أميرة أبو الفتوح
"ميدل إيست مونيتور"
ترجمة خاصة لـ لا: زينب صلاح الدين / لا ميديا -

تعد الإمارات دولة شابة نسبياً، حيث إنها صغيرة المساحة والوزن السياسي. على الرغم من ذلك لديها القدرة على أن تتآمر ضد المسلمين ليس فقط في العالم الإسلامي بل وفي كل أنحاء العالم أيضاً، من مالي إلى تركيا والبلقان -حيث تتحد هناك مع الصرب المعادين للمسلمين- والهند بالإضافة إلى الصين. 
أي نوع من البلدان هي الإمارات؟ هل هي مجموعة من الإمارات الصغيرة العديدة التي لم تكمل عقدها الخامس بعد؟ وهل تتحرك بطموح وتوسع ذاتيين؟ أم أنها يتم تحريكها كي تخدم مصالح الآخرين؟ من أين يأتي نفوذها وقوتها اللذان يمكنانها من التحرك نحو الشمال والجنوب والشرق والغرب؟
في الواقع لا يحتاج الأمر الكثير لمعرفة أن السلطات الإماراتية ليست تحت سيطرة الإمارات نفسها؛ وأنها تستخدم من قبل الآخرين. وفي حقيقة الأمر أن الإمارات ما هي إلا دولة كرست مواردها لخدمة أجندات أجنبية. كما قال عنها وزير الدفاع التركي مؤخراً كولوسي آكار: "إنها مجرد دمية يتم استخدامها عن بعد من قبل عدة بلدان لخدمة أطماعها السياسية والعسكرية. ثم سأل: من هي هذه الأطراف؟ وبالنيابة عمن تتصرف الإمارات؟
يدرك آكار بالتأكيد أن الإمارات ما هي إلا أداة في أيدي الصهاينة يحركونها أينما ومتى شاؤوا. وهي بالتالي ذراع للكيان الصهيوني الاستعماري "إسرائيل". وفي هذا المعنى أيضاً بإمكاننا أن نستنتج أن هذه الدولة الخليجية الصغيرة تعمل لصالح أمريكا ومشاريعها الاستعمارية في المنطقة على حساب العالم العربي التي فصلت نفسها عنه. 
من الممكن أن نكون قد أدركنا فقط أن الإمارات تلعب هذا الدور بعد اندلاع وامتداد ثورات الربيع العربي، حيث كان البعض منا مذهولاً من تحولها من صحراء قاحلة إلى ملاذ أخضر. لقد قامت حكومة الإمارات ببناء الأودية والبحيرات الصناعية ببنية تحتية معقدة، وكذلك الفنادق الفخمة والمتاجر الراقية وحتى المناظر الساحرة التي تأسر عيون وقلوب الناس. وكنا نظن أن كل ذلك كان متعلقاً بطموح بلد شاب قادر على صنع مثل ذلك التحول الكبير، وشدّنا هذا الطموح فشجعناه، وفي الوقت نفسه كنا نتمنى أن يحدث تحول مشابه في كل البلدان العربية. 
كان العديد من الشباب يأملون الحصول على وظيفة في الإمارات... حتى سقط القناع عنها بعد الربيع العربي، وتكشف لنا الدور الذي تلعبه الإمارات ضد الشعوب على امتداد المنطقة لإجهاض ثوراتهم، وكيف أنها كانت مستخدمة من قبل الصهاينة لطعن الناس في ظهورهم وتقسيمنا وإغراق منطقتنا ببرك الدماء في سوريا وليبيا واليمن. 
كانت هذه الدولة تخشى أن تأتي رياح الثورات العربية عليها وتضمن لشعبها فرصة لتجربة الحرية والعدالة والمساواة في تشارك ثرواتها الطبيعية. ولا شك أن هذه الثروات مغتصبة من قبل الأسرة الحاكمة التي ترفض المشاركة الشعبية الحقيقية في الحياة السياسية في حال أسقطت الديمقراطية عرشها. 
أنشأت الإمارات مركز عمليات لقمع الثورات العربية بمساعدة موساد "إسرائيل" و(سي آي إيه) أمريكا. لم تقم واشنطن بدعم الثورات، على عكس ما أشيع من قبل البعض الذين كانوا يحاولون الربط بين الانتفاضات الشعبية والمؤامرة الأمريكية لخلق فوضى كما أعلنت وزيرة الدفاع السابقة كونداليزا رايس في 2006. إذا كانت الإدارة الأمريكية حقاً سعيدة بهذه الثورات لكانت كلها ناجحة. 
