تغطيـة: بشـرى الغيلـي / لا ميديا -

دشنت الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار معرض المشاريع الإبداعية لخريجي الكليات الهندسية في الجامعات وكليات المجتمع، في إطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة "يد تبني ويد تحمي"، وسط حضورٍ رسمي كبير بمبنى كلية الطب ـ جامعة صنعاء. وبدأ حفل التدشين بآيٍ من الذكر الحكيم، ثم وقف الجميع لأداء السلام الوطني، تلا ذلك عرض بروجكتر تحدث عن نشأة الهيئة ومراحل تأسيسها والعمل على تشجيع الابتكارات والإبداعات وتنفيذها عبر الرؤية الوطنية التي أسسها الرئيس الشهيد صالح الصماد.

الحفاظ على كوادرنا من الاستقطاب الخارجي
وفي حفل التدشين، ألقى أحمد غالب الرهوي، عضو المجلس السياسي الأعلى، كلمة الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، والتي جاء فيها: "في ظل ظروف الحصار والعدوان معنيون ببناء الدولة من منطلق الرؤية الوطنية، وهذا لن يحدث إلا بالعمل والجد والابتكار". وأضاف: "نعلق الأمل بالهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في الإسهام للانتقال باليمن إلى مصاف الدول المتقدمة".
وتابع: "لا نؤمن بالمستحيل، وقادرون على اللحاق بالدول المتقدمة ومنافستها، ومعنيون بالحفاظ على كوادرنا من استنزاف الدول الكبرى لها، ومعنيون أيضا بالاهتمام وتطوير العلوم والتكنولوجيا كاهتمامنا بتطوير قدراتنا العسكرية".

سباق البحث العلمي
من جانبه أكد د. منير القاضي، رئيس الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، في كلمته، ضرورة حشد القدرات الوطنية والمهارات التقنية والعمل على دعمها وتوجيهها نحو القضايا ذات الأولوية الوطنية. وأضاف أن اليمن يتميز بموقعه في قلب العالم وامتلاكه موارد طبيعية هائلة، ويميزه أكثر امتلاكه للثروةِ البشرية المتميزة التي تؤهله لخوض سباق البحث العلمي واكتساب المعرفة، وصولا إلى الثورة الزراعية والصناعية. واستدرك قائلا: "لكن للأسف الشديد ظل البحث العلمي والمعرفة بالتكنولوجيا في هامش الاهتمامات من قبل الأنظمة السابقة، وأهملت الكفاءات الوطنية طيلة عقود حكمها، وارتهان سياساتها للنفوذ والأطماع الخارجية"، مطالباً بزيادةِ الإنفاق على البحث العلمي، لأنه عصب التنمية والتطور التكنولوجي والعامل الرئيسي لقيام الثورة الصناعية والتنمية الاقتصادية. وأكد أن الأمم المتقدمة والمتطورة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا نتيجة إنفاقها على البحث العلمي، لأنه الوسيلة التي نهضت بالشعوب وتقدمها، وأعلن إطلاق الموقع الإلكتروني للهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار والذي يسمح لكافةِ المبدعين والمبتكرين داخل اليمن وخارجه بالتواصل مع الهيئة والاطلاع على كافةِ الأنشطة والخدمات التي ستقدم لهم عبره.

دعوة الشركات وأصحاب رأس المال
وتحدث بازل محمد رمضان، مدير عام المبتكرين والمبدعين في الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار برئاسة الجمهورية وصاحب اختراع الكف الذكي لــ"لا"، قائلاً إن تنظيم المعرض ركز على التواصل مع مشاريع الطلاب الخريجين والمقبلين على سوق العمل من كليتي الهندسة والحاسوب، لأن مشاريعهم تأخذ فترة لمرحلة إعدادها (6-7 أشهر)، وحاولت الهيئة بدورها عرض الإمكانيات والقدرات للخريجين وحرصت على دعوة الشركات وأصحاب رأس المال والأعمال ليساهموا ويساعدوا المبتكرين والمبدعين على تبني مشاريعهم.
أما عن مصير المشاريع المدهشة والكبيرة التي قدمت في كلية الهندسة قبل أربعةِ أعوام، والتي سبق لصحيفة "لا" أن قامت بتغطيتها، فأوضح رمضان أنه "يتم حاليا إعداد الدراسات الخاصة بها ومدى فاعليتها والجدوى الاقتصادية لها حسب الإمكانيات المتاحة"، مؤكداً أن البلد لم ينهض إلا بدعم المشاريع العلمية والتكنولوجية.

