تقرير / لا ميديا -
بحلول صباح اليوم الاثنين 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، تكون الحرب التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة قد دخلت شهرها الثاني، ومع ذلك لم تتمكن قوات الكيان من تحقيق إنجاز تستطيع من خلاله تقديم صورة انتصار للجمهور الصهيوني، بعد تعرض قواته لضربة عنيفة في عملية «طوفان الأقصى» على أيدي كتائب القسام في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وفي هذا الصدد سلط عدد من وسائل الإعلام، عبرية وغربية، الضوء، أمس، على الخسائر التي تتكبدها قوات الاحتلال في حربها على غزة، ومقدار الجحيم الذي يعايشونه في ظل تكتيك عسكري متقدم ومتطور لمقاتلي المقاومة، وفقاً لتصريحات خبراء عسكريين لدى كيان الاحتلال، والدول الغربية الداعمة له.

قوات الاحتلال تواجه مقاومــة ولــــم تنجــح بتحرير الرهائن أو وقف الصواريـــخ
في الظلام والحر الشديد في ليل غزة، يظهر مقاتلو النخبة الفلسطينية من تحت الأرض، ينصبون الكمائن، ويصطادون الدبابات والمدرعات بالقذائف المضادة للدروع، ويحولون الأرض إلى قطعة من الجحيم.
بهذا المعنى حاول مراسل صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية توصيف المشهد الحاصل في المناطق التي تحاول قوات الكيان الصهيوني التوغل فيها في قطاع غزة.
ونشرت الصحيفة تقريراً عن مراسلها في الأراضي المحتلة، أشار فيه إلى أن قوات الاحتلال التي تقدمت في غزة تخوض معارك مع وحدات النخبة التابعة لحماس، التي قال إنها تزرع القنابل في طريق المدرعات وتحاول السيطرة عليها وتستخدم الصواريخ المضادة لضربها.
وأشار الكاتب إلى أن المعركة البرية في غزة تظهر صورتها بشكل بطيء، في ظل تصاعد أعداد الضحايا في غزة، وقلق صهيوني بشأن مسار الحرب.
وأضاف: «ففي الظلام والحر الشديد في ليل غزة، حاولت القوات في الكتيبة 13 من لواء جولاني التقدم في شمال غزة وسط الأضواء من الغارات الجوية والقصف المدفعي في قطاع غزة. لكن الكمين عندما حدث، كان مفاجئاً لهم، حيث ظهرت وحدة من 30 مقاتلاً في قوات النخبة لحماس الذين انتظروا على مداخل الأنفاق».
وأوضح أن «قوات حماس استخدمت في المعركة المُسيّرات والصواريخ المضادة للدبابات وقنابل الهاون ضد المصفحات الإسرائيلية، وحاول المقاتلون الوصول إلى العربات وسط القتال الشرس»، حد تعبيره.
وقال العقيد تومير غرينبيرغ، قائد الكتيبة الصهيونية: «لقد ظهروا من الأنفاق، وحاصرونا وأطلقوا قنابل صاروخية علينا وحاولوا التقدم نحو عرباتنا المصفحة لتفجيرها». وفي تسجيل صوتي، سُمع غرينبيرغ وهو يطلب  المساعدة: «لقد تلقينا هجوماً كبيراً، محاولة هجوم، أريد نيراناً كاتمة لرد هجمات الإرهابيين وأي شخص خارج العربات المصفحة لقتلهم»، إلا أن نداءته وقوات إسناده باءت بالفشل، حيث سقط قتلى وجرحى في صفوف مجنديه، وفقاً لصحف عبرية.
ويقول مراسل صحيفة «أوبزرفر» إن «الهجوم البري واجه كمائن ضد الدبابات وتجمعات الجنود والمواقع التي اتخذتها الدبابات في المباني المدمرة بسبب الغارات. وخاضت العربات الإسرائيلية معارك استُخدمت فيها الصواريخ الموجهة، ولقيت أمامها ألغاماً. وأسفر عن ذلك سقوط قتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين، وسط مزاعم من الجيش الإسرائيلي أنه قتل أعدادا من مقاتلي حماس في معارك شرسة».
ودفع كيان الاحتلال بقواته إلى قطاع غزة، وتم الكشف عن الخسائر في صفوفهم من خلال الجنائز والنعي لعدد من مجنديه الذين قُتلوا حتى الآن.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن صورة الغزو البري في غزة تظهر مجزّأة من إحاطات المسؤولين «الإسرائيليين»، التي يتم فيها الحفاظ على التفاصيل سرية، ومن إعلانات نعي الجنود القتلى، وأيضا مقاطع الفيديو التي ينشرها مقاتلو المقاومة، ومن صور الأقمار الاصطناعية عن غزة.
وطبقاً لـ»أوبزرفر» فإن التلخيص الأكثر إثارة للدهشة في يوم الثلاثاء الماضي، عندما تكبد جيش الاحتلال خسارة وصفتها الصحيفة بالكبيرة، كونها حدثت دفعة واحدة أودت بحياة نحو 11 من جنود الاحتلال وإصابة 4 آخرين  بعدما تعرضت العربة المصفحة «نمر» لهجوم بصاروخ مضاد للدبابات.
وإلى جانب الذين قُتلوا في المواجهات، فهناك خسائر فادحة في صفوف الجنود الصهاينة الذين أصيبوا بجراح، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال «بثت فيديوهات تم فيها تغطية عمليات فوضوية لإجلاء الجرحى من قبل الوحدة 669، التي قامت بـ150 عملية جوية إلى غزة ونقلت 260 جندياً صهيونياً جُرحوا، خلال ثلاثة أيام فقط، حيث تمت بعض عمليات الإنقاذ تحت النيران».
وأضافت الصحيفة: «رغم زعم الجيش الإسرائيلي أنه يحقق نجاحاً، إلا أنه لم يخلق الظروف لأهم وأكثر هدف ملح، وهو إنقاذ أكثر من 240 أسيرا لدى حماس. واستمر إطلاق الصواريخ من غزة أيضا».

