مارش الحسام / لا ميديا -

«المواهب اليمنية كثيرة؛ ولكنها تموت قبل اكتشافها».هذا كان في السابق، أما اليوم فنحن في عصر الثورة التكنولوجية. فمع ظهور جيل الهواتف والأجهزة الذكية فإن الموهبة اليمنية لا تموت؛ ولكنها تدفع الآخرين لاكتشافها وأمامها الفرصة لإظهار موهبتها ونثر إبداعاتها أمام العالم.

متنفس مرئي
يعد اليوتيوب حاليا متنفساً مرئياً لعدد من المواهب الشابة اليمنية، بل أصبح متنفسا قويا لمن لم يجدوا الفرصة للظهور من خلال الأعمال التلفزيونية التقليدية، وكان اللجوء إلى اليوتيوب لتفجير طاقاتهم الإبداعية من خلاله، مقدمين منتجا دراميا يحمل فكرة بسيطة بسقف عال من الحرية، بجانب برامج نوعية وأفلام قصيرة وغيرها من أنماط البرامج الأخرى التي لقيت إعجاب واستحسان الآلاف بل والملايين من المتابعين. 

 صفعة للأعمال التلفزيونية
برز كثير من أسماء اليوتوبرات اليمنية، ووضعت بصماتها الإبداعية بتقديم الأعمال الدرامية والأفلام القصيرة التي تصفع الأعمال التلفزيونية اليمنية بضربات موجعة، ليس بنقد المسلسلات اليمنية كـ»غربة البن» ومسلسل «ورور»، والسخرية منها وكشف الأخطاء الإخراجية الكارثية لها، وسذاجة بعض المشاهد الحوارية التي تحاول اختلاق كوميديا في مشهد غير كوميدي، وغيرها؛ الصفعة التي نتحدث عنها هي من حيث تعدد الأفكار والطرح والمحتوى وتعدد الشخصيات...
ومن بين الأعمال التي أبرز فيها الشباب اليمني تلك التي تمزج بين المجتمع والفكاهة، تناقش القضايا المتعلقة بالمجتمع اليمني بطريقة ساخرة، وخصوصا أن لديهم إمكانية عرض ما لا يسمح بعرضه من قضايا ومشاكل، مع كامل الاحترام والتقدير للمشاهدين.

إعلام جديد وليس فلتة رقابية
برامج اليوتيوب التي يقدمها الشباب اليمنيون ليست مجرد إفلات من الرقابة، بل هي أقرب إلى أن تكون صناعة احترافية منافسة، وتعتبر لونا وشكلا من أشكال الفنون الضرورية التي أصبحت مهمة في العصر الحالي، لما تتميز به من خصائص تفاعلية تتيح للجمهور الطرح والمشاركة في تقييم العمل. وهذه الميزة من أعظم مزايا الإعلام الجديد، لأن المشاهد لا يفصله عن عن المبدع سوى مجرد تعليق، فاليوتيوب إطار يجمع مختلف الاتجاهات بحرية مطلقة، فلا رقابة إلا الرقابة الذاتية.

الجفاء الحاصل
أمين شرهان، صاحب قناة على اليوتيوب، تحدث لصحيفة «لا» قائلا: «الجفاء الحاصل من شركات الإنتاج الفني في اليمن تجاه المواهب اليمنية دفع الموهوبين إلى اليوتيوب لإظهار مواهبهم، مع ظهور جيل الأجهزة الذكية، وسهولة النشر والوصول إلى اليوتيوب، وهو ما شجع الشباب على التوجه نحو هذا النوع من الإعلام، وبدأت تظهر المواهب المحلية التي لم تجد التبني أو فرصة في التلفزيون». 

غياب المؤسسات الفنية
«روتي شاحط»، اسم مستعار لشخصية ساخرة في قناة على اليوتيوب، أكد لصحيفة «لا» أن كثير من العراقيل والمعوقات تقف أمام المبدعين رغم كثرتهم في اليمن وأضاف أن هناك أزمة حقيقية تتمثل في غياب المؤسسات الفنية في اليمن، دفعت بالشباب المبدعين للجوء إلى اليوتيوب كمتنفس وحيد لمواهبهم.
 وتابع بالقول: «الأعمال الدرامية في اليمن قليلة وتقتصر فقط على مسلسلين في رمضان، ومع ذلك فهي مملة، واعتدنا أن نشاهد الوجوه والأشخاص أنفسهم، دون استقطاب وجوه جديدة، وذلك لأن المنتجين والأبطال يسيطرون على كل شاردة وواردة في المسلسل، فالواحد منهم هو المنتج والبطل والمؤلف والمخرج ويوزع بقية الأدوار على أصحابه الذين يخزنون معه في الغرفة، ويتحاشون استقطاب وجوه جديدة، لا كما هو الحال في مصر وسوريا وغيرهما من الدول التي تظهر فيها وجوه جديدة في كل عمل درامي. أما عندنا فإنهم يخافون ويغارون من سطوع أي نجم جديد قد يكون منافساً لهم. وهنا ومن منبر صحيفة «لا» أقول لكل مبدع ولكل صاحب موهبة: لا تنتظروا شيئاً من هؤلاء المنتجين. وأقول لكل مبدع: إذا أغلقت الفرص أمامك، اطرق موقع اليوتيوب، وانثر إبداعاتك من خلاله».

