صلاح الدكاك / لا ميديا -

عندما يستعصي قلمك أن يكون قناة دمعية لأحزانك، وأبجديتك ثوب عزاء يواري عري روحك، وأوراقك منديلاً تتكسر على طراوته حمم تنهيداتك ويجلو غبش عينيك الداميتين.. فبأي شيء تلوذ؟! على أي صخرة حنونة تكبح اختلاج أعماقك وذوبان قطبك المتجمد؟!
كانت اللغة لعبتك، التي كبرت معك ولم تنضب احتمالات تشويقها وإثارتها بتوالي الأيام. كانت أمك التي تحط على صدرها كعصفور مهيض الروح، كلما كادتك عواصف الأسى وجحدتك الغصون والأفنان. كانت وطنك المرسوم بريشة مشيئتك ومشفى آلامك وملاذ آمالك. كانت أنت. فما الذي يبقى منك، إن صفقت بوجهك أبوابها واستعصت عليك مداخلها، وارتفعت أمام ناظريك بعيداً بعيداً، لتغدو قارة مفقودة، آخذة معها خبزك وماءك وأرضك وسماءك بكل مزنها وغيثها وذخيرة بقائك على قيد الوجود؟!
كظيمٌ لا تجد ريح يوسف لتتنفسها أملاً، ولا قميصه لتبرأ منه طيف روح، وروايةً غير ملطخة بدم كذب.
يا ذئب الذرائع المتهوم، اعوِ ليستأنس القلب بعوائك في مهب صياح بشرٍ تنخلع له الأضلاع وحشةً!
‏بأي أبجدية أكتب فجيعتي فيك، وأنت كنت أبجديتي التي أهش بها على أحزاني؟!
ليته حزنٌ عابرٌ لأوْدِعه تابوتَ الأبجدية وألقيه في اليم.
إنه فؤادٌ فارغٌ لا يبلسمه حليبُ أبجديةٍ كانت أنت.
يا صديقي الذي استنقذه القدر من جُبِّ الآلام ليسجنني فيه..
أنا يعقوب ويوسف معاً.