حاوره: طلال سفيان  / لا ميديا -
شعيل القرناص بطل ملاكمة يمني يمتلك رصيداً كبيراً من ألقاب المجد الذهبي على مستوى الوطن والمستوى العربي.
هذا الملاكم الطامح للقفز على الحلبة العالمية والتأهل لدورة ألعاب طوكيو الأولمبية، صاحب قبضة وسطوة حديدية متشحة بالأمل، سيكون علامة فارقة وسابقة في عالم الملاكمة ضمن الأوزان الخفيفة والمتوسطة.
برصيد ذهبي كبير حققه الملاكم اليمني القرناص على المستوى العربي تنعكس الصورة بشكل مذهل بين حالة الحلبة اليمنية المفتقرة للإمكانيات وحالة العزيمة والتحدي وتحقيق الألقاب عند خوض النزالات في الحلبة الخارجية.
الملاكم الفولاذي المتوج بالذهب شعيل القرناص, في حوار مع صحيفة "لا" أفاض فيه بمكنوناته، حلوها ومرها، على درب رياضة الفن النبيل.

 مرحبا بنجم الملاكمة، شعيل القرناص في ملحقنا الرياضي!
- مرحبا بك أخي العزيز وبصحيفة "لا" وملحقها الرياضي.
 هلا حدثتنا عن بدايتك؟
- بدأت الملاكمة عام 2013. في البداية لم تكن الملاكمة تستهويني، لكن بدأ حبي لها من أخي الكبير محمد غالب القرناص، وهو كان لاعباً سابقاً في المنتخب الوطني، وهو من شجعني، وبدأت أدخل عالم الملاكمة وأعشقها، والحمد لله وصلت للعربية، وإن شاء الله أصل للأولمبية.
 خلال فترة قصيرة حققت العديد من الإنجازات، وبالذات على المستوى العربي...؟
- البطولات الآسيوية والعربية تكون أقوى من المحلية، فتلاحظ أن الملاكمين المغاربة والجزائريين في أعلى مستوياتهم الفنية، إلى جانب الدعم وأشياء كثيرة تحفزهم للاستمرار في اللعبة. أنا والحمد لله حققت منذ عام 2015 وحتى العام 2019 سبع ميداليات عربية، منها 5 ميداليات ذهبية واحدة في مصر و4 في الأردن، وميدالية فضية في بطولة القاهرة، وميدالية برونزية في الأردن. آسيوياً لم يحالفني الحظ حتى اليوم في الظفر بميدالية. في تايلاند تأهلت لبطولة آسيا للشباب بعد فوزي على ملاكم صيني وخسرت النزال التالي له أمام ملاكم تايبيه (تايوان). وإن شاء الله يكون القادم أفضل.
مؤخراً تم تكريمك من قبل اللجنة الأولمبية اليمنية كأفضل رياضي يمني حقق إنجازات خارجية خلال الثلاثة الأعوام الماضية، كيف كان وقع هذا التكريم عليك؟!
- اللجنة الأولمبية اليمنية هي الجهة الوحيدة الداعمة لي الآن. وبسبب جائحة كورونا لم يحالفني الحظ لخوض معسكرات خارجية للتجهيز لأولمبياد طوكيو التي باتت على الأبواب. كنت ذاهباً للتجهيز في الأردن، لكن تم إلغاء البطولة بسبب انتشار الوباء، وحالياً أنتظر بطولة فرنسا التي تم نقلها إلى بولندا، وحتى الحين والبطولة تترحل من تاريخ إلى تاريخ، نتيجة انتشار كورونا في القارة الأوروبية وحالة الإغلاق المصاحبة لها. وأتمنى أن يكون هناك حظ حتى أغسطس القادم للمشاركة في التأهل للأولمبياد. وإن شاء الله إذا شاركت في التصفيات القادمة سأتأهل إلى أولمبياد طوكيو بإذن الله.
 بالمناسبة، كيف أثر عليكم كملاكمين وباء كورونا وإغلاق المطارات وحالات الحرب على اليمن والحصار؟!
- أثرت علينا بشكل كبير. توقفنا عن خوض العديد من البطولات الخارجية، وكذلك أصبحنا نتمرن كلاً على حده. الملاكم يحتاج للاحتكاك واللعب مع نظرائه بشكل متواصل، وبسبب هذه الأحداث تحولنا في الملاكمة من الحالة الجماعية إلى الحالة الفردية. كل ملاكم يتمرن فردياً، لوحده فقط، والتمرين الفردي ليس ذا فائدة كبيرة، كما هو الأمر مع التمارين الجماعية، وهذا ما تسبب بتراجع مستويات الملاكمين كثيراً.