إعلام عبري: أعداد قتلانا لا يمكن استيعابها
قال الإعلام العبري، أمس، إن «الصدمة كبيرة من خسائر الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة، وسط تخوفات من تزايد المخاطر وحدوث انهيار كبير للجيش».
وذكرت ليلاخ شوبيل، وهي مراسلة عسكرية لصحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، أن «الأعداد المعلنة لقتلى جيش الاحتلال لا يمكن استيعابها»، مشيرة إلى أنها «قاربت نصف القتلى في حرب الأيام الستة، وأنه لا يزال ينتظر مجندي الكيان صعوبات حسب التقديرات التي تقول إنه كلما تعمق الدخول البري، كانت المعارك أصعب والخسارة أكثر».
ونقلت «القناة 12» العبرية استياء الناطق السابق باسم قوات الاحتلال، نحمان شاي، من أداء وزارة خارجية كيان الاحتلال ووزيرها، مطالباً بأن يقوم هو ورئيس الكيان بجولات في عواصم العالم لشرح روايتهم للأحداث.

صحيفة أمريكية: معدل قتلى جنود الاحتلال في غزة يتجاوز ضعــف عــــدوان 2014
نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن مسؤولين مطلعين قولهم إن «الجنود الإسرائيليين يُقتلون في غزة بأكثر من ضعف معدل قتلاهم في حرب 2014 التي شنّتها إسرائيل على غزة أيضا».
وأضافت الصحيفة أن مقاتلي المقاومة يُبدون جاهزية وقدرات أكبر من التي كانوا عليها، عندما غزا كيان الاحتلال غزة في 2014.
ومنذ أطلقت المقاومة الفلسطينية -وفي مقدمتها كتائب القسام- عملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أوقعت أكثر من 1538 صهيونياً وأصابت 5431، وفقا لصحف صهيونية، كما أسرت المقاومة ما لا يقل عن 242 صهيونياً.
ووصل عدد ضباط قوات الاحتلال القتلى في غزة إلى 345 حتى مساء أمس الأول، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم قوات الاحتلال، الذي أكد وجود 1200 معاق في صفوف قواته منذ عملية «طوفان الأقصى»، بينما اعترفت الحكومة الصهيونية بنزوح نحو ربع مليون صهيوني من المستوطنات القريبة من غزة ومناطق الشمال.

