هيئة التحريـر
موقع "شيير بوست" الأمريكي

ألقى مارك لوكوك من الأمم المتحدة مؤخرا خطابا حماسيا ومروعا في مجلس الأمن، حذر فيه من أن 4 ملايين يمني كانوا يتلقون المساعدات لم يعودوا يتلقونها، بعد توقف هذه المساعدات بسبب نقص مساهمات المانحين، ويمكن أن تكون البلاد على أعتاب مجاعة جماعية.
ينتشر بالفعل سوء التغذية على نطاق واسع في اليمن، تغذيه الحرب القائمة، وزادت الأمور وطأة في الآونة الأخيرة بسبب الانكماش الاقتصادي جراء وباء فيروس كورونا.
وتنبع الكارثة الإنسانية في اليمن إلى حد كبير من الحرب التي شنتها المملكة السعودية والإمارات في عام  2015 على ذلك البلد، والتي تدعمها إدارة ترامب إلى حد بعيد.
هذه حرب أمريكية، والأمريكيون ملطخة أيديهم بدماء اليمنيين. تم تدمير ثلث البنية التحتية في اليمن، معظمها بالغارات الجوية السعودية والإماراتية، وقتل أكثر من 100 ألف شخص.
الإمارات، بقيادة محمد بن زايد، لا تقدم شيئا لمساعدة اليمن هذا العام، على الرغم من أن غزوها تسبب في العديد من المشاكل التي تواجهها البلاد.
كما دعا لوكوك السعوديين والكويتيين، وقدموا تبرعات جديدة، حيث قدمت الكويت 20 مليون دولار.  لكن جهود المساعدة تراجعت من التمويل بأكثر من 60٪ من المساهمات المطلوبة إلى 42٪ فقط.
وقال لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ: "تصل وكالات الإغاثة الآن إلى حوالي 9 ملايين شخص شهريا فقط في اليمن، وهذا أقل من أكثر من 13 مليونا في بداية العام.  ما هو مصير الأربعة ملايين الذين لم يعد لدينا المال لمساعدتهم؟!  لقد قلت في وقت سابق إن النافذة لمنع المجاعة في  اليمن تغلق". 
وذكر لوكوك أن مشاكل البلاد تتفاقم على عدة جبهات.  لطالما عارضت حكومة هادي، المدعومة من السعودية، المتمردين الحوثيين أو أنصار الله على ميناء الحديدة، وهو أمر أساسي في إمداد الجزء الشمالي من البلاد.  كان مقاتلوها يمنعون تفريغ البنزين، على الأرجح في محاولة لحرمان الحوثيين من القدرة على استخدام العربات المدرعة.
والحوثيون مقاتلون محليون ينتمون للفرع الشيعي الزيدي في الشمال.  على الرغم من أنهم غالبا ما يقال إنهم "مدعومون من إيران"، فإن التدخل الإيراني في اليمن ليس واسع النطاق، ولدى الحوثيين مظالم عربية ومحلية.  إن مليارات الدولارات من الأسلحة عالية التقنية التي بيعت للسعوديين والإماراتيين لاستخدامها ضد اليمن تقزم المساهمات الإيرانية الصغيرة للحوثيين من حيث الحجم.  يشعر الزيديون في كثير من الأحيان بأن المملكة السعودية كانت تحاول الهيمنة عليهم وتحويلهم إلى المذهب الوهابي المتشدد.
وأشار لوكوك إلى أن "20 ألف طن متري فقط من الوقود التجاري دخلت الحديدة في سبتمبر، وهذا ثالث أقل رقم مسجل على الإطلاق، وأقل بنسبة 76 في المائة عن أغسطس.  حاليا، تنتظر 20 سفينة وقود تجارية دخول الميناء وتفريغ ما يعادل ثلاثة أشهر من الواردات".
تكمن المشكلة في أنه ليس الحوثيون فقط هم الذين يعانون من أزمة الوقود، ولكن الناس العاديين، الذين يحتاجون إليه للقيادة إلى السوق أو إلى المستشفى عند المرض والمزارعين هم الذين يحتاجون إليه لتوصيل محاصيلهم إلى المدن.
وبالمثل، أدت حالة الضعف في البلاد إلى انخفاض الريال اليمني إلى 850 مقابل الدولار، وهو مستوى انخفاض تاريخي. سعر الصرف هذا يجعل من المستحيل على العديد من اليمنيين تحمل الواردات، ويتم استيراد الكثير من المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى في البلاد
لا تحدث المجاعات عادة بسبب النقص الكامل في الغذاء، ولكن بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى درجة يصعب على الناس تحمل تكاليف شرائها.  إذا لم تتمكن حكومة هادي من إيجاد طريقة لإعادة قيمة الريال، فقد يتضور عدد كبير من الناس جوعا.
كما أن الحرب تزداد سوءا، رغم تبادل الأسرى هذا الأسبوع بين الحوثيين وحكومة هادي.
فقد حذر لوكوك: "هناك الآن 47 خطا أماميا نشطا في جميع أنحاء اليمن، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق. خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقعت أعنف الاشتباكات في الحديدة ومأرب والجوف".
هذا العام، نزح 150 ألف شخص آخرون من ديارهم بسبب القتال، 80٪ منهم في حكم المشردين، وبذلك يصل العدد الإجمالي في البلاد إلى مليون نازح.  يبلغ عدد سكان البلاد حوالي 30 مليون نسمة.
في الشهر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنها اضطرت إلى خفض المساعدات إلى 300 منشأة طبية في اليمن، بعد إغلاق ثلث البرامج الإنسانية في البلاد في ربيع وصيف هذا العام.
الموقع "بوست"
27 أكتوبر/ تشرين أول 2020