علي حرب - موقع "ميدل إيسـت آي" البريطاني

عندما قدم عضو مجلس النواب الأمريكي، رو خانا، مقترحا بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، في أيلول/ سبتمبر 2017، بدا أشبه ببيان ضد العنف، مع فرصة ضئيلة لنجاحه.
وفي نيسان/ أبريل 2019، وبعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، ووسط غضب متزايد على الرياض إثر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، تمت الموافقة على مشروع القانون بدعم من الحزبين. واستند الإجراء، لأول مرة على الإطلاق، إلى قرار سلطات الحرب، الذي يسمح للكونغرس بوقف العمل العسكري الأمريكي المتخذ دون موافقة المشرّعين.
واستخدم الرئيس دونالد ترامب حق النقض ضد القرار، ولكن مع اختفاء هذه العقبة الأخيرة قريبا، أي ترامب، والتزام إدارة جديدة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن بوقف دور أمريكا في الصراع، يجدد خانا دعوته لإنهاء الحرب، بحسب "ميدل إيست آي".
وفي مقابلة هاتفية أجراها معه موقع "ميدل إيست آي"، دعا "خانا" الإدارة القادمة إلى إنهاء أي دور أمريكي بسرعة، وهي خطوة قال إنها ستساعد في دفع المحادثات ـ التي يتوسط فيها مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث ـ إلى الأمام، وفي إحلال السلام ببلد مزقته الحرب.
وقال خانا: "أعتقد أنه يمكننا مساعدة غريفيث في إنهاء الحرب ببيان قوي من الرئيس بتوقيع قرار صلاحيات الحرب الذي مررناه في مجلسي النواب والشيوخ وتوضيح أن أمريكا لن تقدم أي دعم للسعوديين - لوجستي أو استخباري أو قطع غيار - في هذه الحملة الوحشية".
وأضاف: "إذا فعلنا ذلك، فسيمنح ذلك غريفيث النفوذ الذي يحتاجه لإنهاء الحرب في النهاية".

انتهى الوقت
وطالب خانا، وهو زعيم في الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، وشغل منصب الرئيس المشارك لحملة السيناتور بيرني ساندرز الرئاسية، بأن تدفع السعودية تعويضات عن الصراع من خلال تغطية تحمل مسؤولية الجزء الأكبر من حزمة المساعدات الدولية البالغة 5 مليارات دولار لليمن.
ويتطلب تمرير قرار سلطات الحرب إعادة تقديمه وإقراره من قبل الكونغرس الجديد قبل الوصول إلى مكتب بايدن. لكن خانا واثق من إمكانية استكمال العملية بعد فترة وجيزة من تولي الإدارة الجديدة مهامها.
وقال: "بمجرد أن يتم تمريرها في كلا المجلسين، فسيحتاج الرئيس إلى التوقيع عليها، وبعد ذلك يمكن لوزير الخارجية (توني) بلينكن أن ينقل للسعوديين أن الوقت قد انتهى، وأن عليهم إنهاء هذه الحرب وإصلاح الأمور، ودفع تعويضات عن الأضرار التي تسببوا بها".
وأضاف: "لم يعد لديهم صك على بياض من واشنطن. لقد فقدوا مصداقيتهم بالفعل لدى الكونغرس، وستكون هناك إدارة جديدة. يمكن القيام بكل ذلك في أول 30 يوما. وجو بايدن لديه البوصلة الأخلاقية لفعل هذا".
وسيتولى بايدن منصبه في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل، وقد تعهد مرارا بإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وقالت حملة بايدن في بيان للجاليات العربية الأمريكية في آب/ أغسطس: "أعطى دونالد ترامب حكومة المملكة السعودية صكا على بياض للقيام بمجموعة كارثية من السياسات، بما في ذلك الحرب المستمرة في اليمن، وقتل جمال خاشقجي، وقمع المعارضة في الداخل، بما في ذلك استهداف الناشطات".
وأضاف البيان: "سيراجع بايدن علاقة أمريكا بالحكومة السعودية، وينهي دعمها للحرب التي تقودها السعودية في اليمن".
ودعت المنظمات الحقوقية الرئيس المنتخب إلى الوفاء بهذا الوعد بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض.
ووجهت أكثر من 80 منظمة مناهضة للحرب رسالة إلى بايدن، يوم الاثنين الماضي، تحثه فيها على إنهاء مساعدة واشنطن للسعودية والإمارات في اليمن.
وقالت الرسالة: "نحن نعلم أن أمامك مهمة ضخمة، وأن هناك عددا من قضايا السياسة الداخلية والخارجية الحاسمة التي يجب معالجتها في اليوم الأول من ولايتك".
وأضافت المنظمات في رسالتها: "بصفتنا منظمات تمثل ملايين الأمريكيين تشعر بالقلق إزاء الأزمة الخطيرة في اليمن، فإننا نطلب منكم بشكل عاجل تضمين إنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب".
ووقعت على الرسالة منظمات مناصرة بارزة، بما في ذلك الديمقراطية للشرق الأوسط الآن (DAWN) ومعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، وكود بينك، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، ومركز السياسة الدولية، والفوز بلا حرب.
وأدرجت المنظمات لائحة مطالب للرئيس القادم: توقيع قرار صلاحيات الحرب وإنهاء مبيعات الأسلحة للرياض وحلفائها والتي يمكن استخدامها في الحرب ووقف كل الدعم اللوجستي الأمريكي للتحالف والضغط على المملكة لإعادة فتح الموانئ اليمنية ومطار صنعاء للرحلات التجارية، وتوسيع المساعدات الإنسانية الأمريكية إلى الدولة التي مزقتها الحرب.

