لا ميديا -
بين حقول التبغ في «عيتا الشعب» وتلال فلسطين مسافة بيدر كان الحاج وهبي سرور يُسرج إليه فرسه كل صباح لحراثته وبذره. وبين المحراث وأوراق التبغ كان ثمة صبي يدب بين الأثلام بسنواته العشر، فيرفعه أبوه إلى صهوة الفرس أثناء حراثته، ليرنو الصبي بعيداً سائلاً عن أولئك الرجال الذين يدخلون من «خلة وردة» في عيتا مدججين بالسلاح، يدوسون بآلياتهم كل البيادر، ليجيبه الأب بأنهم جنود صهاينة، وأنّهم لصوص ومجرمون، فسأل الصبي عندها أباه: «متى سيرحلون عن أرضنا؟!»، فيجيب الأب مع تنهيدة بعيدة: «إن شاء الله يأتي في يوم من يقدر أن يطردهم ويبعدهم عنّا».
ولد محمد وهبي سرور عام 1970 في عيتا الشعب جنوب لبنان، وفي الضاحية الجنوبية لبيروت تلقى تعليمه.
كان لاجتياح العام 1982 وقع الصدمة على اللبنانيين عامة، وأبناء جبل عامل خاصة، حيث وصل الاجتياح إلى قلب بيروت، وأمام ضربات المقاومة انسحب الصهاينة بالتدريج واحتفظوا بشريط حدودي شيدوا فيه جداراً من العملاء الذين راحوا ينكلون بالساكنين ترغيباً بالعمالة، وترهيباً بالاعتقال.
وجاء العام 1987 ليشكل عام النضج المقاوم عند محمد وبداية انخراطه في مشروع المقاومة الإسلامية. كان قد أنهى دراسته الجامعية واقترن بامرأة كانت تدرك جانباً من حياته المحفوفة بعناوين الجهاد وقسوة العيش، وعقدا قرانهما في العام 1992 عند سماحة السيد حسن نصر الله الذي كان استلم حينها مقاليد الأمانة لحزب الله خلفاً لسيد شهداء المقاومة الإسلامية عباس الموسوي.
مع الأشهر والسنوات، تصاعد مشوار الترحال الدائم بفعل عمله المقاوم الذي كبر معه سريعاً بفعل همته العالية وإخلاصه. وفي عمله المقاوم أطلق على نفسه اسم «جهاد رضا العاملي» ليمسي "الحاج جهاد" محط أنظار المقاومين التواقين للعمل معه، وموضع إكبار عند قيادة المقاومة، التي أسندت إليه مهام كبرى وجليلة: حمل الأسلحة ونقلها إلى الجبهات، ونقل البارود إلى مقالع المقاومين في جبل عامل والبقاع، وتطلب ذلك حرصاً على كتمان عمله المقاوم وحركاته المحسوبة بدقة، فليله نهار، ونهاره ليل، ولايزال الكثير مما جرت به أيامه ولياليه طي الكتمان إلى اليوم. وبحسب زوجته: "لم أره يوما يحمل السلاح أو يرتدي ملابس عسكرية". 
صبيحة 12 تموز 2006، نهض عند السادسة صباحاً، بعدما كان قد عاد إلى منزله منتصف الليل، وانطلق لخوض معركة قاسية ألحقت بالصهاينة هزيمة مدوية تناثر فيها حطام الميركافا وأشلاء جنود الاحتلال من عيتا الشعب إلى بنت جبيل.
استشهد في 25 يوليو 2006 في منطقة باريش.