اليمن بالحبر الغربي -
مرت العلاقات السعودية الإيرانية بمحطات صعود وهبوط خلال 43 عاماً منذ الثورة الإيرانية. لكن هذه العلاقات انقطعت تماماً في عام 2016، بعد أن هاجم متظاهرون السفارة السعودية في إيران، احتجاجاً على إعدام رجل الدين الشيعي السعودي «نمر النمر».
وخلال العامين الماضيين أجرى البلدان 5 جولات من المحادثات حققت بعض النتائج الإيجابية؛ لكن هذا الحوار توقف بعد اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في إيران في أيلول/ سبتمبر الماضي. ويبدو أن العلاقات بين البلدين عادت مرحلة متدنية، فيما يتكهن البعض بأن مسار التفاوض قد انهار للأبد.
واستغلالاً للاحتجاجات، أطلقت السعودية حملة بروباجاندا ضخمة ضد إيران من خلال وسائل الإعلام التابعة لها والمتحدثة بالفارسية، ما أغضب السلطات الإيرانية التي اتهمت المملكة بمحاولة تحريض الشباب الإيرانيين.
وحذر قائد القوة البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الأدميرال علي رضا تنكسيري، قائلاً: «لا ينبغي لمن يسكن قصراً من زجاج أن يرمي منازل الآخرين بالحجارة».
وأدت هذه التطورات إلى تعقيد مستقبل المفاوضات الإيرانية السعودية، وأزالت المحادثات من أجندة طهران. ولكن ما هو تقييم الرياض للموقف؟
يمكن رؤية موقف السعودية فيما يتعلق بانفراجة محتملة مع إيران (بافتراض استقرار الأخيرة) في ضوء 3 عوامل: حرب اليمن، دور الإدارة الأمريكية في الوساطة، وحركة التطبيع المستمرة مع «إسرائيل».
وتعد اليمن القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة للسعودية، حيث تبحث عن خروج آمن؛ لكن لم يعد لديها الكثير من الخيارات في هذا الصدد، خاصة بعد انتهاء الهدنة التي استمرت 6 أشهر مع الحوثيين في تشرين الأول/ أكتوبر.
ولدى الحوثيين الآن اليد العليا عسكرياً في اليمن، ويسيطرون على شمال البلاد، وقد أرسلوا سفيرين إلى إيران وسورية، ولديهم ممثلون دبلوماسيون في العراق ولبنان وعُمان، ويمارسون الآن ضغوطاً هائلة على مجلس القيادة الرئاسي في اليمن. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، استهدفوا سفينة شحن، في محاولة لتعطيل صادرات الحكومة النفطية التي تعد مصدراً مهماً للإيرادات.
وبعد أيام من انتهاء مدة الهدنة، هدد الحوثيون بمهاجمة الإمارات والسعودية، وهو الأمر الذي يثير قلق المستثمرين الأجانب. وتدرك الرياض بالتأكيد أن تفجير المنشآت النفطية لعام 2019 يمكن تكراره، مما يجعل السعودية حريصة على المحادثات مع إيران حتى لو في الحد الأدنى.
وفي الوقت الحاضر، فإن العلاقات بين السعودية وإيران متوترة بشكل كبير، وليس من الواضح متى ستجري جولة سادسة من المحادثات. ومع ذلك، يدرك البلدان أنهما لا يستطيعان حل المشكلات الإقليمية دون تعاون.

محمد سلامي- «ميدل إيست آي»