معتصم دلول"ميدل إيست مونيتور"
ترجمة  خاصة :زينب صلاح الدين / لا ميديا -
كشف موقع «عربي 21» مؤخراً تفاصيل صفقة ثلاثية موقعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية تضع بنوداً صارمة فيما يتعلق بمراقبة جميع وسائل الإعلام الفلسطيني والتعليم والمناهج الدراسية، وعن إعادة تفعيل لجنة التحريض الثلاثية التي تتألف من الحكومات الثلاث.
تم توقيع الوثيقة في 14 يوليو 2012 خلال زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو إلى المنطقة. كما نصت الصفقة على تشكيل لجنة إسرائيلية-أمريكية لإعادة تقييم الأوضاع القانونية للسجناء الفلسطينيين ومن أجل الضغط على السلطة الفلسطينية لتنفيذ توصياتها.
وبناء على الاتفاق وافقت السلطة الفلسطينية على وجوب مراقبة أفراد المقاومة الفلسطينية والمعتقلين داخل سجونها في الضفة الغربية المحتلة من قبل اللجنة الثلاثية. ووفقاً لـ”عربي 21” نص الاتفاق على أن يتم التحكم بالسلطة الفلسطينية من خلال تعاونها الأمني مع إسرائيل ومن الآن فصاعداً ستكون المناهج والأموال ووسائل الإعلام الفلسطينية تحت مراقبة إسرائيل والولايات المتحدة.
قبل شهرين، قام جهاز الأمن الفلسطيني باغتيال الناشط الفلسطيني نزار بنات في منزل عمه بعد أن فضح فساد مسؤولي السلطة الفلسطينية. وتحت ضغط شعبي كبير واحتجاجات متواصلة اعترفت السلطة الفلسطينية بقتله، ولكنها أصرت على سياساتها. وحتى هذا اليوم تقوم بقمع المظاهرات السلمية بعنف وضرب المتظاهرين واعتقالهم ومؤخراً التحرش الجنسي بالناشطات.
بحسب ما ذكرته قناة “الجزيرة” وصحيفة “فلسطين” يوجد حالياً عدد من المعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية. كما نقلت “الجزيرة” عن أسر بعض أولئك المعتقلين قولهم أنه يتم تعذيب أبنائهم عدة مرات.
العديد من المعتقلين هم صحفيون ومحامون. وتعامل السلطة الفلسطينية الصحفيين كمجرمين، زاعمة أنهم ينتهكون القوانين، وذلك من أجل ردعهم ومنعهم من تغطية حملات قمعها للحريات بما في ذلك التظاهرات على سوء الإدارة والفساد وإلغاء الانتخابات والتعاون الأمني وقتل نزار بنات مؤخراً.
في مقابل ذلك، تقوم السلطة الفلسطينية باستضافة الصحفيين الإسرائيليين. في بداية أغسطس، دعت لجنة منظمة التحرير الفلسطينية للتفاعل مع المجتمع الإسرائيلي برئاسة محمد المدني -أحد كبار مسؤولي فتح والسلطة الفلسطينية والمساعد المقرب لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس- مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين إلى رام الله ونظمت لقاءات لهم مع منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولين في السلطة الفلسطينية منهم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني.
وقال مسؤول الإعلام التابع للسلطة وحركة فتح، منير الغجوب، إن الهدف من الاجتماعات هو جعل عامة الناس في إسرائيل يدركون “المعاناة اليومية للفلسطينيين نتيجة لسياسات الجناح اليميني الإسرائيلي الذي لن يؤدي أبداً إلى أي استقرار أو سلام”.
استنكرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين دعوة السلطة الفلسطينية للصحفيين الإسرائيليين، مؤكدة أن ذلك هو شكل آخر للتطبيع مع الاحتلال. قالت النقابة: “كان هدف تلك اللقاءات ضرب جهود الصحفيين الفلسطينيين الذين يسعون لإظهار زيف رواية الاحتلال”. وأكدت: “هذه الاجتماعات تهدف إلى تعزيز التطبيع بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
كتبت الصحفية البارزة يارا حواري مبينة آلية عمل السلطة الفلسطينية: “تتواجد قوات أمن السلطة في إطار سلام “مؤمن”، أي أنها ملزمة بالعمل في إطار التعاون الكامل مع النظام “الإسرائيلي”. يشمل هذا التعاون الأمني تسليم معلومات ومكان تواجد الناشطين الفلسطينيين للجيش “الإسرائيلي” بالإضافة إلى عقد اللقاءات وورش العمل المشتركة التي ينتج عنها وسائل قمع متشابهة للفلسطينيين في جميع أنحاء فلسطين المحتلة. تعمل قوات الأمن على الحفاظ على الانصياع الفلسطيني للنظام المحتل وقهر المقاومة الفلسطينية حتى اللحظة الراهنة”.
قالت الصحفية والكاتبة الفلسطينية غادة الكرمي في مقال لها في “ميدل إيست آي” إن أفراد أمن السلطة الفلسطينية يتم استغلالهم لتنفيذ قوانين إسرائيل. “سرعان ما تحولت قوات الشرطة الفلسطينية التي تأسست وتدربت على يد الـ”سي آي إيه” إلى أجهزة أمن شاملة بمخابرات عامة وفروع أمن وقائي”. وكتبت مضيفة: “على الرغم من أن من المفترض أن تكون مسؤولة عن أفعالها، تعمل هذه القوات في كثير من الأحيان بشكل مستقل في الضفة الغربية المحتلة وينظر إليها على نطاق واسع كعميل لإسرائيل أكثر منها كمجموعة من مواطنين الفلسطينيين”.
مع مضي الوقت أصبح الفلسطينيون أكثر إدراكاً للسبب الحقيقي وراء وجود السلطة الفلسطينية، وهذا الأمر قد اضطرهم إلى التمرد عليها. بينما لم يكن أمام الأحزاب المعارضة سوى القليل لفعله إزاء التصعيد الأخير الذي بدأ من مستوى شعبي.
لقد أُعِدت السلطة الفلسطينية من أجل مساعدة وحماية “الإسرائيليين”، وأبداً لم تعمل كقوة لصالح الفلسطينيين. فإذا كانت اهتماماتها بالفعل شعبها لكانت قبلت بمطالبه وقامت بحماية حرياتهم وعملت في سبيل رفع العقوبات على غزة ونظمت انتخابات حرة ونزيهة وتخلت عن التعاون الأمني مع الاحتلال.