فيبكه ديـل
ترجمة خاصة : نشوان دماج / لا ميديا -
يحرز أنصار الله "الحوثيون" تقدماً أكثر فأكثر نحو مأرب، العاصمة الإقليمية للمحافظة الغنية بالنفط والغاز، التي تحمل الاسم نفسه في شمال اليمن. فـ"الرئيس" عبد ربه منصور هادي، بـ"حكومته" التي لم يتم إضفاء الشرعية عليها ديمقراطياً منذ ست سنوات، وتحالف الحرب الداعم لها بقيادة السعودية، قد يخسرون المدينة المهمة اقتصادياً واستراتيجياً، وبالتالي يخسرون الحرب طويلة الأمد. حيث إن مأرب تعتبر "بوابة" لمزيد من الفتوحات في جنوب البلاد، التي يسيطر عليها هادي والانفصاليون من المجلس الانتقالي الجنوبي.
تقع مأرب على بعد حوالي 120 كيلومتراً شرق العاصمة اليمنية صنعاء، التي سيطر عليها أنصار الله في عام 2014، كما سيطروا على أجزاء كبيرة من شمال اليمن. ومع بداية هذا العام، كثف المقاتلون الحوثيون هجومهم على عاصمة المحافظة (مأرب)، فيما كثفت الرياض والأمم المتحدة والإدارة الأمريكية، ودول غربية أخرى تعترف بـ"حكومة" هادي، جهودها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وبالرغم من المزاعم التي يدعيها تحالف الحرب، فإنه لم يوقف بأي حال من الأحوال حربه العدوانية على اليمن. بل على العكس من ذلك، حيث قام مؤخراً بتكثيف هجماته الصاروخية والمدفعية، لاسيما على محافظة الحديدة، التي تعتبر عاصمتها منطقة محايدة بموجب اتفاق تم التفاوض بشأنه عام 2018 تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك بعد أيام فقط من زيارة مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، جاكوب سوليفان، إلى الرياض. في 29 أيلول/ سبتمبر تحدثت قناة "المسيرة" التابعة لأنصار الله عن 60 غارة جوية على منطقة مأرب في غضون 48 ساعة. وبالتالي فإن الوعد الذي قطعه بايدن في كانون الثاني/ يناير بعدم دعم أي "أعمال عدوانية" أخرى من قبل تحالف الحرب يتضح مرة أخرى أنه مهزلة.
وبطبيعة الحال لم يتم الاستجابة لمطلب أنصار الله، الذي تقدموا به وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2451) لعام 2018، بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة الضروري لإمداد ملايين اليمنيين. منذ خمس سنوات حتى الآن، أصبح دخول الغذاء والوقود والأدوية أكثر صعوبة، مما جعل حياة 26 مليون نسمة معرضة للخطر. وحتى الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، لم يتم السماح بدخول ناقلة تحمل 8473 مترا مكعبا من الغاز إلى الحديدة، بعد أن احتجزتها السلطات السعودية قرابة ثلاثة أشهر. لقد عانى الاقتصاد اليمني المحطم من أضرار بمليارات الدولارات نتيجة للحصار، وهناك أكثر من 30 ألف شخص لا يمكنهم السفر لتلقي العلاج في الخارج. بالإضافة إلى حرمان الملايين من حقهم في حرية السفر، لأغراض السياحة أو الدراسة أو العمل، وكذلك لزيارة عائلاتهم.
إن حقيقة عدم إمكانية السفر بطائرة إلى صنعاء كلفت الطالب البالغ من العمر 30 عاماً، والمواطن الأمريكي من أصل يمني، عبدالملك السنباني، حياته يوم 9 سبتمبر. فبعد عشر سنوات قضاها في الغربة، انتهى به المطاف في مطار عدن، ليتعرض بعد ذلك بوقت قصير للتعذيب والقتل بقسوة على أيدي العصابات المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة -التي عُرفت منذ سنوات بأنها تدير سجون تعذيب سرية في جنوب اليمن- وذلك بعد أن أوقفوه باعتباره حوثياً وأحد أعضاء أنصار الله. السنباني ليس حالة استثنائية، فالاعتداء على المدنيين وعمليات التعذيب و"الإخفاء القسري" والقتل، وكذا التفريق العنيف للمظاهرات في عدن ومحيطها، هي أمور تأتي في صميم جدول الأعمال اليومي لتلك العصابات. ولا تزال "قوات الأمن" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، التي يتم تسليحها من أبو ظبي بأسلحة ألمانية، بلا عقاب في الغالبية العظمى من الحالات.
أما الاشتباكات الدامية بين فصائل المجلس الانتقالي، والذين طالما قاتلوا في السنوات الأخيرة جنباً إلى جنب مع حلفائهم الاسميين في "حكومة" هادي، فقد أسفر عنها مقتل الكثير من العناصر الانفصالية. كما طُلب من سكان منطقة كريتر في عدن، والتي تضم أيضاً البنك المركزي التابع لـ"حكومة" هادي وعدداً من المقرات الحكومية، عدم مغادرة منازلهم؛ حيث لم يكن بالإمكان حسم الخلاف بين الفصائل إلا باستخدام العربات المدرعة.

الموقع: "العالَم الفَتيّ" (jungewelt)