الفضل لنشطاء السلام
ويوم الثلاثاء انتقد خانا صفقة أسلحة أمريكية مقترحة بقيمة 23 مليار دولار مع الإمارات، والتي تشمل طائرات (إف35) المتطورة وطائرات بدون طيار من طراز (Reaper).
وكان وزير الخارجية، مايك بومبيو، قد وافق على الصفقة الشهر الماضي بحجة اتفاق التطبيع بين الاحتلال "الإسرائيلي" والإمارات، ولكن لا يزال أمام الكونغرس فرصة لوقفها.
وقال خانا: "إنني قلق، لاسيما بالنظر إلى الدور الكبير للإمارات في حرب اليمن. لا أعتقد أنه يمكن تحقيق السلام عن طريق نقل وبيع الأسلحة".
وأضاف: "إن تزويدهم بأسلحة يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح، ويمكن أن يمنحهم ذلك المزيد من الفرص لارتكاب فظائع مثل تلك التي حدثت في اليمن".
وبدأت الحرب في اليمن في آذار/ مارس 2015 عندما شنت السعودية وحلفاؤها الإقليميون -وخاصة الإمارات- حملة غارات لطرد المتمردين الحوثيين من العاصمة صنعاء وإعادة تنصيب حكومة عبد ربه منصور هادي. 
وتعتبر الرياض الحوثيين وكلاء لطهران، لكن إيران تنفي تقديم دعم مادي للمتمردين اليمنيين.
ووصل الصراع إلى طريق مسدود لسنوات، لكن المعاناة التي تسبب فيها لا تزال مستمرة. وتسببت الحرب في مقتل أكثر من 100 ألف شخص، ودفعت البلاد الفقيرة بالفعل إلى حافة المجاعة وتسببت في تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها، بما في ذلك الكوليرا.
وقال خانا: "لقد وثّقت مجموعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة العنف المستمر في اليمن والحصار المستمر واحتمال حدوث مجاعة جماعية، وخاصة الأطفال الصغار. وزادت أزمة كوفيد-19 الأمور سوءا".
ونسب عضو الكونغرس الفضل في الزخم المتزايد وراء الجهود المبذولة لإنهاء الصراع إلى الجماعات المناهضة للحرب.
وقال: "يعود الكثير من الفضل للمنظمين ونشطاء السلام وجماعات حقوق الإنسان التي تحركت، وبعد ذلك أعتقد أن مقتل خاشقجي كان نقطة تحول".
وأضاف خانا أن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني واحتمال تفاعل دبلوماسي أوسع مع إيران يمكن أن يساعد في تأمين حل طويل الأمد للأزمة اليمنية.
وتابع: "نحتاج إلى علاقات دبلوماسية أفضل مع إيران لخفض التصعيد في اليمن".
وقال: "نحن بحاجة إلى سلطة الأمم المتحدة للدخول ومعرفة كيف يمكن نشر قوات حفظ سلام في اليمن والتأسيس لنظام جديد. ولكن السعوديين ليس لديهم سبب للبقاء في اليمن، ويجب أن يدركوا ذلك".
ولكن في طريقه للخروج، يبدو أن ترامب يتحرك لجعل العودة إلى الاتفاق النووي أكثر صعوبة. فقد شهدت الاتفاقية متعددة الأطراف، المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، قيام طهران بتخفيض برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة على اقتصادها.
وتقوم الإدارة المنتهية ولايتها بتكديس عقوبات مزدوجة على الكيانات والأفراد الإيرانيين. وفي أواخر الأسبوع الماضي، اغتيل عالم نووي إيراني بارز خارج طهران، حيث وجه مسؤولون إيرانيون أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
وكان لدى خانا رسالة إلى الرئيس الذي سيصبح قريبا رئيسا سابقا بشأن السياسة الخارجية: "لا تجعل الأمور أسوأ. لقد ألحقت ما يكفي من الضرر. دع بايدن يأتي ويعيد بعض الشعور بالدبلوماسية والنظام". 

"عربي21"
3 ديسمبر/ كانون أول 2020