إنصاف أبوراس / مرافئ -
سألتني: هل أنت كاتبة؟
مندهشةً أجبت على سؤالها بسؤال: كيف عرفتِ؟!
ردت: في ملامحكِ قرأت الكثير من القصص. ثمة تناقضات من المشاعر تسكنك، ليست خاصة بك؛ هي تخص كل من عَبَرتِ بمحاذاتهم. نظرتك التي تجاهلت وجودي المادي وغاصت في روحي تبحث عما يربطها بي أكثر وأكثر هي التي أكدت لي أن من تقف أمامي تنتمي لعالم الخيال، فهي لا تجد ذاتها سوى فيه.
كنت أصغي إليها باهتمام وأنا أؤكد على كلامها لذاتي: نعم، لطالما كان للأشياء، الأشخاص -غرباء كانوا أم تربطني بهم علاقة، لطالما رأيتهم من زاوية أخرى مختلفة تماماً عن تلك التي يراها بهم آخرون. 
أمعن في حدقات عيونهم. أفتش عن وهج حب فيها أو شرارة كراهية. أغوص في عمق أرواحهم، أفتش عن سر ذلك الشرود.
حين أعجز عن فهم المجهول، أصنع لهم في فكري قصة أمنحها أنا تفاصيل أظنها تليق جداً بقياس مشاعرهم.
حين ودعتها كنت أشعر بالحزن لأجلي هذه المرة؛ لأنني أدركت أنني لن أتمكن يوماً من عيش الواقع كما هو، والنظر إليه كما ينظر إليه الآخرون.
سأبقى عالقة في المنتصف، بين جسدي، الحاضر في الواقع، وروحي الباحثة عن مشاعر تسكن أرواحاً أخرى.