صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية
ترجمة  خاصة : زينب صلاح الدين / لا ميديا -
لقد ازداد عدد ضربات الصواريخ والمسيرات على المملكة التي يشنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران بالتزامن مع تداعي العلاقات الـسعودية مع أمريكا.
ناشدت السعودية بلدان الإقليم مساعدتها في تجديد مخزون الصواريخ المضادة المستنزفة من نظام الدفاع الجوي باتريوت الأمريكي، جراء تصاعد ضربات المسيرات والضربات الصاروخية التي يشنها المتمردون اليمنيون على المملكة.
قال مسؤول أمريكي رفيع إن إدارة بايدن دعمت خطوات تجديد الصواريخ من الخليج وسط مخاوف من أن ينفد مخزون الباتريوت خلال «شهور» بالنظر إلى معدل الهجمات الحالي على المملكة من قبل المتمردين الحوثيين. لذلك لا بد من أن تعطي الضوء الأخضر لعملية نقل الصواريخ المضادة.
وقال المسؤول لـ«فايننشيال تايمز»: «إنها حالة طارئة. هناك أماكن أخرى في الخليج حيث بإمكانهم أن يحصلوا عليها، ونحن نحاول العمل على ذلك. فربما تكون البديل الأسرع (لمبيعات الأسلحة الأمريكية)».
وأكد شخصان تم إطلاعهما على المحادثات بين السعودية وجيرانها أن الرياض طلبت بالفعل مثل هذه الطلبات. وقال أحد الشخصين: «يوجد نقص في مخزون المضادات، وقد طلبت السعودية شحنة منه من أصدقائها، إلا أنه لا يوجد الكثير ليكون بحوزتها».
وقال الشخص الآخر إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أشار إلى هذه المسألة في إحدى قمم مجلس التعاون الخليجي في الرياض في كانون الأول/ ديسمبر، ثم تواصلت المملكة مع دول في الإقليم بشكل مباشر.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان جيران السعودية قادرين على تزويدها بالذخيرة المطلوبة أم لا.
يقول الخبراء إن ذلك مجرد إجراء زمني قصير للإسهام في التعويض عن الوقت الذي تستغرقه المملكة لنيل موافقة أمريكا بالنسبة لمبيعات الأسلحة. فالسعودية تستورد معظم أسلحتها من الولايات المتحدة، لكن قدرتها على الحصول على الأسلحة من واشنطن تعقدت بسبب انتقاد كلا الحزبين على خلفية شن حربها على اليمن، بالإضافة إلى ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان تحت قيادة الأمير محمد.
وقال مسؤول رفيع آخر في الإدارة الأمريكية إن واشنطن كانت «تعمل عن كثب مع السعودية والبلدان الأخرى الشريكة لضمان عدم وجود أي تقصير في هذا التعويض».
وقال مسؤول أمريكي ثالث إن المتمردين الحوثيين- الموالين لإيران ويسيطرون على شمال اليمن- صعدوا ضرباتهم على المملكة في السنة الماضية، حيث نفذوا 375 ضربة عابرة للحدود على السعودية، ومعظم الأماكن المستهدفة هي البنية التحتية للنفط والمطارات والمدن.
قال المسؤول: «والرد على هذه الضربات باستخدام هذا النوع من المضادات يعني أنهم سيضطرون إلى أن يكون لديهم معدل حرق أسرع مما تصوروه في السابق. وهذا شيء يجب أن نتعامل معه، والإجابة على ذلك ليست فقط المزيد من الاعتراضات، وإنما الإجابة هي في نهاية المطاف حل دبلوماسي للأزمة في اليمن».
تستنزف أنظمة الدفاع السعودي غالبية المقذوفات. بيد أنه قد وقع 59 مدنياً قتيلاً منذ أن شنت الرياض حربها على الحوثيين منذ سبع سنوات وفقاً للعميد الركن تركي المالكي الناطق باسم الدفاع السعودي.
وأضاف العميد أن المملكة «ثمنت شراكتها المتينة والقوية مع الولايات المتحدة. تعاوننا العسكري مستمر، وسوف نواصل عملنا بشكل وثيق مع شركائنا الأمريكيين في مواجهة تهديد الصواريخ الباليستية والمسيرات».
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد جمد بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية بعد وقت قصير من دخوله البيت الأبيض، وأنهى الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.
ولقد تعهد بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض، وانتقد المملكة على جريمة قتل خاشقجي في 2018 على أيدي وكلاء سعوديين. كما أن الديمقراطيين التقدميين يعارضون دعم المملكة.
في السنة الماضية أعادت واشنطن نشر توزيع بعض أنظمة باتريوت خارج السعودية. وفي المقابل يصر مسؤولون في إدارة بايدن على التزامهم بدفاع المملكة، وقد وافقت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً على بيع 280 من صواريخ جو جو. وفي كانون الأول/ ديسمبر رفض مجلس الشيوخ محاولة الحزبين حظر صفقة بـ680 مليون دولار.
وقال المسؤول الأمريكي الرفيع إن المائتين وثمانين من صواريخ جو جو ستمثل «مساعدة كبيرة». غير أنه قال إن الأسلحة ستستغرق وقتاً كي تصل إلى المملكة، مضيفاً أن الرياض احتاجت إلى مضادات الباتريوت «علاوة على ذلك لمساعدتها على تجاوزها».
قال: هذه البلدة قاسية على السعوديين. «وحتى مجرد القول بأننا ملتزمون بالدفاع السعودي هو تصريح متهور في هذه البيئة».
قال ليود أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، لمؤتمر شرق أوسطي في تشرين الثاني/ نوفمبر، إن «واشنطن كانت تدعم السعودية بشدة للدفاع عن نفسها».
كانت السعودية تقاتل الحوثيين منذ قيادتها لتحالف عربي تدخل في حرب اليمن الأهلية في عام 2015 بعد أن قام المتمردون بطرد الحكومة اليمنية والاستيلاء على العاصمة صنعاء.
وكان تدخل الرياض مدعوماً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لكن قيادتها هذه قد جلبت الانتقادات الواسعة وأشعلت الضغوطات على الحكومات لوقف بيع الأسلحة للمملكة، جراء مقتل الآلاف من المدنيين اليمنيين نتيجة الغارات الجوية للتحالف، بمن فيهم المئات من الأطفال.
قال سيث جي جونز، مدير برنامج الأمن الدولي في «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية»، إنه كان هناك اعتراف متزايد في واشنطن بخطر الحوثي على السعودية، وقلق من تحول اتجاه الرياض إلى الصين، إذا لم تدعم واشنطن المملكة. ويعارض العديد من عناصر الوسط في الحزب الديمقراطي التقدميين بحجة: «نحن بحاجة إلى الدفاع عنها (السعودية) من الخصوم واستباق التحركات الصينية».

8 كانون الثاني/ يناير 2022