ليزا جاردنر / مرافىء -

قد لا نبالغ حين نُؤكد أن من أخطر حصاد العمليات الإرهابية التي عصفت باليمن ودمرت الديار وأحرقت الأشجار والثمار.. هو تزايد ظاهرة اليُتم بين متساكنيه وقلع قيم العلاقات العائلية والإنسانية من جذورها وروابطها الدموية.
فالإنسان يفقد كل شيء عندما يتحوّل إلى يتيم الأبويْن أو يتيم الزوج أو يتيم الأرض! لأن اليُتم في مفهومه الاصطلاحي لا يتحدّد فقط بفقدان أحد الأبوين أو الأبوين معا كما هو الحال في الحالات العادية، بل هو يأخذ معنى أعمق بخاصة في حالات الاحتلال والوضعيات الحربيّة، وحالة اليمن خير مثال لذلك، إذ يتوسع مفهوم اليُتم ليشمل كل شعور افتقاد الانتماء وانعدام مشاعر الروابط الطبيعية مع الإنسان والأشياء ومع القيم.. لذلك نجد الإنسان اليمني اليوم، بالإضافة إلى فقدانه أقرب أقربائه نتيجة الحرب والقتل، افتقد أيضا قيم الحب والمودّة، تشتاق روحه إلى أمواج من الحنان والكرامة، وإلى مشاعر الانتماء والروابط العائليّة، إنه يتيم الاستقرار العائلي والمجتمعي بفقدانه لأبوين أو شريك الحياة.. وتبدأ عندها رحلة الشقاء والمعاناة التي تعذّب النفس وتُربك المجتمع، إذ في غياب الاهتمام يبدأ عذاب اليتيم! ويتضاعف حين يتوسع إلى اليُتم الشامل، ويرتبط بالحرمان من حقّه في الحبّ وحقه في الرحمة وحقه في الإحاطة والتشجيع، وحقه أيضا في العيش في مناخ من التآخي والوئام مع ما يحيط به من إنسان ونبات وحيوان.

* كاتبة بريطانية يمنية الأصل