طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
السينما الأمريكية مهما تقدمت وتمتعت بأسباب الشهرة، التي هي «دين» هوليوود، بدليل أن عدد زائري قبر مارلين مونرو يتجاوز عدد زائري أضرحة الآباء في الفاتيكان، هذه الشهرة والقوة الإبداعية والجبروت في وسائل التقنية إذا لم تصحح ميزان القوة فيها وترفض الخضوع لأنظمة على شاكلتها وصورتها فإنها تحفر قبرها بأسنانها، وإن أكبر عدو للتعبير الحر هو التغاضي والإقصاء أو القبول بالأمر الواقع، وبالتالي فإن الفنون المشهدية والسينما على رأسها أولى مهماتها كشف الحقيقة وإعلانها مهما بلغ سوادها، وهي شروط أسقطتها السينما الأمريكية من حساباتها، حيث صار التستر والمواربة والاحتيال على الكلمة والصورة من ضرورات نجاح الفيلم، والشهرة، وشباك التذاكر، وبالتأكيد سقوطه في الشروط والمقاييس الفنية.
السينما الأمريكية لا تقبل الآخر ومفهومه للحياة والحرية، فالإبداع، أي إبداع كان، خصوصاً السينمائي منه، يرتبط مباشرة بالحرية الكاملة والمسؤولية، وإسقاط هذه المعادلة يسقط تلقائياً قدرة صناع الفن السابع على التعبير عن واقع مجتمعاتهم وتطلعات شعوبهم وأحلام البشرية. ويبدو ذلك واضحاً في صناعة السينما الأمريكية، حيث يلجأ صناع الحلم والدهشة، خوفاً من الممول وسيف الرقيب وسموم النظام الإمبريالي القاتلة، إلى أساليب الكذب والمراوغة والاحتيال لإنتاج أعمال هابطة فنياً ومتخلفة.
أفلام تصور الإنسان المسحوق والمعذب الذي ينظر بغضب وازدراء وتهكم لواقع مرير ظالم ويطالب بالحياة الكريمة ويناضل من أجل مجتمع أفضل، يتهم بأنه قاتل وإرهابي وحاقد على المجتمع المتطور و«العالم الحر» الإمبريالي، ويتم التصوير الوهمي لنهاية العالم بأن سببها أولئك الذين لم يكن المجتمع الرأسمالي يعني لهم الحياة بل يعني لهم الموت.