رافيل مصطفين/ صحيفة نيزافيسيمايا الروسية
ترجمة خاصة:مهدي علواني  / لا ميديا -

بعد هدوء قصير، استؤنف القتال العنيف في اليمن بين أنصار الله (الحوثيين)، والقوات الحكومية للرئيس عبد ربه منصور هادي، في مدينة مأرب. وعلى خلفية المعارك العنيفة على مدينة مأرب اليمنية الغنية بالنفط وذات الأهمية الاستراتيجية، أجبرت الإدارة الأمريكية على تكثيف دبلوماسيتها، وطالب عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي إدارة الرئيس بايدن بزيادة الضغط على الرياض لرفع القيود التي تعرقل نقل المساعدات الإنسانية. بالإضافة إلى إرسالها للمبعوث الخاص لبايدن، تيم ليندركينغ، إلى اليمن، للتعامل مع تطور الوضع الجديد.
وبحسب وكالات الأنباء العالمية، فإن قوات الحوثيين تهاجم في ثلاثة اتجاهات في وقت واحد، في محاولة للسيطرة على مدينة مأرب. وهي المركز الإداري للمحافظة التي تحمل الاسم نفسه والغنية بالنفط، وتقع في شمال البلاد على بعد 120 كم شرق العاصمة اليمنية صنعاء.
منذ فبراير من هذا العام استمرت المعارك العنيفة في مأرب مع انقطاعات قصيرة، ولكن الآن، وفقاً لبعض المصادر، تم تحديد نقطة تحول فيها ومازالت القوات الحكومية تكافح لاحتواء تقدم الحوثيين نحو المدينة بمساعدة الطائرات السعودية.
وحول كيفية تأثير السيطرة المحتملة على مأرب من قبل "أنصار الله" على الوضع في البلاد، تنقسم آراء الخبراء في ذلك.
فيرى البعض أن الحوثيين في هذه الحالة، التي تمكنهم من السيطرة على مصادر الطاقة النفطية في مأرب، قد يصبحون أكثر مرونة في مفاوضات السلام، وعلى العكس من هذا، يرى آخرون احتمال أن يتقدم الحوثيون -الذين يوافقون الآن على محادثات السلام فقط- بمطالب جديدة وأكثر صرامة، وشرط الانسحاب الكامل من البلاد لجميع القوات الأجنبية، والسعودية في المقام الأول، وفي هذه الحالة، وحتى مع الأخذ في الاعتبار النية المحتملة للمجلس الانتقالي الجنوبي للانفصال عن اليمن، وإعادة كان ما يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية -بتفاهمات جنوبية مشتركة- فإن فرص الرئيس هادي في الحفاظ على نظامه تتضاءل بشكل ملحوظ.
فبالتزامن مع القتال في مأرب، يهاجم الحوثيون أهدافاً في المملكة السعودية باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ أرض - أرض. وأعلن ممثل أنصار الله في مقابلة مع قناة المسيرة التابعة للحركة، إطلاق 17 طائرة مسيرة وصاروخين باليستيين أصابت مصافي شركة أرامكو السعودية في الجبيل وجدة، وأدت إلى توقف مؤقت لمطارات الطائف وجيزان وجدة.. فيما ذكرت وكالة رويترز، نقلاً عن التلفزيون الرسمي السعودي، أنها اعترضت ما لا يقل عن ست طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات أطلقها الحوثيون في اتجاه المملكة.
في غضون ذلك، يتزايد الاستياء من تصرفات الرياض في اليمن في الأوساط السياسية الأمريكية.
وفي هذا الصدد، وجه عدد من أعضاء الكونجرس، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا فيها بزيادة الضغط على السعودية لإجبارها على رفع حصارها الكامل على اليمنيين ومنعها وصول البضائع التجارية والإنسانية إلى الموانئ البحرية في هذا البلد.
الوثيقة، التي وقعها المشرعون الديمقراطيون والجمهوريون (تيد ليو، وتيد دويتش، وجو ويلسون) وسياسيون آخرون، طالبت أيضا الرئيس بايدن بالوفاء بوعوده الانتخابية، ومن بينها وعوده بتجميد مؤقت لتوريد الأسلحة للمملكة السعودية والإمارات، التي من شأنها أن توقف عملياتهم الهجومية على اليمن. بالإضافة إلى ذلك، أعرب أعضاء الكونجرس عن ارتياحهم من استبعاد إدارة بايدن لملف الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية. وفي الوقت نفسه، طلب السياسيون من الإدارة الأمريكية عدم التوقف عند هذا الحد، وقبل أيام قليلة، تم إرسال خطاب مماثل موقع من حوالي 70 عضواً في الكونغرس إلى البيت الأبيض لمواصلة الضغط على السعوديين.
ورغم تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن سعود التي نقلتها محطة "سي إن إن" وتأكيداته بأن الرياض لا تقوم بأي عقبات أمام وصول البضائع للسكان اليمنيين، الذين يعانون من أزمة إنسانية حادة. مهما كان الأمر، إلا أن البيت الأبيض يواصل ضغوطه على الرياض وتكثيف تحركاته، وفي هذا الأسبوع يستعد لإرسال المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ -وهو دبلوماسي محترف ومفاوض ذو خبرة- إلى منطقة الخليج الفارسي للتعامل مع هذه القضية وغيرها من القضايا الخاصة بالوضع الإنساني.
وفقاً للأمم المتحدة، فإن حوالي 20 مليون يمني يحتاجون اليوم إلى مساعدات إنسانية، بمن في ذلك 16 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر ويتضورون جوعاً. كما يعاني أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية، و400 ألف على وشك المجاعة.
وخلال زيارات رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف لعدد من الدول العربية في الخليج العربي وزيارته للقاهرة، تمت مناقشة هذه الجوانب الإنسانية وسبل الخروج من الحرب بإيجاد تسوية سياسية لإنهاء الصراع اليمني.
وأكد في مقابلة مع أقدم صحيفة مصرية (الأهرام)، أن موسكو تنوي الاستمرار في تشجيع أطراف النزاع على إظهار نهج بناء والاستعداد للتسوية، وعلى وجه الخصوص في إعادة النظر في الخلافات القائمة. بالإضافة إلى ذلك، تعتزم روسيا مواصلة دعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيتث.
 
 أحد أبرز الكتاب الروس المقربين من الرئيس بوتين.