نبض الشارع
أغلب القنوات اليمنية على اليوتيوب تكاد تكون متشابهة من حيث الرسالة، وتدور فكرتها حول تقديم محتوى اجتماعي في قالب كوميدي، ويتم التطرق لقضايا تمس المواطن اليمني، كأزمة الغاز وارتفاع أسعار الإيجارات وأزمة السكن... وما يميز هذه الأعمال هو محتواها الخفيف ونكهتها الطريفة. 
ومن أبرز القنوات والأسماء الحاضرة بقوة على اليوتيوب:

قناة صدام العزي:
هذه القناة تتصدر قائمة القنوات اليمنية الأكثر مشاهدة. واحتفل العزي قبل أيام بدرع المليون كأول يمني يحصل على مليون مشترك ويتسلم الدرع الذهبي.
وقناة العزي متخصصة في كشف الخدع والحيل وحركات الخفة، التي يقدمها أشخاص يدعون أنهم ذوو مواهب خارقة. العزي أبدع فعلا في كشف الحيل البسيطة في ألعاب الورق وإخفاء الأشياء في منديل وثني العملات والمعادن التي يستخدمها المهرجون، بتحليلات مقنعة ومبسطة للمشاهد الذي يمكنه أن يؤديها بنفسه.
تبلغ مشاهدة هذه القناة أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، بينما وصل عدد مشتركيها حاليا إلى مليونين و800 ألف مشترك.
قناة محمد الشيشان: 
قناة اجتماعية تتناول القضايا الهامة في الشــــارع اليمنـــــــــي بأسلوب نقدي وفكاهي ساخر. تصل نسبة مشاهدة هذه القناة إلى 
نصف مليون مشاهدة، وأكثر من 332مشتركاً.

قناة روتي شاحط:
قناة تقدم برامج كوميدية ساخرة، تتمحور فكرتها حول استعراض مقاطع يوتيوب يمنية أو عربية، والتعليق عليها بطريقة ساخرة ومضحكة.
 هذه المقاطع ميزتها أنها مختصرة وتنتقى بعناية. وتبلغ مشاهدة هذه القناة نصف مليون مشاهدة، بينما وصل عدد مشتركيها رغم حداثتها إلى 91 ألف مشترك.

قناة حمود اللوك:
هذه القناة تقدم مسلسلات درامية وحلقات متسلسلة اجتماعية كوميدية يقوم ببطولتها الطفل التعزي الموهوب نشوان الرزامي بشارب ولحية مستعارين.
ويصل عدد مشاهدات بعض مقاطعها إلى مليون مشاهدة، وتضم القناة أكثر من 200 ألف مشترك.
ولصغر سنه قامت إدارة شركة يوتيوب بحجب التعليقات على قناته لصغر سنه؛ فقد سنت شركة يوتيوب مؤخرا قوانين تمنع التعليقات على منهم أقل من 18 سنة، بدعوى حمايتهم من التحرش أو الاستغلال.

إبداع وفودكا
عدد كبير من قنوات اليوتيوب اليمنية التي ذاع صيتها وتحصد كثيراً من المشاهدات، صار أصحابها يحصلون على عائدات مالية مقابل قيام شركة يوتيوب ببث إعلانات تجارية على قنواتهم، ويتم إدراجها وسط المقاطع التي تنشر عبر تلك القنوات، وغالبا ما تكون إعلانات ممنوعة، كإعلانات المشروبات الروحية ومنها الفودكا الروسية التي يكثر الترويج لها عبر قنوات اليوتيوب وغيرها من الإعلانات غير المسموح بها في القنوات الفضائية بحسب فوانين ولوائح منظمة الصحة العالمية.

أرباح اليوتيوب
يبلغ متوسط تحقيق الربح عبر اليوتيوب 0,5 ـ 2 دولاراً أمريكياً لكل 1000 مشاهدة على اليوتيوب، اعتمادا على مكان المشاهدة (الدولة) والجمهور المستهدف. هذه الأرقام تخضع لعدة اعتبارات، ولكن معظم القنوات تحصل على متوسط 0,5 دولاراً أمريكياً لكل 1000 مشاهدة، لأن من أهم الشروط أن تحصد قناتك 4000 ساعة مشاهدات في ووصول عدد المشتركين إلى 1000 مشترك فأكثر.

قنوات استثمارية
عدد من مشاهير اليوتيوبر في اليمن استغلوا شهرتهم للدعاية والترويج للمطاعم والفنادق والمحلات التجارية والخدمية في اليمن، وهو ما جعل البعض منهم أبواقاً إعلانية أكثر منهم شخصيات إبداعية.