دمشق: أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -

بالورود والأرز استقبل أهالي مدينة طفس في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سورية، وحدات الجيش السوري التي دخلت المدينة لاستكمال سيطرة الجيش وعودة مؤسسات الدولة ووضع حد للفلتان الأمني فيها وفي كامل المنطقة الجنوبية من سورية.
وقبل الدخول في التفاصيل وحتى تصبح الصورة واضحة للقارئ اليمني، نشير إلى أن دخول الجيش السوري إلى مدينة طفس يعادل في تأثيره وأهميته الاستراتيجية تحرير قوات الجيش واللجان الشعبية المتوقع لمدينة مأرب.
فجغرافية المدينة (طفس) محاذية للحدود مع الكيان الصهيوني والأردن وتشرف على عدد من التلال الحاكمة في الصراع مع العدو الصهيوني ومتصلة عبر البادية مع منطقة التنف على مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية حيث تتواجد أهم قاعدة أمريكية في الأراضي السورية.
كانت المنطقة قد دخلت ضمن اتفاق المناطق الأربع لوقف التصعيد، الذي تم التوصل إليه بضمانة الحليف الروسي، ومهد لعودة سيطرة الجيش السوري على معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة العصابات الإرهابية المسلحة، بعد عمليات عسكرية ناجحة للجيش، انتهت باتفاقيات مع القوى المحلية بضمانة روسية لترتيب الأوضاع هناك، تضمنت السماح للعناصر المسلحة تسوية أوضاعها مع الدولة السورية، ومن يرفض الاتفاق تم ترحيله إلى الشمال السوري حيث تم تجميع المسلحين هناك.
سمحت هذه الترتيبات بإبقاء الوضع هشاً بعض الشيء، مع تحول العديد من المسلحين الذين تمت تسوية أوضاعهم إلى خلايا نائمة تم تحريكها من قبل العدو الصهيوني وبتسهيل من الأردن وبإشراف أمريكي مباشر، فقامت بتنفيذ عمليات اغتيال لعناصر من الجيش والأمن ولفعاليات وطنية من المجتمع المحلي.
مع التطورات المحلية والإقليمية التي تميل لصالح الدولة السورية، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سورية منتصف هذا العام، كان واضحاً وجود مخطط (إسرائيلي ـ أمريكي) لإعادة توتير الأجواء في المنطقة، وزيادة الضغط على الدولة السورية، مما اعتبرته الدولة السورية خطاً أحمر لا يمكن السكوت عنه.
لقي موقف الدولة السورية تفهماً وتأييداً من الضامن الروسي، وكان لا بد من وضع حد لهذا الفلتان الأمني، مع إصرار من الدولة على أن يكون الحل نهائياً هذه المرة وبالسيطرة الكاملة للجيش وعودة مؤسسات الدولة إلى المدينة، تمهيداً لاعتبار هذا الاتفاق نموذجاً لتطبيقه مع المناطق الأخرى التي تخضع لاتفاقيات مشابهة.
جرت لهذه الغاية عدة جلسات مفاوضات، بين ممثلين عن الجيش السوري وفعاليات من المجتمع المحلي وممثلين عن قدة المسلحين وبحضور ضباط من هيئة الصالحة الروسية.
كان واضحاً تدخل كيان العدو الإسرائيلي، سواء من خلال العناصر الإرهابية المسلحة التي يتواصل معها، أو من خلال التهديد المباشر، لمنع حصول أي اتفاق، وهو ما أكده أحد قادة الجماعات الإرهابية المسلحة بقوله إن الجيش السوري في حال بدأ عملية عسكرية في المنطقة ستتدخل "إسرائيل" مباشرة، وهو ما حدث بالفعل عندما قصفت مواقع محددة في المنطقة في رسالة اعتبرت بأنها دعم للعناصر الإرهابية المسلحة.
هذه التهديدات زادت من إصرار الجيش السوري على إنهاء الوضع في المنطقة مهما كلف الأمر، ومهما كانت التهديدات، وحشد لذلك وحدات عسكرية كافية للقيام بعملية حاسمة في حال فشلت المفاوضات، وأعطى مهلاً محددة بأيام للاستجابة لشروطه قبل بدء العملية العسكرية.
كان واضحاً إصرار الجيش السوري على إنهاء الوضع الشاذ في المنطقة، وهو ما لقي تأييداً من الضامن الروسي، وبما أوصل رسالة واضحة للمسلحين وحماتهم بأن الأمور جدية، وكانت الرسالة بليغة بما يكفي لإنجاز الاتفاق بشكل النهائي، وكان على الشكل التالي:
ـ تم التواصل مع عدد من المسلحين الموجودين في مدينة طفس والريف الغربي وأجروا تسوية.
ـ إخلاء الدوائر الحكومية وتسليم الأسلحة، مع عودة مؤسسات الدولة لممارسة نشاطاتها.
ـ نشر وحدات من الجيش والشرطة، في كل المناطق التي تجري فيها تسويات لمرحلة معينة، حتى استقرار الحالة الأمنية.
ـ تم الإفراج عن 62 ممن جرى توقيفهم خلال ملاحقة العناصر المسلحة.
الاتفاق النهائي الذي شمل مدينة طفس وكافة الريف الغربي لمحافظة درعا، أنهى الفلتان الأمني في المنطقة بشكل نهائي، وكرس سيطرة الدولة السورية وعزز الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش في جنوب سورية.
كما أفشل المخطط (الأمريكي ـ الإسرائيلي) لاستغلال الأوضاع هناك لزعزعة الساحة السورية، ومحاولة عودة النشاط المسلح إليها، واستغلال الوضع للتأثير في الانتخابات الرئاسية المقبلة لينهي بذلك الأحلام الإسرائيلية والأمريكية بإسقاط الدولة السورية من بوابتها الجنوبية.