اليمن بالحبر الغربي -
يشير معهد دول الخليج في واشنطن، إلى أن «من حقائق الحرب في اليمن أنه كلما طالت الحرب اقترب الحوثيون وإيران. وهذه بحد ذاتها مفارقة مأساوية، حيث خاضت السعودية حرباً في اليمن منذ آذار/ مارس 2015 لمنع هذا السيناريو بالضبط».
وكانت السعودية قلقة من أن الحوثيين، الذين سيطروا على صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، قد يصبحون وكيلاً إيرانياً على غرار «حزب الله»، على حدودها الجنوبية.
ووفق المعهد فإن «الحرب، التي قادتها السعودية، والتي كان تخطيطها سيئاً وإدارتها أسوأ، دفعت بالحوثيين إلى أحضان إيران».
ففي السنوات التي سبقت التدخل العسكري عام 2015، كان لدى الحوثيين وإيران أفضل ما يمكن وصفه بأنه عامل جذب متبادل، فنظرة إيران إلى الحوثيين تكمن في أنهم جماعة يمكن أن توجع السعودية، بينما رأى الحوثيون إيران صديقا محتملا ونقطة مقابلة للسعودية.
لكن لا يزال هناك قدر من الحذر على كلا الجانبين، فالحوثيون تقليديون ويمثلون «الشيعة الزيديين»، وهو ما يختلف عقائدياً عن طائفة الشيعة الإثني عشرية التي تحكم إيران.
وبين عامي 2014 و2017، خاصة مع دخول عقوبات الأمم المتحدة ضد الحوثيين حيز التنفيذ، بدأت إيران تقديم المزيد من المساعدة، سواء في شكل أسلحة أو مساعدات اقتصادية.
وكان دعم إيران للحوثيين، خلال هذه الفترة، سياسة منخفضة التكلفة وعالية المكاسب لسنوات، فتشحن إيران بعض الأسلحة وترسل بعض المستشارين، وتغرق السعودية في حرب لا تستطيع الفوز بها، وكلفتها الملايين والملايين، ودمرت سمعتها لدى المشرعين الأمريكيين.
ولكن سرعان ما اعتمد الحوثيون، الذين أصبحوا معزولين دولياً بشكل متزايد، على إيران كواحد من أصدقائهم الموثوق بهم القليلين.
وازدهرت تلك الصداقة وتحولت إلى تحالف في عام 2017، عندما بدأت إيران في توريد مكونات الصواريخ الباليستية وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار والمستشارين العسكريين من إيران و»حزب الله» إلى اليمن.
وحسب المعهد، فإن صواريخ «سكود» التي استولى عليها الحوثيون من مستودعات صنعاء عقب السيطرة عليها، كان مداها حوالى 185 ميلاً، ما سمح للحوثيين بإطلاقها عبر الحدود اليمنية مع السعودية؛ لكنها لم تقترب من تهديد الرياض.
تغير هذا عندما بدأت إيران في تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية بمدى طويل يزيد على 550 ميلاً، تم إطلاق أولها في أيار/ مايو 2017.
ومن خلال إمداد الحوثيين بهذه الصواريخ، التي أتاحت الفرصة لانتقال الحرب إلى السعودية والإمارات، أظهرت إيران أهميتها للحوثيين، فضلاً عن مكانتها المتفوقة داخل التحالف.
لكن هجمات أيلول/ سبتمبر 2019، على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص، أشارت إلى واقع متغير.
ومع مرور نحو 9 سنوات على الحرب في اليمن، تبحث السعودية والإمارات بشدة عن مخرج من اليمن. في الوقت نفسه، يتطلع النظام الإيراني إلى تخفيف الضغط بعد شهور من الاحتجاجات.
ولكن حسب المعهد، فإن الحوثيين لا يشعرون بالقدرة على عقد صفقة مع السعودية بأنفسهم، وبدلاً من ذلك، قد يطبقون الشروط من خلال اتصالاتهم مع إيران.
ويضيف: «من المرجح أن تتعامل إيران مع مطالب جديدة، في محاولة لإعاقة السلام في اليمن، وذلك للضغط على السعودية».
وقبل أيام، نقلت وكالة «أسوشييتد برس»، عن مسؤول في الأمم المتحدة، أن السعودية وجماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في اليمن أعادوا إحياء المحادثات الثنائية، حيث يأمل الجانبان تعزيز وقف إطلاق النار غير الرسمي، وتمهيد الطريق لإنهاء الحرب الأهلية الممتدة منذ سنوات.
لكن المراقبين يقولون إن من غير المرجح أن يسفر عن جولة المحادثات الحالية بين السعودية والحوثيين اتفاق حول القضايا الجوهرية أو حتى الجزئية.

معهد دول الخليج في واشنطن