ليزا جاردنر / مرافئ -
في حيِّنا بقرب الجامع الكبير، كان هناك زقاق ضيق يعرفني. حمل معي حقيبتي المدرسية، ودافع عني وحماني من ابن الجيران الوسيم!
هذا الزقاق كان يُحدثني، وإن أمعنتُ الصّمت أسمعه يسبّح، ويداعب شعري الطويل وخصلته الطاهرة.
مع صراخ البائع وهو يجر عربته المليئة بالبطاطا المسلوقة. كان جميع أبناء الحي يحبّون أكلها طازجة.
همس لي الزقاق أنه يحبني أكثر من البطاط. وكان يطمئنني كلما انتابني خوفٌ ما.
كانت جدّتي ترتدي الستارة الزّاهية وتذهب لملاقاة صديقاتها ولشراء البطاط المسلوق، لكي تمدها لطفل حافي القدمين. همستْ في أذني وهي تمدّ يدها للطفل: احمدي الله أنك بنت ناس ولست من الشارع!
لكنّي كنت جزءاً من هذا الشارع، الذي منه أمدّ شراعي ليحلّق بي إلى الفضاء الواسع والعالم الكبير المملوء بقهوة البن وخبز التنّور. ويبقى هذا الشارع في وجداني كسجّادة علاء الدين، يحتوي على كنوز مخفية وقبلة منسيّة وقلب مدفون تحت وابل الخوف؛ خوف على العربات التي دُمِّرَت، والأيادي التي أحرِقت، والأجساد التي تناثرت أشلاؤها.
تكاثفت غيوم السماء بطائرات العدوّ الحربيّة. هددتني. تحرشت بي... ولم يدافع عني أحد!
توقّف صاحب العربة على الصّراخ، وتوقّفت جدتي عن الحياة. وحين همّ الزّقاق العتيق أن يدافع عنّي، أطلق التنين قنابله ففجّره.

 كاتبة بريطانية يمنية الأصل