يوني بن مناحم
المركز المقدسي للشؤون العامة والدولة

ينبغي الانتباه إلى التصعيد الكلامي والعملي من إيران ووكلائها في الأيام الأخيرة، بعد أن وقّعت في 9 يوليو اتفاقاً عسكرياً جديداً بينها وبين سوريا، وبحسبه سيتم تحسين تشكيل الدفاع الجوي السوري بمنظومة صواريخ أرض ـ جو من صنع إيران من نوع "الثالث من خرداد".

الناطق باسم الخارجية الإيرانية حذّر في 13 يوليو/تموز من أن "إيران سترد بحزم ضد أية دولة يثبت تورطها في الانفجار في منشأة نطنز النووية".
في موازاة ذلك، استأنف الحوثيون في اليمن، الموالون لإيران، هجماتهم على السعودية بطريقة الهجوم نفسها التي قاموا بها، حسب زعمهم، على منشآت نفط شركة أرامكو في 14 سبتمبر/ أيلول في العام الماضي. حينها زعموا أنهم هم من نفّذوا الهجوم، لكن بحسب معلومات استخبارية أمريكية و"إسرائيلية" فإن الهجوم نفّذته الذراع الجوية لـ"حرس الثورة" من ضمن الأراضي الإيرانية.
في مطلع الأسبوع الماضي أطلقوا 4 صواريخ باليستية و8 طائرات مسيّرة مفخخة نحو مطاري جيزان ونجران في السعودية، ونحو منظومة صواريخ باتريوت في خميس مشيط، ونحو منشآت النفط في جيزان، والناطق باسم التحالف السعودي أعلن اعتراضها.

التهديد على "إسرائيل"
أعلن الحوثيون لأول مرة أن لديهم بنك أهداف يشمل "تل أبيب". الحديث عن بنك أهداف أعدّته شعبة استخباراتهم. وأعلن عبدالله الحاكم، قائد شعبة الاستخبارات للحوثيين في اليمن، في 13 يوليو/ تموز، أن لديهم "بنك أهداف مهمة وحيوية في السعودية والإمارات وتل أبيب، بل حتى أكثر من ذلك".
حقيقة أن الحوثيين أعدّوا بنك أهداف في "إسرائيل" يجب أن تُقلق كثيراً، "إسرائيل" ليس لديها أي نزاع معهم، لكن من الواضح أنهم وكلاء لإيران التي تخطط لتشغيلهم ضد "إسرائيل" في التوقيت المناسب من ناحيتها.
الحوثيون يربطون "إسرائيل" مع السعودية والإمارات، ويزعمون أن لديها تطبيعاً معهما وتعاوناً أمنياً، كل هذه الدول الثلاث هي حليفات للولايات المتحدة.

