توماس باني - ترجمة خاصة عن الألمانية: #نشوان_دماج / #لا_ميديا -

تحدثت تقارير إعلامية عن زيارة تفقدية قام بها مهندسون سعوديون ومصريون لحقل العُمَر النفطي في سوريا، وقيامهم باتخاذ تدابير لتحسين الإنتاج. في غضون ذلك، اتهم وزير الخارجية السوري الولايات المتحدة بمهاجمة مصفاة نفط في حمص.
ما الذي يفعله موظفو أرامكو السعودية في حقول النفط بدير الزور السورية؟ حيث ذكر موقع «المصدر نيوز» الناطق باللغة الإنجليزية، أواخر الأسبوع الماضي، أن مبعوثين رسميين لأكبر شركة منتجة للنفط في العالم زاروا الحقول النفطية في المحافظة الشمالية الشرقية من سوريا.

قبلها، كان موقع «Ezzor24» والذي يبدو أن لديه مصادر معلومات محلية جيدة، قد كتب أيضا عن استثمارات مخطط لها تريد الشركة السعودية الشروع بها في حقول النفط ومصادره في دير الزور. ووفقا لمصادر»Ezzor24»، التي لم يكشف عن هويتها، تفقد فريق من موظفي أرامكو في مهمة رسمية حقل العمر، أحد أكبر حقول النفط في سوريا، وبدؤوا حتى بـ»تنفيذ خطوات عملية».
وبما أنه من المعروف أن الولايات المتحدة تسيطر على حقول النفط السورية في شرق البلاد («إننا نحن من يحتفظ بالنفط -تذكروا ذلك»، ترامب)، يتوجب أن تمر استثمارات أرامكو بعقود مع الحكومة الأمريكية. ويضيف تقرير «Ezzor24»أن ترامب أعلن مؤخراً عن استثمارات في الموارد الطبيعية في كل من دير الزور والحسكة والرقة.
هذا الأمر معناه «تحد واضح» للأسد وروسيا وإيران. وبوسع المرء أن يتحدث بوضوح أكثر بالقول إن مثل هكذا اتفاقات أو عقود تشكل انتهاكا لحقوق السيادة في أي بلد. وإذا ما صحت المعلومات فإن ذلك يعتبر عملية سطو.
كان الرئيس السوري بشار الأسد قد وصف الاستحواذ الأمريكي على حقول النفط المعروفة بالسرقة، كما أن وزارة الخارجية الروسية تحدثت في أواخر أكتوبر عن «لصوصية دولية» يستفيد منها مهربو النفط (انظر ظروف غير مستقرة: القتال من أجل النفط السوري). والآن ها هي ذي الخطوة الأكثر وقاحة واستهانة بالقانون الدولي: ظهور أرامكو السعودية!
لكن الشركة تنفي ذلك، بحسب بيان نقله موقع «عنب بلدي» عن إيميل القسم الإعلامي بأرامكو، مفاده أن «أرامكو ليست متورطة في أي عمليات تنقيب أو إنتاج أو أي أنشطة استثمارية في سوريا».

