تقرير - لا ميديا -
دفعت قوات الاحتلال الإماراتي، الأحد، بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة عدن المحتلة، ما يعكس حجم المخاوف من سقوط المدينة، آخر معاقل مرتزقتها. 
مصادر أكدت أن قوات كبيرة تضم مدرعات وأسلحة نوعية وصلت من ميناء المخا إلى معسكر الانتقالي في جبل حديد، برفقة عدد من ضباط الاحتلال، الذين التقوا بالمرتزق أوسان العنشلي، قائد فصيل ما يسمى "العاصفة"، والتحرك لاقتحام الحي القديم (كريتر).
المعارك الطاحنة بين فصائل ما يسمى المجلس الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، في مديرية كريتر بمدينة عدن المحتلة، كانت قد اتسعت رقعتها إلى خور مكسر وجزيرة العمال وشملت معسكر بدر؛ ليجد المواطنون في عدن أنفسهم أمام شبح تكرار أحداث يناير 1986 التي راح ضحيتها أكثر من 10000 مدني في يوم واحد. 
فبالإضافة إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، رُصدت خسائر مادية جسيمة لحقت بعدد من المنازل ووسائل النقل والمواصلات في كريتر، وشمل ذلك احتراق 5 باصات صغيرة، و3 باصات كبيرة، و4 سيارات نوع سنتافي، وسيارة هايلوكس، فضلاً عن احتراق 6 محلات تجارية و10 منازل.
مراقبون يرون أن المواجهات كشفت الوجه المناطقي القبيح والمخيف لأدوات الاحتلال الإماراتي، من مرتزقة ما يسمى المجلس الانتقالي، واتخذت بُعداً مناطقياً في إطار حرب النفوذ والسيطرة العسكرية والأمنية بين الفصائل، ليُعلن بعد ذلك اقتحام حي كريتر وإخراج من سُموا "إرهابيين دخلاء" فيما كانوا لا يزالون حتى اليوم "رفاق درب واحد" يمولهم الجيب الإماراتي ذاته.
كما أن البُعد المناطقي الواضح جداً في المواجهات تمثَّل في التفاف مجاميع حول “إمام النوبي”، المنحدر من منطقة ردفان، التي يقول أبناؤها إنهم يواجهون حملات مناطقية من قِبل أبناء الضالع ويافع، ولدرجة أن إعلاميين وعسكريين وأمنيين مرتزقة ومقربين من فصيل الضالع ويافع كشفوا في تعاملاتهم وتناولاتهم للأحداث عن حقيقة البُعد المناطقي في المعركة، وقد برز ذلك من خلال تسميتهم لـ”إمام النوبي” بـ”إمام الصلوي” في إشارة إلى انحداره من المحافظات الشمالية وتحديداً محافظة تعز، بينما يؤكد أنصاره أنه من وسط ردفان.
وعلى إثر اقتحام حي كريتر، شن مرتزقة الانتقالي بقيادة المرتزق أوسان العنشلي عمليات انتقامية وصفت بالمروعة بحق سكان المدينة القديمة، تزامناً مع إعلانهم اتفاقاً يقضي بانسحاب الفصيل "المتمرد" بقيادة إمام النوبي. 
ونشر القيادي في ما يسمى الحراك الجنوبي، عبد الفتاح جماجم، مقطع فيديو يظهر اقتحام عناصر الانتقالي للمنازل واحداً تلو الآخر والاعتداء على النساء والأطفال، في كريتر.
كما أظهرت صور أخرى عناصر للانتقالي تنفذ إعدامات ميدانية طالت عدة شبان من أبناء كريتر، وسحلهم وتجريدهم من كافة ملابسهم، فيما أكدت مصادر محلية أن قوات الانتقالي نفذت عمليات سرقة ونهب للمنازل بما فيها الخاصة بمواطنين لا علاقة لهم بالمعارك الأخيرة.
وتعد هذه الجرائم امتدادا لسلسة عقاب جماعي مارسته فصائل الانتقالي منذ بدء هجومها على كريتر، بدءا بقطع خدمتي الإنترنت والكهرباء إلى جانب منع دخول الغذاء إلى المديرية المحاصرة منذ أيام.
وفي بيان لما يسمى "القوات الأمنية"، التابعة للانتقالي، جرى الحديث عن "بطولات" خاضتها لـ"استعادة المدينة"، وعن فرار المرتزق إمام النوبي إلى جهة غير معروفة، فيما تحدثت مصادر عن شروط فرضها شقيقه مختار، القيادي في ما يسمى "الحزام الأمني"، ومنها خروج أخيه بكامل قواته وعتاده دون أذى.
تحقق هذا الشرط على الأقل، فيما بقية الشروط ربما يأتي تحقيقها لاحقاً، حيث مازال التفاوض حولها جارياً، وتتمثل في إخضاع كل غرف العمليات لإشرافه، وتزويده بأسلحة نوعية ومدرعات وفقاً للعدد الذي يحدده هو. 
كما تتضمن الشروط إبعاد الوالي عن قيادة "الحزام" والربيعي عن قيادة "حزام عدن"، وإبعاد أوسان العنشلي عن قيادة "العاصفة" (فصيل إماراتي آخر)، وكذلك إبعاد "أصحاب العيدروس" من المراكز العسكرية القيادية بالانتقالي، فضلا عن الاعتذار العلني عن مداهمة منزله وتعويضه بمبلغ عشرين مليون ريال سعودي.

وكما يبدو، ليس في أجندة المتحاربين/ المتفاوضين مكان لما لحق بأهالي مديرية كريتر من خسائر في الأرواح والممتلكات جراء المعارك الدامية، ولا ما خلفته تلك المعارك من انعدام تام للمواد الغذائية داخل حيهم، جراء إغلاق المديرية ومنع أي دخول وخروج منها، الأمر الذي جعلهم يتضورون جوعاً ويطلقون نداءات استغاثة وصلت أصداؤها إلى وزارة الصناعة والتجارة في العاصمة صنعاء، فيما لم تبلغ مسامع المتحاربين على بعد خطوات منهم.

جرعة سعرية
عوضاً عن ذلك، أعلن، اليوم، عن جرعة جديدة في رغيف الخبز بمدينة عدن المحتلة، ليصل سعر القرص الواحد إلى خمسين ريالاً، بعد جرعة أوصلته قبل أشهر إلى أربعين ريالاً.
ووسط كل ما يحدث لمدينة عدن المحتلة وأبنائها، تبقى حكومة الارتزاق هي علامة الاستفهام الكبرى، فلقد ظلت حريصة كل الحرص على النأي بنفسها والبحث فقط عن مكان آخر لها، حيث تحدثت أنباء عن ترتيبات يجريها وزراء الفنادق لافتتاح مقرات لوزاراتهم في مدينة سيئون، مركز محافظة حضرموت المحتلة، ضمن ترتيبات لإعلان المدينة عاصمة ثالثة لشرعيتهم المزعومة.