عبدالله البردوني -

الدُّجى يَهمي وهذا الحزنُ يهمي
مطراً من سُهدِه، يظما ويُظمي
يَتعَبُ الليلُ نَزيفاً وعلى
رُغْمِهِ يَدمى، وينجرُّ ويُدمي
يَرْتَدي أشلاءَه، يمشي على
مُقْلتيهِ حافياً، يَهْذي ويُومي
يَرْتَمي فوقَ شظايا جِلدِهِ
يطبخُ القَيْحَ، بشدقيْهِ ويَرْمي
أيها الليلُ..! أُنادي إنّما
هل أُنادي؟ لا.. أظنُّ الصوتَ وهمي
إنّهُ صوتي ويبدو غَيرُهُ
حينَ أُصغي باحثاً عن وجهِ حُلمي
مَنْ أنا؟ أسألُ شخصاً داخلي
هل أنا أنت؟ ومن أنت؟ وما اسمي؟
أيُّها الحارسُ تَدْري من أنا؟
اشتروا نومي، طويلٌ ليلُ هَمّي
ألأنّي حارسٌ يا سيّدي
زوَّجوها ثانياً؟ المالُ يُعمي
مَنْ أنا؟ الليلُ يبني للرؤى
قامةً كالرُّمحِ، مِن جلدي وعظمي
لا تَعي سكرانَ؟ تسعٌ أعْلنَتْ
أوَّلُ الأخبارِ، ما سَمّوهُ رَسْمي
مَنْ أنا؟ صارَ ابنُ عمّي تاجراً
واشترى شيخٌ ثريٌّ، بنتَ عَمّي
هلْ تنامُ الصبحَ؟ سيارتُها
عبرتْ قدَّام عَيني، فوقَ لَحْمي
إصغِ لي أرجوكَ.. أغرى أمَّها
شيَّدَتْ قصرَينِ، مِن أشلاءِ هَدْمي
مَن أنا يا تكسِ؟ أفْلَستُ وما
شبعوا.. مٙنْ مِنْ حُماةِ الأمنِ يحمي؟
مِنْ هُنا، سرْ، ها هُنا قفْ، رخصتي
ما الذي حمَّلتَ؟ فتِّشْ، هاتِ قَسْمي
خمسةٌ للقاتِ، خمسونَ لهمْ
وانْتَهى دخْلي، وأنْهى السلُّ أُمّي
عاجِنَ الفرنِ أتدري؟ سَنَةً
وأنا أعْجِنُ أحزاني وغَمي
مَنْ أنا؟ كانتْ تَرى والدتي
ذلَّ بعضِ الناسِ، تحتَ البعضِ حتمي
غِبْتَ عنْ قصدي! رفيقي غائبٌ
من ليالٍ، رأيه في الحبس «جهمي»
ما الذي أفعلُهُ؟، كلٌّ لَهُ
شاغلٌ ثانٍ، وفهمٌ غيرُ فَهْمي
داخلي يَسْقُطُ في خارجِهِ
غُربَتي أكبرُ منْ صوتي، وحجمي
«نُقُمٌ» يَرنُو بعيداً، سيّدي
هلْ ترى في ضائعِ الأرقام، رقمي؟
طحنَتْ وجهي ـ لأنّي جبلٌ ـ
خيلُ كسرى، عجنتهُ خيلُ نظمي
أعشبَتْ أرمِدَةُ الأزمانِ في
مُقلتيَّ، جلمدتْ شمسي ونَجْمي
تَذْهَبُ الريحُ، وتأتي وأرى
جبهتي فيها وهذا حَدُّ عِلمي
مَنْ هُنا أسألُهُ؟ مَنْ ذا هُنا؟
غيرُ ثوبٍ، فيهِ ما أدعوهُ جسمي
مَنْ أنا؟ والليلةُ الجرحى على
رُغْمِها تَهْمي، كما أهمي برغمي؟
هلْ كفى يا أرضُ غَيْثاً؟ لمْ تَعُدْ
تغسلُ الأمطارُ، أوجاعي وعُقمي