تقارير صهيونية: حماس تواصل استهداف قواتنا التي تعمل ببطء
تميزت تقارير المحللين العسكريين الصهاينة، أمس، بأنها تأتي بعد مرافقتهم أو مرافقة المراسلين العسكريين في صحفهم لقوات الاحتلال التي تحاول التوغل في قطاع غزة. ووفقا لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن الضباط الذين يقودون الاجتياح البري في القطاع، منذ ثمانية أيام، يقولون إن الوضع صعبُ للغاية.
وأشارت الصحيفة إلى أن “حماس” في هذه الأثناء مستمرة في القتال وتستهدف قوات الاحتلال التي “تعمل ببطء”، بحسب تعبير الصحيفة.
من جهتها أوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية أن “ادعاء جيش الاحتلال حول مقتل المئات من مقاتلي حماس وفصائل المقاومة عموماً مبالغ فيه”. وأضافت: “هناك ضباط يقولون إن هذه التقديرات لا تستند إلى الواقع حتى الآن. وهذه مصيدة معروفة في القتال في منطقة مبنية، وعلى إسرائيل أن تحاذر من التركيز على تعداد جثث مبالغ فيه، مثلما حدث مع الأميركيين، مثلا، في حرب فيتنام”.
وأكدت الصحيفة أن “الجيش الإسرائيلي يخوض حرباً حقيقية وليس عملية عسكرية محدودة، وهذا مقرون بقتلى وجرحى في جانبه”.
وأضافت: “وتستند حماس إلى منظومة أنفاقها الدفاعية، وترسل مقاتليها عن طريق فتحات الأنفاق من أجل إطلاق قذائف مضادة للمدرعات ووضع ألغام قرب آليات مدرعة إسرائيلية. وهي تستخدم أيضا طائرات مُسيّرة صغيرة وطائرات بدون طيار هجومية”.
وأشارت الصحيفة إلى إشكالية هذا الوضع. “الجيش الإسرائيلي أدخل إلى شمال القطاع قوات كبير تتحرك بمدرعات كثيرة. وذلك، في حرب مقابل مقاتلين يظهرون من تحت الأرض، ينطوي على ثمن بحياة (جنود الاحتلال)”.
واعترفت بأنه “رغم الضغط الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي، فإنه حتى الآن لا يمكن رصد استهداف كبير في منظومة القيادة والسيطرة في حماس”.

خبراء: المقاومة مستعدة لمعركة طويلة الأمد
أكد تقرير لوكالة “رويترز” أن المقاومة في قطاع غزة، وفي مقدمتها كتائب القسام، لديها القدرة على تعجيز قوات الاحتلال بتكتيكات حرب العصابات في المناطق الحضرية، وأن “حماس لديها من العتاد والأسلحة والصواريخ ما يمكّن مقاتليها -الذين يُقدّر عددهم بنحو 40 ألف مقاتل- من مواصلة المقاومة لشهور عديدة في مدينة من الأنفاق، محفورة إلى أعماق 80 متراً”، بحسب عدد من المتحدثين لـ”رويترز”.
ونقلت الوكالة عن المتحدثين، بينهم من وصفتهم بـ”مصادر” في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أن المقاومة استعدت لحرب طويلة وممتدة في قطاع غزة، ولديها القدرة على عرقلة تقدم العدو لفترة كافية لإجباره على الخضوع لشروطها، ووقف إطلاق النار.
وأشار المصدران إلى أنه في نهاية المطاف تعتقد حماس أن الضغط الدولي على “إسرائيل” لإنهاء الحصار يمكن أن يفرض وقف إطلاق نار، والتوصل إلى تسوية في التفاوض من شأنها الحصول على تنازل ملموس من الاحتلال؛ مثل: إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، مقابل الإفراج عن الأسرى “الإسرائيليين”.
وتنقل الوكالة عن 4 مسؤولين من حماس، ومسؤول إقليمي، ومصدر مطّلع على نهج التفكير في البيت الأبيض، أن حماس أوضحت للولايات المتحدة وكيان الاحتلال، خلال مفاوضات غير مباشرة، أنها تريد فرض الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية، مقابل إطلاق سراح الأسرى لديها.
وعلى المدى الأطول، قالت حماس إنها تريد إنهاء الحصار الصهيوني على غزة، المستمر منذ 17 عاما، فضلا عن وقف التوسع الاستيطاني في الضفة المحتلة، ووقف الانتهاكات الصهيونية في المسجد الأقصى، ومدينة القدس المحتلة.
وقال المصدر المطلع على نهج التفكير في البيت الأبيض إن واشنطن تتوقع أن تقوم المقاومة باستدراج قوات الاحتلال إلى معركة في شوارع غزة، وتكبيدها خسائر عسكرية فادحة، بما يكفي لإضعاف تأييد الجبهة الداخلية للاحتلال لصراع طويل الأمد.
ونقلت الوكالة عن خبير في الشؤون الدولية، وشارك في دراسات بشأن حماس، قوله إن “الحركة لا بد أن تكون لديها خطة أطول في الأمد، لمتابعة هجومها على الاحتلال”.
وأضاف أن “أولئك الذين نفذوا هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بهذا المستوى من الكفاءة، وهذا المستوى من الخبرة والدقة والقوة، لا بد أنهم مستعدون لمعركة طويلة الأمد؛ إذ لا يمكن لحماس أن تدخل في مثل هذا الهجوم دون أن تكون مستعدة بشكل كامل ومعبأة لمواجهة النتيجة”.
كما نقل تقرير وكالة “رويترز” عن مسؤولين لدى الاحتلال القول إنهم ليس لديهم أي تصور لِما قد ينتظرهم.