 ما هو سر تفوق نادي الشرطة واستحواذه مؤخراً على توليفة من أبطال الملاكمة وتحقيق البطولات المحلية؟
- الأمر يعود أولا إلى عدم وجود مشاركات داخلية وخارجية. البطولات الداخلية مثلاً لم تعد تجرى سوى بالعاصمة صنعاء، وإذا كان يوجد بطولة جمهورية كنا سنحتك مع أفضل الأندية في الملاكمة، وهو نادي شمسان الذي يتفوق في اللعبة مع نادي الشرطة.
حاليا الشرطة هو الأفضل في كافة المجالات، وبالذات الملاكمة. أنا كنت ألعب في نادي الشرطة، لكن الآن أمثل المنتخب الوطني.
 هل مثلت ولعبت لأندية يمنية أخرى؟
- لا، أبداً، فقط نادي الشرطة.
 هل الملاكمة اليمنية مظلومة؟
- مظلومة جدا جداً. حتى اليوم لا يوجد لدينا أي دعم. الملاكمون في بقية الدول يوجد لديهم معسكرات تدريبية وبطولات دائمة وكل ما يحفزهم على المواصلة وتحقيق الإنجازات. ونحن في اليمن لدينا بطولة واحدة، وتقام مرة في العام، وهي داخلية، ولا توجد مشاركات خارجية، وهذا ما يؤثر على الملاكم اليمني ووضع اللعبة.
 برأيك كيف يمكن تحسين اللعبة والارتقاء بها؟
- يوجد لدينا أبطال، وأنا أنظر إليهم أنهم أبطال عالميون، وإذا أتيحت لهم المعسكرات التدريبية اللازمة والاهتمام والمشاركات في البطولات الخارجية سينطلقون نحو العالمية. حقيقة تنقصنا أشياء كثيرة، منها الاستعدادات التدريبية وإقامة البطولات وتوفر الدعم. اللاعب عندنا يتدرب لمدة أسبوع ويدخل له بطولة بهدف أن يحتك ويكتسب الخبرة أو يحرز ميدالية، ثم يتوقف ويعاود ممارسة الأشياء السيئة كمضغ القات والتدخين والسير مع الرفقة السيئة.
 ملاكم يمني تتوقع له مستقبلاً زاهراً؟
- هناك الكثير من الملاكمين اليمنيين أتوقع لهم مستقبلاً مزدهراً، عندنا في النادي يوجد معاذ الخامري وإسحاق وعصام وعبدالرحمن الحسيني، وأيضا شقيقي محمد غالب القرناص، كذلك هناك لاعبون من نادي شمسان. لكن المشكلة كما أخبرتك سابقاً، غياب المعسكرات التدريبية والبطولات وعدم وجود الدعم والاهتمام، والتي تقف حجر عثرة أمام أحلامهم.
مثلاً أنا الوحيد من المنتخب الوطني الذي تم تصعيدي ضمن مشروع البطل الأولمبي التابع للجنة الأولمبية، واللجنة الأولمبية اليمنية لم تقصر معنا بل دعمتنا في المعسكرات التدريبية وفي البطولات الخارجية، والأستاذ محمد الأهجري، أمين عام الأولمبية اليمنية، يعمل الآن على إلحاقي بالمعسكرات الخارجية والمشاركة في البطولات ويريد أن يشاهدني أتأهل للأولمبياد بأي طريقة.
اللاعبون لا يوجد لهم أي دعم، وإن شاركوا في بطولة داخلية تكون فقط لمجرد إعادة النشاط لهم، ولا تعطي المستوى المطلوب للخروج واللعب في البطولات الكبيرة على المستويين العربي والآسيوي، والفارق يتضح أن اللاعب المحلي يصبح بمستوى عادي مقابل نظيره الخارجي المتفوق بالإمكانيات.
أنا عندما أقارن نفسي بلاعبين عرب وآسيويين، تقدر أن تقول "أنفع"، لأنهم مستمرون في أدائهم من كافة النواحي. البطل هو التمرين، وهذا عائق أمامنا كملاكمين يمنيين، وعدم قدرتنا على التفوق خارجياً، نتيجة أننا محرومون من أبسط الأشياء.
 متى سنرى حلم مشاركة ملاكم يمني لأول مرة في الألعاب الأولمبية؟
- إذا وجد التأهل سيكون أمراً عظيماً جداً أن نرى ملاكماً يمنياً يشارك لأول مرة في حلبات نزال اللعبة في الأولمبياد العالمي، حتى أن الملاكم من أصل يمني حميد نسيم عمره كله لم يشارك في الأولمبياد، نسيم شارك أولاً ضمن الهواة ثم دخل عالم الاحتراف. إذا تأهل ملاكم يمني للأولمبياد فسيكون صاحب السبق والشرف الكبير لليمن.
 هل تتوقع أن يتأهل ملاكم يمني لأولمبياد طوكيو؟!
