#عبدالحفيظ_الخزان / #لا_ميديا -

إن معرفتي بالشاعر الكبير عبدالله هاشم الكبسي (1936 - 2019) -رحمه الله- تكاد تكون متقدمة مقارنة بعمري؛ حيث تعرفت عليه من خلال ما كتب عنه صديقه شاعر اليمن والوطن الأستاذ عبد الله البردوني في كتابه الأقدم: (رحلة في الأدب اليمني قديمه وحديثه)، كذلك من خلال ما كتب هو من شعر عاطفي تغنى به الكثير من الفنانين ابان فترة ستينيات وسبعينيات القرن الميلادي المنصرم.
كما كنا نستمتع بشعره الساخر من بعض السياسات الخاطئة التي كانت تنفذ دون تمعن أو دراسة أو مراعاة لسيادة الوطن الذي كان تمزقه من خلالها واضحا من خلال التوازنات الداخلية والخارجية المجحفة، حيث كنا نقرأ قصائده التي تحمل وجهة نظر الكثير من أبناء اليمن، كان يوزعها بخطه الجميل وبيده شخصيا (جت فكّة من مكة  ما هو بحق المراعاة - اخّر كذاك شمك سمك - طحّست زيد بن علي و مش هو أنا هو الحصان).
كان لشعر عبدالله هاشم الكبسي وقع أخَّاذ على روح قارئه ومستمعه، فهو معبر وسهل وسلس ومكثف وقادر على إيصال الفكرة ببساطة واكتمال.
شهدت إلقاء قصيدته في دعم الشعب العراقي بداية عام 1991، التي ألقاها في بغداد أمام الرئيس الراحل صدام حسين، وهي قصيدة ميمية من بحر الوافر. وبعد تمام إلقائها أصر على تقبيل رأس الرئيس العراقي شكرا له على مواقفه التي مثلت تحقيق آمال قومية كان يتلمسها الشاعر من وجهة نظره.
كان يسمعني عندما ألقي قصائدي في مناسبات مختلفة فيزداد إعجابا بها ويحاول أن يسأل عني من يعرف من أسرتنا أو غيرها، فهو من الشعراء الذين يجمعون بين الإبداع الأدبي والأخلاق العظيمة المعجَبة والمشجعة. ازددت شوقا للتعرف عليه عن قرب من خلال حضوره للعديد من المناسبات الاجتماعية والندوات والاجتماعات وغيرها.
كنت كثير التساؤل إليه واستفساره عن عدم اصدار ديوان شعري له، فيبرر ذلك بأن هناك من يجمعون شعره، كما يصرح بأنه كسول في هذا المجال إلى حد ما.
جاءت فرصة رمضانية عام 1438هـ للحديث معه في شتى الموضوعات عن رحلة حياته عموما والأدبية منها بخاصة، حيث كنا نتدارس القرآن الكريم ليليا عند أحد أصدقائه، بالإضافة إلى الأستاذ عبد الحميد المهدي والأستاذ محمد بن محمد بن محمد المنصور.. وآخرين.
قلت: يا أستاذ عبدالله ما قصة الخميس من كل أسبوع واللحمة الغنمي والبردوني؟!
عبر بأسلوب عميق ومحبة صادقة عن إعجابه بالبردوني، وحكى عن الكثير من النوادر التي كانا يصنعانها، وكيف أنه كان يزور البردوني كل خميس مهديا له شيئا من اللحمة الغنمي. وقال: كان البردوني ينتظر تلك اللحظة الأسبوعية بترقب وشوق، فما إن يتقابلا حتى يسأل: أين (المغنيم) يا عبدالله..؟!
قال إن البردوني كان في آخر أيامه متعب النفس مثقلاً بالمرض لدرجة انطوائه وشكه في أقرب المقربين، وأضاف قائلاً لي إن ذلك التغير آلمه كثيرا.
كان يحاول أن يسألني عن كثير من قضايا الأدب والأدباء واللغة والنقد من باب معرفة مدى اطلاعي، فأجيب بإسهاب، فيضحك ويقول: ما شاء الله قريتو أكثر مننا، وذلك ليشجعني ويعبر عن مدى فهمي للكثير من القضايا حسب مراده وقصده.
كانت صحته أيامها ليست على ما يرام، نتيجة لآلام كان يشكو منها عادة ما تكون مصاحبة للتقدم في السن.
كان هادئا متواضعا محبا وفيا يحاول أن يطلع على كل جديد من الإصدارات، خاصة التي صدرت في سنوات العدوان على بلادنا.
كنت دائم الاتصال به بين الفينة والأخرى للاطمئنان عليه، ففي رمضان الماضي اتصل بي طالبا مني أن أبحث له عن كتابين (مجزرة حجاج تنومة) وكتاب ملخص عن سيرة الزهراء، وما أمكن من شعري الذي طبع في ديوان، فأسرعت في تلبية طلبه.
رحم الله الشاعر الكبير وعفا عنا ورحمنا ووفقنا لكل خير.
أرجو أن تسعدنا الأيام بشيء من أعماله الشعرية والأدبية مطبوعة..
أعزي أبناءه وإخوته وأسرته الكبيرة من آل الكبسي الكرام وأحبابه وكل محبيه والوطن والوسط الأدبي والساحة الشعرية.
أسأل الله لبلادنا المعطاءة السلام والأمن والنصر وأن يحفظها من كل شرور الأشرار.
صلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.



طــــــــــال هجـــــــــرك
من حبّك القلب ما افرق من هواه
وكم بذل في اللقا أغلى مُناه
والهجر يا خل منّك طالْ مداه
متى متى ترحمه والا تراه

***
الهجر يومين ثلاث أما ثمان
ما بعدها يا حبيب إلا الجنان
أمان يا جنّة احلامي أمان
هل من يحبّكْ يكونْ هذا جزاه
***
أذكر  كم ايام عشناها سوا 
سكرت فيها بحبك والهوى
ورغم سكري فؤادي ما ارتوى
ظامي ولا احّدْ سواكْ يروي ظماه

***
افتح لقرب اللقا باب الأمل
واقدُم أنا افدي حياءكْ والخجلْ 
فالقلب لكْ بيت والمُهجِةْ محل 
وأنت مصدر وجودي والحياةْ
***
ما دام قلبي وقلبك في وفاق
لا بُدّ ما ألقاك ولو طال الفراق
شاربط رجائي بحبل الاتّفاق 
وافكّ معقود ما هجركْ طواه

***
هيّا نروِّي بساتينْ حبّنا
ونزرع الحب في أوطاننا
ونرتشفْ من نداهْ كأس المنى
نقطف زهور وردْ ما احدْ قد جناه