تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -

مشكلة النحافة من المشاكل التي تؤرق الكثير من الشباب، خصوصاً من الجنس الناعم، وكما لو أنها وصمة عار 
في حقهم يسعون جاهدين للتخلص منها بشتى الطرق، عبر طرق أبواب الأطباء والعطارين ومطاردة خلطات التسمين ومركبات الأكاذيب عند بائعي العسل، ليصلوا إلى قناعة بأن كل الطرق السابقة لا تؤدي إلى السمنة، وأن كل الخلطات والمركبات لم تكن سوى أكاذيب تباع 
بأسعار باهظة. غير أن الحلم الذي ظل يراودهم أصبح حقيقة في نظرهم، وبأقل كلفة! 

وسيلة مضمونة غير مأمونة
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام الأدوية التي تتسبب في زيادة الوزن. ولكن الخطورة تكمن في استخدام أدوية توصف في الأصل لمعالجة أمراض مستعصية، بينما زيادة الوزن ليس سوى أثر جانبي لها، ويكون الشخص قد حصل ربما على القوام المنشود، لكن على حساب صحته.
وتعد أقراص الديكساميثازون من أشهر الأدوية التي ذاع صيتها بين الشباب من الجنسين، الباحثين عن زيادة الوزن، والذين يلجؤون إليها كوسيلة للتخلص من النحافة دون اعتبار لعواقب العقار الوخيمة على صحتهم. 

قشة الغريق
الصيدلي عمار الجبري يقول إن هناك إقبالاً كبيراً على شراء أقرص الديكساميثازون، وخصوصاً من قبل الفتيات، لكون كل الأدوية والمستحضرات الخاصة بزيادة الوزن هي مجرد أكذوبة ثبت فشلها، وفي الوقت نفسه باهظة السعر، وغير مضمونة النتائج، وهو ما دفع الكثيرين للجوء إلى أقراص الديكساميثازون، باعتبارها أقل كلفة، إذ إن سعر الشريط لا يتجاوز 100 أو 150 ريالاً، وتعطي نتائج خلال فترة وجيزة، بالإضافة إلى كونها في متناول اليد ويمكن شراؤها من أية صيدلية دون الحاجة إلى وصفة طبية، لأنها ليست ضمن الأدوية المحظورة أو المراقبة.
وتابع قائلاً: "من الأعرض الجانبية لدواء الديكساميثازون أنه يعمل على احتباس السوائل والدهون تحت الجلد، ويسبب انتفاخاً وتورماً بحيث يبدو الشخص كما لو أنه بدين، بينما هي في الأساس سمنة زائفة تزول بزوال المؤثر، وسرعان ما يزول التورم عند التوقف عن تناول الدواء ويعود الجسم لطبيعته الأولى. إذن فإن الخطورة هنا أن الشخص سوف يضطر لاستخدام هذه الأقراص بشكل دائم للحفاظ على بدانته.

دواء ذو حدين
يقول الدكتور محمد الكمالي، أخصائي الجراحة العامة والباطنية، لصحيفة "لا"، إن عقار الديكساميثازون دواء ذو حدين، فهو مفيد وفعال إذا استعمل بإشراف طبي لمعالجة أمراض الحساسية، كالربو القصبي والحساسية الجلدية وأمراض المفاصل والجهاز الهضمي، وأمراض الدم وأنواع اللوكيميا، كما يستخدم في حالات السرطان كعقار مساند ولعدة أغراض، إضافة إلى كونه من العقاقير المهمة في معالجة الغثيان والتقيؤ الناتجين عن أدوية العلاج الكيماوي، مرافقاً لعقاقير أخرى من مانعات الغثيان.
وأيضاً هو خطر جداً إذا استعمل من غير استشارة الطبيب، إذ إنه يضعف المناعة، ولا فرق بينه وبين فيروس الايدز.
ويقول الكمالي إن هذا الدواء ينتمي إلى مجموعة "ستيرويد"، ذات التأثير في "الأيض الخلوي" للكاربوهيدرات في عملية الهدم والبناء، حيث ترتفع نسبة السكريات التي تؤدي إلى عملية التقويض (هدم البروتينات) وذلك بسبب زيادة ترسبات الشحوم.
وأضاف الكمالي: "من مظاهره فيمن يتعاطاه بكثرة استدارة الوجه فيكون أشبه بالقمر مع انتفاخه، وكذلك ارتفاع الكتفين فيعطي مظهر حدبة الجاموس".

الغاية لا تبرر الوسيلة
ويؤكد د. الكمالي أنه ليس هناك مبرر على الإطلاق لاستخدام هذا العقار بهدف زيادة الوزن، لما له من آثار جانبية ومخاطر صحية عند الإفراط في استخدامه، وأهم الآثار الجانبية الأولية: "حب الشباب، وعدد من الأمراض الجلدية، والكدمات، وانتفاخ البطن، وربما يؤدي أيضاً إلى ظهور الشعر في الذقن وفي أماكن غير طبيعية عند النساء".
وأضاف أن استخدامه بإفراط قد يؤدي إلى مشاكل عديدة في القلب، كالسكتة القلبية وتضخم القلب وعدم انتظام ضرباته، وأمراض أخرى كالسكري والفشل الكلوي والتهاب الأوعية الدموية، إضافة إلى أنه يجعل صاحبه عرضة للميكروبات الانتهازية والالتهابات والفطريات نتيجة لضعف المناعة.

النساء أكثر استخداماً
وعن الفئات الأكثر طلباً واستخداماً لهذا العقار يقول أحد الصيادلة: "الفتيات لا يعجبهن العجب ولا الصيام في رجب. نصفهن يبحثن عن أدوية التخسيس للتخلص من السمنة بشتى الوسائل، بينما النصف الثاني منهن يبحثن عن أدوية لزيادة الوزن".
وأكد أن الفتيات أكثر إقبالاً على شراء أقراص الديكساميثازون، وبالذات المقبلات على الزواج، إلى جانب نسبة كبيرة من الشباب، وبالذات طلاب المعاهد والجامعات، ليصبحوا أكثر وسامة أمام الفتيات، حد تعبيره.

مضمون ومجرب
صيدلي آخر يقول: "لا يوجد علاج للنحافة أثبت فعاليته حتى الآن، وما يتم الترويج له من قبل بعض شركات الأدوية ومحلات العسل مجرد أكاذيب ونصب تجاري، وغالبا ما يكتب على المنتج مجرب ومضمون، وذلك مجرد كذبة للإيقاع بالضحية، أو: استرجع فلوسك إذا لم تجد نتيجة، وحين تعود إليهم يقولون لك إنك بحاجة إلى استخدام أكثر من عبوة حتى تحصل على النتيجة، وهكذا يتم خداع الضحايا لاستنزاف أموالهم، لذلك لجأ البعض إلى أقراص الديكساميثازون التي تعطي نتيجة بعد أيام من استخدامها". 

تسمين العجول
أكد عدد من العاملين في الصيدليات أن استخدام أقراص الديكساميثازون لم يعد محصوراً في البشر، فقد ذاع صيتها مؤخراً في أوساط الجزارين وبائعي المواشي، بغرض تسمين العجول والمواشي قبل بيعها.
وأكدوا أنه في موسم الأعياد يكون هناك إقبال كبير على أقراص الديكساميثازون من قبل بائعي المواشي الذين يشترون كميات كبيرة من هذه الأقراص ليتم طحنها وتقديمها مع الماء للمواشي، وذلك حتى تبدو الماشية كبيرة الحجم وممتلئة، وذلك بهدف خداع المشتري ومضاعفة السعر.