- إن شاء الله، فإذا وجدت المعسكرات سنتأهل لدورة لطوكيو، نحن فقط تنقصنا المعسكرات التدريبية والاحتكاك مع اللاعبين الخارجيين، وبإذن الله سترتفع القدرة من خلال المشاركات في البطولات وسنشعر بتحسن المستوى عن ذي قبل. لدينا أبطال قادرون على التأهل، ولكن الإحساس بعدم التكافؤ مع نظرائهم الخارجيين... وهل تعرف أن الملاكم اليمني هو صاحب قلب شجاع منقطع النظير، فهو يذهب للمشاركات الخارجية وهو لا يمتلك لياقة نهائيا ومع هذا يغامر ويقدم أداء قوياً حتى وإن خسر. لدينا أفضل مدرب منذ كان يدربنا مدرب كوبي، وهو مدربنا الوطني فيصل الحسيني، صاحب الأداء الرائع والذي يشكره كل ملاكم يمني، لأنه أنتج العديد من الأبطال، وأنا أحدهم.
 هل تشعر أن القادم سيكون أفضل بالنسبة لك في عالم الملاكمة؟
- عمري لم أخرج من الحلبة يائساً. صحيح أني خسرت عدة بطولات، لكن كان رأسي مرفوعاً، لأن أدائي كان قوياً وبالذات في البطولات الآسيوية. البطولات القارية طبعاً مستواها عالٍ ويتم تجهيزها من 6 إلى 7 أشهر، ونحن نتجهز لأي بطولة قبلها بشهر واحد بتدريبات فردية. في البطولة الآسيوية التي استضافتها تايلاند عام 2017 وبعد نزالي أمام ملاكم قيرغزستاني مصنف في المركز الثاني عالميا خرجت فخوراً بأدائي الرائع أمامه، رغم أني في تلك البطولة لم أخض معسكرات تدريبيــة ولا يـــوجـــد معــي ألقـــاب، وهذا ما جعلني أشعر أن القادم أفضل. واليوم إذا وجد فقط المعسكر التدريبي الــــلائـق سأتأهـــل إلى أولمبياد طوكيو القادم بإذن الله. وإذا ذهبت مني طوكيو، أمامي أولمبياد 2024 ولا يوجد مستحيل في قاموسي.
 كيف تجري معك التمارين في الوقت الحالي؟
- والله تجري بصعوبة. أنا طالب جامعي وأشتغل حتى أوفر مصاريف دراستي, لكن مع ذلك أقول الحمد لله, أواصل التمارين دون انقطاع، وإذا لم أتدرب في النادي أتدرب في المنزل. المهم أن يمر يومي بأداء التدريبات.
 هل من ميول أخرى لك غير الملاكمة؟
- أنا حاليا طالب في سنة ثانية طب أسنان. أميل كثيرا للرياضة وأهتم أن أكون بطلاً عالمياً. أنسق بين تعليمي وتماريني ومشاركاتي الرياضية.
 رسالة معينة تود توجيهها في هذا الحوار...؟
- أود أن أوجه رسالة إلى كل مختص وله يد في الرياضة سواء كانت فردية أو جماعية، أن اليمن لديها مواهب وأبطال ومن الظلم أن يذهب بهم اليأس إلى ممارسة العادات الضارة. إذا كنتم تريدون أبطالاً يرفعون رأس اليمن لا بد من الاهتمام والدعم. لا يوجد فرق بين الرياضيين في الوطن وأقرانهم في بقية الدول من الإمكانيات الفنية.
ورسالة أخرى أوجهها للاعبين: أي بطل في لعبة فردية أو جماعية لا بد أن يستمر في أداء التمارين وتحسين أدائه وبإذن الله سيحقق المجد الذي يفتخر به اليمن.
 كلمة تختتم بها حوارك معنا...؟
- إن شاء الله تنفرج الأمور وتنتهي الحرب والعدوان على اليمن ونعاود حياتنا الطبيعية وتحقيق آمالنا. كما أشكر صحيفة "لا" على اهتمامها بالرياضيين من خلال إبرازهم وجعلهم يبثون آلامهم وآمالهم.

سطـــور ذهبيـــة
- شعيل غالب القرناص.
- مواليد العام 2000 – محافظة ريمة.
- طالب سنة ثانية طب أسنان – جامعة الحضارة – صنعاء.
- حقق من الإنجازات أكثر من 15 لقباً معظمها ميداليات ذهبية وميداليتين فضيتين وبرونزية وحزاماً على المستوى المحلي.
- وعلى المستوى العربي حقق 5 ذهبيات وميدالية فضية وميدالية برونزية، منها 4 ذهبيات وبرونزية في الأردن، وذهبية وفضية في مصر.
- معظم الإنجازات كانت في وزن 49 كجم، وأربعة إنجازات أحرزها مؤخرا في وزن 52 كجم.