أخبار متناقضة
على أية حال، فإن موقع «عنب بلدي»، الذي تم إنشاؤه عام 2011 وهو أقرب إلى معارضة الأسد منه إلى معارضة الحكومة، يشير  في مادته أيضا إلى تفاصيل تقرير لوكالة الأنباء التركية «أناضول»، والذي أفاد بأنه في 13 ديسمبر «كان فريق من المهندسين والفنيين على متن طائرات هليكوبتر أمريكية قد حط في المنطقة، بمهمة رسمية تتمثل في إعادة تشغيل حقل النفط وتدريب العمال وزيادة إنتاج النفط».
الحديث هنا عن 15 مهندسا مصريا وسعوديا، متخصصين في إنتاج النفط، وصلوا إلى حقل العمر. كان حقل النفط ذاك والمنشآت المرتبطة به قد تضرر بشكل كبير في المعارك ضد المحتل السابق، مليشيات داعش.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أوضحت أن عائدات النفط ينبغي أن يستفيد منها الأكراد. وإذا صح الأمر وفقا لمعلومات «ميدل إيست مونيتور»، والذي يعتمد على المصادر العربية لوكالة الأناضول، فإن عشرات الجنود السعوديين -بصرف النظر عن حالة الإنكار- وصلوا إلى حقل العمر النفطي، وذلك من أجل حماية مجموعة المهندسين المصريين والسعوديين.
الجدير بالذكر أنه، بحسب المصدر المحلي لوكالة الأناضول، كانت قد وصلت إلى جانب الجنود الذين قدموا على متن طائرات هليكوبتر، حوالي «30 شاحنة مزودة بحفارات ومعدات قادمة من شمال العراق».
وإذا كان الأمر صحيحا، فإنه قد لا يحظى بترحاب في موسكو، مع أن ثمة سعيا حثيثا هناك للحفاظ على علاقة جيدة مع السعودية، كما يتضح ذلك على الأقل من خلال المهزلة الخاصة بمقتل خاشقجي، فنظرا للمصالح الكبرى لم يكن يراد إيلاء ذلك الأمر أهمية كبيرة وذلك حتى لا تتعرض تلك العلاقة للخطر.

فسيفساء معقدة: روسيا، السعودية، سوريا
روسيا بطبيعة الحال لديها هي أيضا مصالح في إنتاج النفط السوري وفي مجال الاستثمارات، حتى لو كانت الودائع في سوريا غير مجدية على نحو خاص (انظر: خطط إعادة الإعمار في سوريا).
أما في دمشق فالغضب سيكون أكبر. فهم هناك يواجهون عقوبات أمريكية تشتد وطأتها أكثر فأكثر، وتفضي إلى مآزق كبيرة لدى السكان. وفي هذا السياق يأتي أيضا اتهام وزير الخارجية السوري، والذي مفاده بأن حكومة الأسد تنسب الهجوم الأخير على مصفاة نفط مهمة في حمص إلى الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الروسية. أما وكالة الأنباء السورية سانا فقد طمأنت الجمهور بأن غاز الطهي لا يزال ينتج رغم «الهجوم الإرهابي».
وإذا مـــــــا تم تطبيق إجراءات الدعم السعودية لصالح قوات سوريا الديمقراطيــــــــة، والتي ينبغــــــي أن تستفيد منها الولايات المتحدة في إنتاج النفط في سوريا، فإن ذلك سينطبق أيضا على المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطيــــــــــة وحكومة دمشق. ويمكن التكهن حول ما إذا كان ذلك سيزيد من حجم التفاوض بشأن الحكم الذاتي السوري، أو مــــــا إذا كان التعـــــاون المحتمل بين الأكراد والسعودية سيجعل التوصل إلى اتفاق بين ممثلي دمشق والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أكثر صعوبة.
وتبرز هنا أيضا، كعامل من عوامل الوضع المعقد، حقيقة أن ثمة تقاربا بين حكومة دمشق والإمارات، وأن وراء ذلك آمالا طفيفة في أن شيئا ما في العلاقة بين سوريا والسعودية يمكن أن يتحسن بشكل أفضل.
كل ذلك مجرد تكهنات، لكنه يمكن أن يوضح لماذا كان أحد الخبراء الروس قد وصف «التعاطي» السعودي تجاه المنشور المذكور آنفا لـ»المصدر نيوز»، المقرب من حكومة دمشق، بأنه إيجابي بشكل مدهش.
بالإضافة إلى الأجزاء المتناثرة في الفسيفساء السورية، تأتي مسألة أن لدى الحكومة السورية، من منطلق الضرورة، اتفاقات مسبقة مع داعش، ومن بعدها مع قوات سوريا الديمقراطية، لبيع النفط الذي يأتي من الأراضي السورية.

موقع  TELEPOLIS
23  ديسمبر 2019