نـزار قباني-

متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا موتنا
بجرافات «إسرائيل»
تنكش في ترابنا
تنكش في تاريخنا
تنكش في إنجيلنا
تنكش في قرآننا
تنكش في تراب أنبيائنا
إن كان هذا ذنبنا
ما أجمل الإرهاب!
***
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا محونا
على يد المغول واليهود
والبرابرة
إذا رمينا حجرا
على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه القياصرة!
***
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا أن نفاوض الذئب
وأن نمد كفنا لعاهرة!
***
أمريكا
ضد ثقافات البشر
وهي بلا ثقافة 
ضد حضارات الحضر
وهي بلا حضارة
أمريكا بناية عملاقة
ليس لها حيطان.
***
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا زمنا
صارت به أمريكا
المغرورة، الغنية، القوية
مترجماً محلفاً
للغة العبرية!
***
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رمينا وردة
للقدس، للخليل 
أو لغزة والناصرة
إذا حملنا الخبز والماء إلى 
طروادة المحاصرة!
***
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفعنا صوتنا
ضد كل الشعوبيين من قادتنا
وكل من قد غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين
إلى سماسرة
إذا اقترفنا مهنة الثقافة 
إذا تمردنا على أوامر الخليفة العظيم والخلافة
إذا قرأنا كتبا في الفقه والسياسة
إذا ذكرنا ربنا تعالى
إذا تلونا «سورة الفتح» 
وأصغينا إلى خطبة يوم الجمعة
فنحن ضالعون في الإرهاب!
***
متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا عن الأرض
وعن كرامة التراب
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب
واغتصابنا
إذا حمينا آخر النخيل في صحرائنا
وآخر النجوم في سمائنا
وآخر الحروف في أسمائنا
وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا
إن كان هذا ذنبنا
ما أروع الإرهاب!
***
أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن ينقذني
من المهاجرين من روسيا
ورومانيا وهنغاريا وبولونيا
وحطوا في فلسطين على أكتافنا
ليسرقوا مآذن القدس
وباب المسجد الأقصى
ويسرقوا النقوش والقباب!
***
أنا مع الإرهاب 
إن كان يستطيع أن يحرر المسيح
ومريم العذراء والمدينة المقدسة
من سفراء الموت والخراب!
***
بالأمس
كان الشارع القومي في بلادنا
يصهل كالحصان 
وكانت الساحات أنهارا
تفيض عنفوان
وبعد «أوسلو»
لم يعد في فمنا أسنان
فهل تحولنا إلى شعب
من العميان والخرسان؟!
***
أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان
ويرجع الليمون والزيتون والحسون
للجنوب من لبنان
ويرجع البسمة للجولان!
***
أنا مع الإرهاب 
إن كان يستطيع أن ينقذني
من قيصر اليهود
أو من قيصر الرومان!
***
أنا مع الإرهاب 
ما دام هذا العالم الجديد مقتسما
ما بين أمريكا و»إسرائيل» بالمناصفة!
***
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا من فئة الذباب!
***
أنا مع الإرهاب 
إن كان مجلس الشيوخ في أمريكا
هو الذي في يده الحساب
وهو الذي يقرر الثواب والعقاب!
***
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد 
يكره في أعماقه
رائحة الأعراب!
***
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد أن يذبح أطفالي 
ويرميهم إلى الكلاب!
***
من أجل هذا كله
أرفع صوتي عالياً:
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب!