خلال أسبوع واحد، أعلنت ثلاثة بنوك أمريكية كبرى إفلاسها، فقد أعلنت السلطات الأمريكية، الأحد 12 آذار/ مارس 2023، إفلاس بنك «سيجنتشر»، بعد أن أعلنت إفلاس «سيلفرجيت كابيتال بنك» و»سيليكون فالي بنك».
وفي 15 آذار/ مارس 2023، هبطت أسهم بنك «كريدي سويس» السويسري المرموق بشكلٍ قياسي، إلى 1.88 دولارا للسهم، بنسبة انخفاض 24%، ما أثار مخاوف جدّية من انهيار البنك لدى المستثمرين المساهمين فيه، بمن فيهم ثلاث مؤسسات استثمارية خليجية تمتلك ما يصل إلى 20% من أسهمه.
وما إن بدأ نزيف البنوك الأمريكية والبنك السويسري حتى انطلقت التكهنات بأن العالم مقبل على انهيار اقتصادي كبير، فيما حذر محللون اقتصاديون من عمليات احتيال منظمة الغرض منها الاستيلاء على أموال وأسهم شركات ومؤسسات وبنوك عالمية تتعامل مع تلك البنوك، وأبرزها أموال خليجية.
وتزايدت المخاوف من عمليات الاحتيال للاستيلاء على أموال المساهمين الخليجيين، بعد الهبوط الحاد لأسهم بنك «كريدي سويس» السويسري، حيث ذكر اقتصاديون أن أكبر المساهمين فيه مؤسسات وهيئات خليجية، أبرزها: البنك الأهلي السعودي (SNB) وجهاز قطر للاستثمار (QIA) ومجموعة العليان السعودية (TOG).
وعبر حسابه في «تويتر»، قال الكاتب السعودي المختص في الاقتصاد والاستثمار، عبد الله الخميس: «بعد خسارته ربع قيمته السوقية في جلسة واحدة، بنك كريدي سويس يُكبّد ثلاث مؤسسات خليجية ثمانية مليارات دولار».
وقدّر «الخميس» خسارة «العليان» بـ3.91 مليار دولار، وجهاز قطر للاستثمار بـ3.44 مليار دولار، والبنك الأهلي السعودي بـ740 مليون دولار حتى اليوم. وقد يبرر فرق سعر شراء الأسهم زيادة خسائر (TOG) و(QIA) مقارنةً بـ(SNB) الذي استثمر في المصرف بعد تدهور سهمه أخيراً.
وأشار الكاتب الاقتصادي إلى أن تقديراته مستقاة من بيانات وكالة «بلومبرغ» المتخصصة، و»حسابات موقع الشرق». ولم يتسنَّ التحقق من دقة هذه التقديرات بشكل منفصل.
ونهاية كانون الثاني/ يناير 2023، أفادت وكالة «رويترز» بأن جهاز قطر للاستثمار رفع حصّته في «كريدي سويس» إلى 6.87% بشرائه 139.03 مليون سهم إضافية بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2022، وبذلك بلغ إجمالي حصّة (QIA) في البنك السويسري 272.25 مليون سهم.
وأوضحت «رويترز» آنذاك أن الجهاز القطري بات بذلك «ثاني أكبر مساهم في البنك السويسري، بعد البنك الأهلي السعودي» الذي يمتلك نحو 10% من أسهم البنك السويسري، مقابل 3% من الأسهم لمجموعة العليان السعودية، وهو ما عدّته الوكالة «إشارة إلى تزايد أهمية قاعدته من المستثمرين الخليجيين» الذين يملكون مجتمعين نحو 20% من أسهمه.
أعقب ذلك إعلان البنك، في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، خطط إعادة هيكلة تهدف إلى جمع أربعة مليارات فرنك سويسري من المستثمرين (نحو 4.3 مليار دولار)، وإلغاء آلاف الوظائف، وتحويل تركيزه من الخدمات المصرفية الاستثمارية إلى عملائه الأثرياء.
أما تراجع أسهم «كريدي سويس»، الذي تأسس عام 1856، إلى أدنى مستوى على الإطلاق، الأربعاء 15 آذار/ مارس 2023، فقد جاء بعد ساعاتٍ من تصريح رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي، عمار الخضيري، بعدم وجود نيّة لزيادة الاستثمار في «كريدي سويس»، لما قد يترتب على ذلك من «تداعيات تنظيمية»، مضيفاً أن البنك الأهلي سيتخارج من «كريدي سويس» عند تحقيق القيمة المطلوبة للاستثمار، لافتاً إلى أن سعر السهم في البنك «رخيص جداً حالياً».
كذلك، أعلن «كريدي سويس» أنه سيستخدم «الخيارات المتاحة» له لـ»تعزيز السيولة بشكل استباقي»، عبر تأكيد عزمه اقتراض نحو 54 مليار دولار (50 مليار فرنك سويسري) من المصرف المركزي في سويسرا، علماً بأن البنك تمسك بأن وضعه المالي لا يشكل مصدر قلق، فيما وصف رئيسه التنفيذي احتياطيات النقد في البنك بأنها «ما زالت قوية جداً».
بعد التعهدات بتقديم القرض الضخم للبنك، عادت أسهم «كريدي سويس» إلى الانتعاش بارتفاع ناهز 32%، في محاولة لتعويض خسائر الأربعاء. مع ذلك، سارعت بضعة مصارف إلى خفض التعامل معه. وذكرت «بلومبرغ» أن مصرف «بي إن بي باريبا» قال إنه توقف عن قبول بعض الاتفاقات التي يكون «كريدي سويس» طرفاً فيها.
خبراء المال والاقتصاد أكدوا أن الخوف من إفلاس البنك السويسري، كما حدث مع البنوك الأمريكية الثلاثة، دفع بالعديد من المساهمين إلى الإسراع في بيع أسهمهم بمجرد انتشار أخبار هبوط أسهم بنك «كريدي سويس»، الأمر الذي عرضهم لخسائر فادحة تقارب ثُلث قيمة أسهمهم.
وأشار خبراء المال والاقتصاد إلى أن البنوك الأمريكية الثلاثة يُساهم فيها الكثير من المؤسسات والشركات والبنوك ورواد الأعمال الخليجيين، حيث تم تسريب معلومات عن توقع انهيارها قبيل أيام من إفلاسها، ما دفع الكثير من المساهمين للمسارعة إلى بيع أسهمهم بأسعار زهيدة، وقدروا ذلك بملايين الأسهم، لافتين إلى أن نحو عشرة بنوك خليجية خسرت قرابة 15 مليار دولار، متأثرة بإفلاس بنك «سيليكون فالي» الأمريكي، وهو البنك السادس عشر الأكبر في البلاد، وهو ما وُصف بأنه أكبر انهيار لبنك أمريكي منذ عام 2008، والسبب الأساس للانهيار كان قيام بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة، ما نتج عنه عمليات سحب ضخمة للعملاء أدت إلى إفلاسه.