سامي مهدي


الشهداء
هم يموتونَ 
لكنهم لا يموتونَ مثلي ومثلكَ 
هم يرحلونَ خِفافاً إلى زمنٍ قادمٍ 
في غدٍ لا نراه 
هم يعودون أيضاً  
يعودون مثلَ طيورٍ مهاجرةٍ 
مرةً بعد أخرى 
ويزكّونَ بالحبِّ والموتِ 
أنفسَهم قبل أيّ زكاة
هم قناديلُنا
وأناشيدُ أبنائنا 
هم تراتيلنا وتراتيلُ آبائنا
 في الصلاة
هم عطايا الإله
حينما تُجدبُ الأرضُ 
كي تستمرَّ الحياة


اعترافات
لم نعدْ أبرياءَ على هذه الأرضِ
لسنا ملائكةً طيّبينْ
بشرٌ نحنُ
يُحبِطُنا أنْ نراهمْ هنا
ونرانا نكلّمُ أنفسَنا
عند أبوابِهم قانتينْ
لم نكنْ نتوقَّعُ أن نتخطّى الجدارَ
ولا أن يُطِلَّ علينا صبيٌّ
ليسألَ عمّا نريدُ
فبتنا نهدهدُ أوجاعَنا
ونُقلّبُ جَمْرَ ضغائِننا
ونؤجِّجُه بين حينٍ وحينْ
بشرٌ نحنُ
لكنّنا لا نُباعُ ولا نُشترى
دَمُنا دَمُنا
وتصاويرُنا لا تُعَلَّقُ في السوقِ بين التصاويرِ
نحضرُ في البدءِ والمنتهى
ونروّضُ أرواحَنا بالغناءِ الحزينْ
بشرٌ نحنُ
لكنّنا نقطعُ الشكَّ بالشكِّ
حتّى نُجرّبَ أنفسَنا
ونُكذِّبَ أوهامَ أهلِ اليقينْ



مثابات
لا مثابةَ للريحِ
 إلاّ رؤوسُ الجبالْ
فهنالكَ أعلامُها
وخرائطُ رحلتِها
ومراسي سفائنِها إذ تعودُ محمّلةً بنحيبِ الرجالْ 
لا مثابةَ للريحِ إلاّ هناكَ
ونحنُ هنا نتعقّبُ آثارَها
ونخطّ على الرملِ أسماءَ من 

سقطوا في الطريقِ
وأسماءَ من قعدوا 
في الظلالْ
نحنُ والريحُ أقصوصتانْ
وعينانِ في الأفقِ سابحتانْ
نحنُ والريحُ 
محضُ دمٍ يابسٍ
وقميصٍ تخرّقَ من فرطِ ما نشرته الحكاياتُ 
فوق الحبالْ

 خطر المنسيّين
هم أيضاً منسيّونَ
وكل المنسيّين خطرونَ
فمّنْ يدري ما يمكن أن يفعلَ منسيٌّإن جاعَ
ومَنْ يدري كيفَ يفكّرُ بالمتخومينَ
وماذا يُضمرُ للعالمِ هذا
ثمّةَ ألفُ سؤالٍ
فالمنسيّون براكينٌ
تبدو خامدةً.. صامتةً
وتثورُ بلا نُذُرٍ .. في ليلِ الجوعْ