إيران تخطط هجوماً على "إسرائيل" من عدة جبهات 
لا تُخفي إيران نواياها مهاجمة "إسرائيل" من عدة جبهات بقذائف صاروخية وصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة مفخخة ضمن استخدامٍ لوكلائها من سوريا والعراق، وحزب الله من لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي من قطاع غزة، وكذلك الحوثيين من اليمن. سبق أن كانت هناك محاولات إيرانية لمهاجمة «إسرائيل» من الأراضي السورية، لكن الجيش الإسرائيلي أحبطها بنجاح.
أول تهديد بمهاجمة "إسرائيل" من اليمن أطلقه زعيم حركة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، في كلمة له ألقاها في 2019/11/9 بمناسبة عيد المولد النبوي، وأطلق فيه لأول مرة تهديداً لـ"إسرائيل"، إلى جانب تهديد السعودية.
الكلمة، التي بثتها قناة "المسيرة"، نفى فيها عبدالملك الحوثي كلام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن إيران بدأت بتزويد اليمن بصواريخ دقيقة، وهدد بمهاجمة "إسرائيل" إذا هاجمت اليمن.
في مؤتمرٍ صحفي مشترك مع وزير المالية الأمريكي ستيفان منوتشين في 2019/10/19، قال رئيس الحكومة نتنياهو: "إيران تطمح الآن للحصول على سلاحٍ دقيق يمكنه ضرب أي هدف في الشرق الأوسط بدقة 5 ـ 10 أمتار، إنها تطمح لتطوير هذا وأدخلته (الصواريخ الدقيقة) إلى اليمن بهدف استهداف إسرائيل من هناك أيضاً".
مصادر سياسية كبيرة في القدس تقول إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كشف حينها حقيقة وجود صواريخ دقيقة إيرانية في اليمن، كي يطلق تحذيراً لإيران بـأنها تتابع تحضيراتها لمهاجمة "إسرائيل"، وإن "إسرائيل" لديها استخبارات دقيقة عن كل استعداداتها لهجومٍ كهذا من كافة القطاعات، بما فيها اليمن.
إيران منهمكة الآن في تخطيط ردها العسكري على الانفجارات في منشأتي نطنز وبارتشين، وجهات أمنية في "إسرائيل" لا تستبعد رداً عسكرياً إيرانياً من أراضي اليمن أيضاً.
الاستخبارات في "إسرائيل" تقدّر أن هجوماً إيرانياً على "إسرائيل" يمكن أن يأتي من الأراضي السورية أو العراقية بواسطة المجموعات الموالية لإيران أو قوة "القدس" في حرس الثورة بقيادة إسماعيل قاآني، لكن يمكن أيضاً تنفيذ هجوم على أهدافٍ "إسرائيلية" من اليمن.
أقرب نقطة «إسرائيلية» لليمن هي مدينة "إيلات"، لكن المسافة كبيرة جداً، حتى بالنسبة لصواريخ الكروز الإيرانية.
لكن بالتأكيد يمكن للإيرانيين تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية بعيدة المدى أو مساعدتهم في تطوير صواريخ كهذه بأنفسهم، ويمكنهم استخدام اليمن كقاعدة لمهاجمة سفن "إسرائيلية" تُبحر في مضيق باب المندب باتجاه "إيلات"، بواسطة صواريخ ساحل ـ بحر، أو بواسطة زوارق مفخخة تقوم بهجمات انتحارية على السفن "الإسرائيلية".
نذكّر أن حزب الله، الموالي لإيران، أطلق في 14 يوليو/تموز 2006، خلال حرب لبنان الثانية، صاروخ ساحل ـ بحر من نوع C-802 المضاد للسفن نحو سفينة لسلاح البحرية "الإسرائيلية" قبالة الساحل اللبناني، وقُتل فيها 4 جنود، والسفينة تضررت وجُرّت إلى القاعدة البحرية في حيفا.
وكشف رئيس استخبارات الحوثيين في اليمن أنهم أعدّوا بنك أهداف في "إسرائيل" من أجل مهاجمتها، يدل على جمع معلومات استخبارية واستعدادات عسكرية عملانية للعمل، وفي هذا أيضاً تأكيد غير مباشر أن لديهم صواريخ بعيدة المدى حصلوا عليها من إيران.
"إسرائيل" لديها قدرات استخبارية عالية. ورئيس الحكومة نتنياهو فاجأ في الماضي الإيرانيين والحوثيين عندما أعلن أن "إسرائيل" على علم بنواياهم للعمل ضدها من أراضي اليمن.
لقد أثبتت "إسرائيل" في الماضي أن بمقدورها إحباط هجمات ضدها مسبقاً، مثلما صفّت خلية المسيرات الإيرانية في قوة القدس في سوريا وكانت تخطط لهجوم في منطقة هضبة الجولان في أغسطس/ آب 2019.
مع هذا، يجب المتابعة باهتمامٍ بالغ، من الناحية الاستخبارية، لما يجري في اليمن واتخاذ الإجراءات المطلوبة لتأمين السفن "الإسرائيلية" التي تبحر في منطقة باب المندب. تهديد الحوثيين هو تهديد جدّي، وليس مستبعداً أن يحاول الإيرانيون استخدام الحوثيين من أجل ضرب أهدافٍ "إسرائيلية"، مثلما يستخدمونهم لضرب أهداف سعودية.


*كاتب "إسرائيلي" 
"الميادين نت"
20 يوليو/ تموز 2020