ما هو مهم بالنسبة لأمريكا وتعتبره فوق كل شيء وأي شيء هو الكيان الصهيوني. وهي تعي تماماً أن الحرية السياسية في الشرق الأوسط مهددة لـ"إسرائيل". وعليه فإن الخطط متوفرة للتنفيذ الفوري لإحباط أي مسار ديمقراطي في البلدان العربية، لاسيما تلك البلدان ذات التوجهات الإسلامية. على هذا المستوى وجدت الإمارات أرضية مشتركة مع أمريكا و"إسرائيل" لتتأكد من أن ثورات الربيع العربي لم تحقق شيئاً. 
أنفقت الإمارات مليارات الدولارات إلى جانب السعودية، لأن كلتيهما كانت تخشى ظهور الاتجاهات الإسلامية في بلدان الربيع العربي؛ التي أهمها جماعة الإخوان المسلمين. لم تكتف أبوظبي والرياض بحظر حركتها في أراضيها فحسب، بل واستخدمت كل الوسائل المتاحة للتخلص منها (الأسلحة والمال والإعلام) لدعم الديكتاتوريين، وحاولت إقناع المجتمع الدولي بتصنيفها على أنها منظمة إرهابية. ولقد فشلوا في هذا الأخير في الوقت الحالي على الأقل. 
تجلت المرحلة الأخيرة من هذه الحرب ضد الديمقراطية في مؤامرة الإمارات ضد تونس. شملت محاولتهـــــــا لزعزعة استقرار دولة شمال أفريقيا عن طريق تمويل حملة تترأسها عبير موسى وبعض الأحزاب الموالية للنظام السابق للرئيس المنفي زين العابدين بن علي، لإسقاط رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة المحسوب على الإخوان المسلمين. وحقيقة أن النهضة هو الحزب الأكثر شعبية في تونس لا يعني شيئاً للقوى المناهضة للديمقراطية مثل الإمارات. 
ومع ذلك فشلت هذه الجهود، ولم يعط البرلمان في تونس الغنوشي صوته فحسب، بل وأعطى العالم العربي درساً آخر في الديمقراطية. انتصرت تونس وخسر المتآمرون أموالهم، إلا أنهم لن يوقفوا محاولاتهم لتدمير البلد؛ فالإمارات وحلفاؤها لا يريدون أن تكون تونس نموذجاً ديمقراطياً للعالم العربي. 
كانت أول ثورة مضادة للإمارات في مصر، حين دعمت الانقلاب الذي أسقط أول رئيس منتخب ديمقراطياً في 2013، على الرغم من أن الدكتور محمد مرسي قد فاز في انتخابات حرة ونزيهة. لقد دفنت الإمارات ديمقراطية مصر الوليدة قبل أن تستأجر مرتزقة لدعم بشار الأسد وحولت الثورة النبيلة إلى حرب أهلية عنيفة. ساعدت الإمارات في تدمير البلد والشعب، وحولت أرضاً جميلة تنعم بمناظر طبيعية آسرة وهندسة معمارية رائعة إلى جبال من الأنقاض تسبح في حمامات الدم. 
هذه المجازر ازدادت أكثر في اليمن، حيث تدخلت الإمارات في 2015 كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية، حيث قُتل عشرات الآلاف ودمر كامل المجتمع اليمني، وقسمت أرض اليمن التي مزقتها الحرب من قبل الإمارات التي تحتل الجنوب واستولت على الموانئ بحجج واهية كما فعلت في الصومال وجيبوتي قبل أن يتم طردها من قبل السلطات المحلية. تم الكشف عن طموح الإمارات الجانح هذا عندما حاولت الاستيلاء على الميناء المحتل من قبل أمريكا فقط ليقال لها "اعرف حدودك". 
وحاولت فعل الشيء ذاته في ليبيا عن طريق دعم الخائن الإرهابي خليفة حفتر بالأموال والسلاح، على الرغم من هزائمه على أيدي حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها تركيا والتي مقرها في طرابلس. هذا الوضع جدير بكتابة مقال في حد ذاته. 
4 أغسطس