 ثلاثة نماذج لأجهزة التنفس الصناعي
توقفت "لا" مع بعض المبتكرين واطلعت على بعض نماذج من ابتكاراتهم. وكانت البداية مع يحيى عبدالله صالح الذي يعمل ضمن فريق يتبع الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا، حيث قال: "أثناء جائحة كورونا قام فريق العمل بدراسة احتياجات السوق المحلية، وعلى ضوء ذلك تم إنتاج ثلاثة نماذج لأجهزة التنفس الصناعي، فالأول يعمل على منظومة هوائية وهو لا يحتاج إلى طاقة كهربائية ويكون التحكم به من خلال البطارية، ويعمل في حال كان المريض فاقدا للوعي، بينما الجهاز الثاني يتحول إلى جهازٍ مساعد للمريض والثالث يسمى المود المساعد في حال صحوة المريض ولكن عندما يكون غير قادر على التنفس".
إبراهيم محمد حسن وزميله عمر عبدالرحمن القاضي اشتركا في مشروع آلية أتمتة لعملية اللحام، بحيث تصبح الحركة أوتوماتيكية في ثلاثة أبعاد بواسطة آلية معينة ودقيقة، بالإضافة إلى حركة دورانية للمحور الرابع باستخدام الكمبيوتر عن طريق برامج معينة. وأضافا: "آلة لحام الميج أو ما تسمى (Mig Weldeng machine) تعتبر إحدى طرق لحام القوس الكهربائي".

المنبّه الذكي
زياد الشجاع، سنة ثالثة ميكاترونكس كلية الهندسة، تحدث لـ"لا" عن ابتكارهم هو ومجموعة من زملائه المنبه الذكي وهو عبارة عن ابتكار لحل مشاكل النسيان والانشغال عن الأجهزة الكهربائية ويساعد في جدولة تشغيلها وإيقافها من خلال ضبط أوقات مخصصة تعمل فيها الأجهزة، وضرب مثالا: "عند تشغيل مضخة الماء من الساعة الواحدة إلى الثانية ظهراً، ويتميز بإمكانية ضبط الوقت والتاريخ المخصص للجهاز".

مدينة التعليم التفاعلي للأطفال
سالي الشرعبي، خريجة قسم عمارة، تحدثت عن مشروعها الذي هو عبارة عن مدينة عصرية لتنمية الأطفال أو كدزانيا التي تعني أرض الأطفال، مدينة التعليم التفاعلي للأطفال، يعيش فيها الطفل كبالغ ويتحمل فيها مسؤولية نفسه، يعمل في العديد من المهن ويتعرف على مهن جديدة لم يكن يعرفها من قبل. تضيف الشرعبي: "يكتسب المال (عملة كيدزوس العملة الرسمية للمدينة) ويتعلم كيف يعتمد على نفسه في استخدام المال، بالإضافة إلى مهارات أخرى يكتشفها الطفل بنفسه".
حقا تلك العقول المبتكرة هي الأمل القادم لليمن، والتي سترتقي به إلى آفاق التحضر والرقي، طالما المخزون البشري يحمل كل هذه الدهشة والإبداع، وهي لفتة رائعة من قبل رئاسة الجمهورية ممثلة بالهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار ووضعها الثروة الحقيقية على المحك وهو الإنسان المبدع والمبتكر، وتكرس الهيئة جهودها لرعاية هؤلاء والأخذ بأيديهم بعد أن كان يعلو الغبار مشاريع تخرجهم وتموت في مهدها.