تقرير: محمد الحسني / لا ميديا -

«توجيهاتكم يا سيدي نفذها الرجال. شبوة تنتصر للنخبة». هكذا خاطب هاني بن بريك، نائب رئيس ما يُسمى هيئة المجلس الانتقالي، رئيسه عيدروس الزبيدي، معلنا عن عراك جديد يدور بين أروقة العدوان مفاده السيطرة على شبوة ونفطها. لم يعد العراك كما يظهر للعامة بين ما يُسمى قوات النخبة الشبوانية وقوات العميل هادي في شبوة، بل إن الأحداث تبين حجم الخلاف الدائر بين شقي العدوان على اليمن (الإمارات والسعودية) في السيطرة على أحد أهم منابع النفط في اليمن في محافظة شبوة. كلٌّ اختار أدواته في المحافظة، وكلٌّ دعا مرتزقته لإعلان حرب خفية تدور بين الإمارات ممثلة بالنخبة الشبوانية وبين جزء كبير من عملاء السعودية ممثلاً بالتجمعات الإخوانية التي يقودها العميل هادي. وما يحصل في شبوة اليوم يشابه إلى حد كبير ما حدث ولا يزال في تعز ومن قبلها عدن وسقطرى من صراع بين فصائل مرتزقة العدوان. في هذا التقرير نحاول أن نكشف مزيداً من خبايا ما يدور في محافظة شبوة. 

لصوص الشرعية
في عاصمة المحافظة عتق نشبت مناوشات مسلحة بين قوات العميل هادي وقوات النخبة الشبوانية التابعة للاحتلال الإماراتي. الكثير من الجرحى -حسب مصادر- وقعوا ضحايا لهذه المناوشات التي اتخذت من مطار عتق ومحكمة الاستئناف مركزاً لها. يقول سالم محمد (اسم مستعار) أحد المنتمين إلى ما يُسمى قوات النخبة الشبوانية بعد التواصل معه تحت غطاء صحفي آخر: "إن جماعة الإخوان المسلمين (الإصلاح) والشماليين يسيطرون على شبوة، وهادي يساعدهم في سرقة ثروات المحافظة". ويستطرد: "لن نرضى بالهدنة والحوار على هذا الأمر. يجب أن تغادر قوات هادي شبوة والجنوب. لا مكان لهم هنا"، واصفاً إياهم بالمحتلين. وأضاف: "إن نفط وثروات شبوة يجب أن تكون لأبناء المحافظة، وليس للصوص الشرعية"، داعياً إلى طرد المحتلين حسب وصفه.
وعن الدور الإماراتي يرى سالم أن "الإمارات دولة شقيقة تعمل على استعادة الوطن الجنوبي ودعم أبنائه، ومن ينكر دور الإمارات في الرقي بقواتنا وشعبنا الجنوبي ودعمهم على كافة المستويات ما هو إلا أعمى متشكك"، حد قوله.

الإمارات تسعى إلى فصل الجنوب
في المقابل، يقول محمد الواحدي، أحد المنتمين لقوات ما يُسمى اللواء 21 التابع للعميل هادي: "التواجد الإماراتي ممثلاً بقوات النخبة الشبوانية مرفوض تماماً من أبناء المحافظة"، واصفاً تلك القوات بالعميلة لدويلة الإمارات، وأنها تسعى إلى وضع المحافظة ضمن مخططاتها القائمة على الاقتتال وإشاعة أعمال النهب والسرقة، متهماً القوات الإماراتية بالسعي إلى انفصال الجنوب وسرقة ثرواته، داعياً في الوقت ذاته إلى استثناء الإمارات من قوات التحالف، حد قوله.
وعن سيطرة ما يُسمى قوات النخبة الشبوانية على مدينة عتق وبعض المدن قال الواحدي: "نحن نعد العدة لاستعادتها. لقد استغلوا الهدنة الموقعة للسيطرة عليها".

كلاهما مرتزق وضيع
قبيل تفجير أنبوب النفط في منطقة بيحان خرج متظاهرون في ساحتين: الأولى مثلت جماعة الإخوان المسلمين (الإصلاح)، والأخرى مثلت النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً. وقد تبادل الطرفان الاتهامات ووصف كل منهما الآخر بالمرتزق، كما دعا كل طرف منهما الطرف الآخر للخروج من المحافظة. هكذا لخص لنا هشام العمدي (صحفي، وأحد مواطني محافظة شبوة) الأحداث الأخيرة في محافظة شبوة، قائلاً: "الوضع هنا يدعو للقلق، خصوصا أن الكل حشد جماعته للتظاهر مع دعوة كل منهما لاستخدام العنف ضد الطرف الآخر".
وعن حقيقة ما يريد أبناء شبوة، أشار العمدي إلى أن أبناء شبوة لا يريدون أي ميليشيا تمتص ثرواتهم "النفط تأخذه الإمارات، والسعودية منذ بدء عدوانهم على اليمن، والإصلاحيون يريدون ضم شبوة إلى حزامهم العسكري الممتد على طول محافظتي حضرموت ومأرب"، حد قوله.
واستطرد: "الوضع هنا أصعب مما يبدو. المؤامرات تُحاك على مستوى القيادات الأمنية. وهناك شبه إجماع بين القوى المتصارعة على إزالة الأخرى تماماً". مضيفاً: "ما سمعوهم وهم يسرقوا، سمعوهم وهم يتقاسموا". وأردف العمدي: "حاول شيوخ القبائل هنا الإبقاء على الوضع هادئاً طول النصف الأول من هذا العام، لكنهم فشلوا أمام قوى تريد الإيقاع بالمحافظة".
وأكد أن الغالبية العظمى من أبناء المحافظة لا يريدون جماعة الإخوان، ولا يريدون قوى النخبة الشبوانية، "كلاهما محتل ومرتزق وضيع يريد استغلال أبناء المحافظة لصالحه".

