الله) بقيادة قائد عربي مسلم مجاهد كبير هو عبدالملك بدر الدين الحوثي، ما برح هذا القائد يذكرني بالسيد حسن نصر الله، مكرساً المعنى الحقيقي للجهاد. ممن لا ينتظرون تجييش الأمة ليقاتلوا، بل ليشكلوا رأس حربة ولا أنسى عندما قام الشعب اليمني بجمع مساعدات عينية ومادية رغم حاجتهم، ليقدموها لإخوانهم الفلسطينيين.
إننا على ثقة أن من يملك هذه الروح قادر على تغيير المعادلة، خاصة مع وجود ملايين يحملون نفس الفكر والسياسة والعقيدة، ويرفعون شعاراً واضحاً وصريحاً لا مجال فيه للتأويل أو التفسير أو التراجع. الشعار المرحلي والاستراتيجي (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) إنهم يشكلون للفلسطينيين حالة إسناد استراتيجية وموقفا يخترق صوته عنان السماء.
إنها الروح ذاتها التي تقف خلف حزب الله وجمهوره، الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقرار قيادتها وكذلك الأمر سورية التي واجهت الإرهاب التكفيري الصهيوني منذ حوالي 13 عاماً وأكثر.في هذا السياق نقول، ما يجري وما تحقق على الأرض؛ إعجاز ميداني وسياسي رغم الجبهات المعادية، قاعدته الوعي والإيمان والعقيدة والوعي السياسي الذي ينتج الروح الفدائية التي تذهب للشهادة لأنها تعمل لأجل المستقبل لردع العدو عن ارتكاب البطش والمحرقة والمجزرة. وهذا يحتاج الوقت والصبر وتحمل الفصول القاسية القادمة، تجاوزنا منتصف الطريق وسترفع راية النصر البين فوق مآذن القدس وكنائسها وستفرح هذه الأمة.
دعوة لتوثيق أسماء المجاهدين
لم نتلمس توثيقاً لأسماء المقاومين والمجاهدين اليمنيين كواجب ومهمة نضالية، كيف يمكن للجميع الإسهام في هذا الجانب المهم؟
هناك تقصير كبير لدى المقاومة الفلسطينية بما يخصّ هذا الشأن، فالمسار النضالي من حيث الأحداث والوقائع والإنجازات والدور الأساسي لم يتحقق إلا بفضل المقاومين والمجاهدين والشهداء أولاً. شهداء من اليمن ومن كل الأقطار العربية، نعد لكتاب يسجلهم ضمن الخالدين الشهداء. للأسف التقصير يشمل شهداء الجبهة وباقي الفصائل الفلسطينية، وهذا لا بد من إصلاحه لأنهم جميعاً يشكلون تراثنا وهويتنا وأساس حريتنا. إنها دعوة من خلال منبركم الكريم إلى أهمية التوثيق كواجب ومهمة نضالية أعلن أننا معنيون وملتزمون بها.
المصدر حنان علي / لا ميديا