خاص / مرافئ -

قدمت نفسها أمّاً لكلّ أطفال اليمن، ودوّنت اسمها كأوّل امرأة تعدّ برامج إذاعية وتلفزيونية للأطفال في السبعينيّات، فاشتهرت بـ«ماما نجيبة».
ولدت المذيعة والإعلامية المتميزة نجيبة محمود علي حداد، في 1950، بعدن. دفعتها المعاناة التي عاشتها في سنوات حياتها الأولى للتعويض من خلال تعلّقها بالأطفال بشغف، فجعلت فكرها وإبداعها ينصبّ على كيفية إسعادهم، وتحسين ظروف حياتهم، ورسم خطوط عريضة لمستقبلهم على الصعيدَين الأسري والمجتمعي، إلى جانب نضالها المستميت ضدّ ظاهرة الزواج المبكر.
في 1967 التحقت نجيبة بإذاعة عدن المركزية كمذيعة ومقدمة برامج. في البداية، خطّطت لإعداد برنامج للأطفال يُبثّ عبر أثير الإذاعة، واقتضى ذلك أن تنبش في الكتب وتنسج علاقات مع الأخصائيّين في مجال الطفولة، وأن تطلع على أحدث كتابات قصص الصغار، كي تستوعب أكثر تكوينهم الفطري، وتلمّ باحتياجاتهم المختلفة. فكانت من أوائل من أسهم في إصدار مجلّة للأطفال بعنوان «الطفولة».
الكمّ الهائل من المعلومات التي اكتسبتها خلال إعداد البرنامج، إلى جانب خبرتها الحياتية وتجاربها الخاصّة، شكّلت الرافعة التي فجّرت فيها موهبة تأليف قصص للأطفال، تلمّست في موضوعاتها مشكلاتهم، ووضعت المعالجات المناسبة لتجاوز آثارها الوخيمة على مسار حياتهم البالغة الحساسية والتعقيد.
نشرت أوّل كتاباتها في مجلة «الحرّية» البيروتية بالمراسلة عبر البريد، بعدها أصدرت في 1975 قصّة «حكاية لعبتي»، التي استقت فكرتها من تطوير ألعاب الأطفال بوسائل التكنولوجيا الحديثة ابتداءً بالبطّاريّات، وأسهبت في الحديث عن دلالات هذه الألعاب، وآفاق تطوّرها، وكيف ستؤثّر على سلوكيّات الأطفال؛ وقصّة «سارق العسل» التي تُرجمت إلى 14 لغة، وحصلت على جائزة الروبل الفضية في الاتحاد السوفييتي، عام 1985.
كتابات وبرامج «ماما نجيبة» كانت موجّهة للأطفال من سنّ الـ5 سنوات إلى الـ13، وتطرح من خلال مواضيعها حبّ القراءة وإتقان اللغة، إلى جانب تنمية القيم الأصيلة وزرع بذور الولاء للوطن، وهي تعتمد في الكتابة على حروف الهجاء ولغة القرآن الكريم، لسهولة فهمها واستيعاب مضامينها.
كانت تثير مشكلات واقعية تعاني منها الأسرة والمؤسّسات التربوية والتعليمية، وفي الوقت نفسه تقدّم الحلول الموضوعية لتجاوزها، بطريقة سهلة وغير مكلفة.
تقلدت نجيبة حداد العديد من المناصب، آخرها وكيل وزارة الثقافة، وكُرّمت في أكثر من مناسبة داخليّاً وخارجيّاً، كما أنّها اختيرت الرئيسة الفخرية لاتّحاد سفراء الطفولة العرب لعام 2010، وحتّى اليوم مازالت مراكز أبحاث ومؤسّسات متخصّصة في مجال الطفولة والأسرة تستمدّ من أفكارها رؤية علمية لكيفية تطوير أدائها وخدمة المجتمع ككلّ.