شبوة بعد تعز وسقطرى
مصدر خاص تحدث للصحيفة عن أن هناك مخططاً جديداً للعدوان يتمثل في شلّ حركة الإخوان المسلمين والبدء في تنفيذ أجندة جديدة بعيدا عن أدوات العميل هادي الإخوانية، وهذا "الأمر بدأ فعلا في محافظة تعز وسقطرى والآن شبوة".
وأشار إلى أن هذا المخطط تتصدر تنفيذه قوات الاحتلال الإماراتي والفصائل التابعة لها، وقد بدأ بمضايقة الكثير من القيادات الإخوانية في الجنوب، خصوصاً في عدن، الأمر الذي دفعهم إلى الفرار من عدن وتكوين جبهات مضادة لهذه التحركات، وما حصل في تعز لا شك أنه يتكرر الآن في شبوة.
وأضاف المصدر في المجلس المحلي لمحافظة شبوة أن الإمارات دفعت أكثر من 350 ألف درهم للقيادات التابعة لها في النخبة الشبوانية لحشد تظاهرات تدعو إلى إخراج حكومة الإخوان -حد تعبيرهم- من شبوة، مشيراً إلى اتهامات متبادلة بالفساد وتبديد المال العام في شبوة، بالإضافة إلى الاتهامات الأخيرة بتفجير أنبوب النفط في المحافظة.

طرد الإخوان وأولاد الأحمر
الناشط الجنوبي أحمد عمر بن فريد، دعا في سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر"، إلى تحرير المحافظة من حكومة الإخوان وأولاد الأحمر، حسب تعبيره.
وقال: "المظاهرات التي خرجت للمطالبة بخروج حكومة العميل هادي من شبوة وجهت رسالة جنوبية إلى من يهمه الأمر بأن عقد جلسة لـبرلمان الغفلة في عدن سيكون وبالاً عليكم"، في إشارة إلى حكومة العميل هادي. 
 من جهته طالب الباحث الجنوبي كمال الكازمي قوات ما يُسمى اللواء 21 بالخروج من شبوة بحجة تبعيته لعلي محسن. وقال: "من أجل الجنوب نطالب بإخراج اللواء 21 من شبوة، ومن أجل الجنوب نرحب بطارق والحرس الجمهوري في عدن ونمنحهم معسكرا وقوة تحت تصرفهم رغم تبعيتهم للمحتل (الشماليين) لأرض الجنوب".

مخطط قوى الاحتلال
ليوثرد اسنل، المحررة في موقع "لومبورغ" قالت إن المدن اليمنية الجنوبية تتعرض لانتهاك السيادة، كما يتعرض أبناؤها لانتهاكات تمس حقوق المواطنة من قبل القوات الإماراتية. وقالت إن ما حصل ويحصل في شبوة وسقطرى يدعو للقلق، خصوصاً وأنها مناطق تمتلك ثروات طبيعية ومعدنية هائلة.
وأكدت اسنل أن هذا الأمر يتم وفق مخططات تقضي بإدخال هذه المدن في نزاعات مسلحة وتفكك مجتمعي، ليسهل بعد ذلك السيطرة على ثرواتها. واستغربت المحررة الصحفية عدم إجماع المجتمع اليمني على رفض هذه التصرفات، وانصرافهم نحو العراكات السياسية، تاركين ثرواتهم وبلادهم عرضة لمثل هذه الانتهاكات.
وكما حدث في المهرة وتعز وسقطرى وعدن، ها هي شبوة تصبح هي الأخرى ساحة للاقتتال بين فصائل العمالة والارتزاق التي تنفذ دورها في خدمة قوى العدوان والاحتلال وتمكينها من تنفيذ مخططها الرامي إلى السيطرة على ثروات المحافظة.
والغريب في الأمر أن كل فصيل منها يدعي الوطنية ويتهم الآخر بالعمالة والارتزاق، بينما جميعهم في المستوى ذاته من الارتزاق والعمالة لقوى العدوان والاحتلال.