فوفا كي فارتال 95.. المهرج (زيلينسكي)
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
«أؤكد لك أني قد حصلت على فرصة للتعلم منك. لقد استخدمنا عدداً لا بأس به من مهاراتك ومعرفتك وتمكنا من استخدامها». «كل من هم حولنا هنا أصدقاؤك» (فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في تموز/ يوليو 2019).
***
كان الملياردير اليهودي إيجور كولومويسكي هو الممول لحملة الممثل الكوميدي اليهودي فولوديمير زيلينسكي للوصول إلى كرسي الرئاسة الأوكرانية، وهو أيضاً أحد أكبر المتسببين في أزمات أوكرانيا الاقتصادية، والمتورط في قضايا غسل أموال في أمريكا، والمتهم بالاختلاس واستغلال النفوذ وسرقة أموال بنك «بريفات» الذي تم تأميمه من الحكومة وتصل المبالغ المستحقة عليه إلى أكثر من 5 مليارات يورو.
يملك كولومويسكي، الذي يدير أعماله من سويسرا، والبالغ من العمر 59 عاماً، ثلاث جنسيات (الأوكرانية و«الإسرائيلية» والقبرصية)، ويمتلك نفوذاً طاغياً استناداً إلی أمواله وعلاقاته برجال السياسة واليهود. وهو ومن وراءه هؤلاء هم من دفعوا بيهوديٍ آخر (زيلينسكي) لتنفيذ أجندتهم، وهي بالطبع أجندة واشنطن ولندن لمحاصرة روسيا واستنزافها، وهم أيضاً من جعلوه سبباً رئيساً للحرب ودمار أوكرانيا.
في 25 كانون الثاني/ يناير 1978 ولد فولوديمير زيلينسكي لأبوين يهوديين في مدينة كريفي ريه. وبعد انتهائه من الدراسة الثانوية حصل على منحة تعليمية للدراسة في الكيان الصهيوني، الذي يحمل جنسيته إضافة للجنسية الأوكرانية.
في عام 2003 شارك زيلينسكي في تأسيس فريق إنتاج تلفزيوني عُرف باسم «الحي 95» أو بالأوكرانية «كفارتال 95». وكانت نقلته المهمة حينما لعب دور مدرس تاريخ في عمل تلفزيوني بدأ عرضه عام 2015 بعنوان «خادم الشعب» لتنقلب حياته رأساً على عقب بين ليلة وضحاها عندما انتشر له مقطع فيديو صوره أحد تلاميذه، وهو يتحدث بغضب عن الفساد في أوكرانيا وينتقد الحكومة والنخبة بلهجة حادة.
في ليلة رأس السنة عام 2019 أعلن زيلنيسكي ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية الأوكرانية في آذار/ مارس 2019. بدا إعلانه هذا وكأنه جزء من عمل استعراضي ترفيهي؛ غير أن «الكوميديان» تمكن بالفعل وبدعمٍ من اليهود بعد عدة أشهر، وتحديداً في 21 نيسان/ أبريل 2019 من تحقيق فوز ساحق على الرئيس السابق بترو بوروشنكو، من خلال أجندة شعبوية وعد فيها باستهداف طبقة الأوليغارشية ومنع أوكرانيا في الوقت عينه من أن تكون «شريكاً فاسداً للغرب» أو «الشقيقة الصغرى لروسيا». غير أنه وفي حفل تنصيبه هاجم روسيا بشدة.
خلال السنوات الثلاث الماضية واجه فوفا -كما يطلق عليه أصدقاؤه- صعوبات بالغة في الوفاء بوعد آخر من وعوده الانتخابية، هو «التصدي للنفوذ السياسي والاقتصادي الكبير الذي يتمتع به كبار الأثرياء الأوكرانيين»، حيث منعته من تحقيق ذلك العلاقة الحميمة التي تجمعه بالمليادير اليهودي إيجور كولومويسكي، الذي دعمت إمبراطوريته الإعلامية حملة زيلينسكي الانتخابية.
على جانب آخر أخذت علاقته ببوتين مناحيَ مختلفة، وتبادل معه المناوشات اللفظية، إلى أن وصل الأمر حد اتخاذ الرئيس الأوكراني منحى أكثر صداماً مع روسيا، كملاحقة أصدقائها في كييف وتوقيعه مع حلف «الناتو» خطاب نوايا للتعاون بين قوات العمليات الخاصة في فبراير/ شباط 2021، كما زودته أمريكا بمنظومة صواريخ «جافلين» المضادة للدبابات وزوارق دوريات وبنادق قنص ومحطات رادار مضادة لبطاريات المدفعية والصواريخ ومساعدات دفاعية بقيمة 200 مليون دولار، فيما زودته بريطانيا بقاذفات قنابل يدوية مضادة للدبابات من طراز (إن إل أي في)، وزودته تركيا بطائرات مسيرة هجومية.
وترى موسكو في توسع الناتو شرقاً تعدياً عليها ونقضاً لوعد الولايات المتحدة بأنه «لن يكون هناك تمدد لقوات الناتو بوصة واحدة إلى الشرق» الذي قدمه وزير خارجيتها آنذاك جيمس بيكر لميخائيل جورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفييتي) خلال زيارته موسكو في فبراير/ شباط 1990 لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين، والذي تؤكد أمريكا أن المقصود به كان «شرق ألمانيا»؛ بينما تصرُّ روسيا على أن المقصود كان الصورة الأوسع.
قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022 كانت معدلات زيلينسكي وأرقامه في الحضيض، ولم يكن شعبه راضياً عن أدائه، خاصة مع عدم تمكنه من تحقيق وعوده الانتخابية بكبح نفوذ رجال الأعمال والأوليجارشيين أو إحلال السلام في شرق أوكرانيا وتطبيق «اتفاق مينسك»، علاوة على دعمه للقوميين المتطرفين وظهور اسمه في «وثائق باندورا» العام الماضي واتهامه بامتلاك حصة في شركة وهمية مسجلة في جزر فيرجن البريطانية. وبحسب التسريبات استثمر شريك زيلينسكي التجاري في «كفارتال 95» - والذي أصبح لاحقاً مساعداً رئاسياً كبيراً- سيرجي شفير جزءاً من أموال الشركة الفنية التجارية في العقارات الراقية في لندن، بينما تذكر وثائق باندورا أن زوجته أولينا مستفيدة من إحدى الشركات الخارجية.
غير أن مقاطع الفيديو التي يبثها عبر حسابه على «إنستجرام» وتحصد ملايين المشاهدات، واتصالاته بقادة ودول العالم لبحث كيفية دعم بلاده، جعلت من المهرج الشعبوي الذي كان يرى في دونالد ترامب مُعلماً وأستاذاً، بطلاً قومياً في نظر شق آخر من الأوكرانيين، فيما ينقم عليه الشق الآخر ويحملونه مسؤولية الحرب والدمار، فيما الحقيقة أن المهرج ما يزال يقوم بدوره السابق، إنما ليس خادماً للشعب كما كان اسم مسلسله وحزبه، بل عبداً للصهيونية العالمية.
يقول محرر صحيفة «ذا أوديسا ريفيو» الأوكرانية، فلاديسلاف دافيدزون، عن زيلينسكي: «الكوميديا التي كان يؤديها هي كوميديا صبيانية، سوقية، للطبقات العاملة، أو ما يسميه الروس: المرح السوقي»، ليحول زيلينسكي تلك الكوميديا إلى تراجيديا قاتلة، وذلك المرح إلى موت زؤام.
المصدر «لا» 21 السياسي