تقرير :صلاح العلي/ لا ميديا-

هذه ليست فلسطين المحتلة حيث السياجات والجدران العازلة، بل الضالع اليمنية حيث قام الصهاينة الجدد ببناء جدار عازل يمنع القادمين من المناطق الشمالية أياً كانوا من الدخول إلى الضالع والمناطق الجنوبية.
وطبقاً لمصادر محلية تحدثت لـ"لا"، فإن مرتزقة العدوان الأمريكي السعودي أغلقوا نهائياً الطريق المؤدي إلى الضالع عبر سناح وشخب.
وأفادت المصادر أن المرتزقة بنوا جداراً عازلاً على الطريق العام في منطقة شخب وسناح جنوب غرب قعطبة، ومنعوا أي مواطن من الاقتراب أو محاولة المرور، علاوة على تفجير عبَّارة شخب.
تؤكد المصادر أن الاحتلال هو من دفع مرتزقته لبناء الجدار المناطقي، في إطار مشروعه التشطيري للوطن الذي يعتمد تفجير الصراعات الأهلية بين أبناء المحافظة الواحدة.. وقد عمد الاحتلال إلى عزل المناطق التي كانت ما قبل حدود عام 90م تابعة للمحافظات الشمالية مثل قعطبة ودمت والحشا، عن نظيراتها التي كانت ضمن حدود "اليمن الديمقراطي" كالضالع والشعيب، علاوة على توجيهه للعصابات باستهداف من يسميهم "الشماليين" بكل الوسائل.
وعلى سبيل التمثيل، فإن على أبناء مديرية قعطبة إذا أرادوا الوصول لمديرية الضالع المجاورة لهم أو المناطق الأخرى المجاورة في الضفة التي يسيطر عليها الاحتلال؛ أن يقطعوا ما لا يقل عن 300 كيلومتر بدلاً عن كيلومترات قليلة، في مشهد أليم يعيد إلى ذاكرتهم زمن التشطير.
وعن التداعيات الأخرى لهذه الخطوة العدوانية بقطع الطريق الحيوي الرابط بين مديريتي قعطبة والضالع، تمت عرقلة حركة النقل، لاسيما التجارية، حيث يمر من هذا الطريق يومياً -باتجاه المناطق الجنوبية قادمين من ذمار وإب والبيضاء أو العكس من ذلك- مئات السيارات وشاحنات النقل المختلفة.
إزاء ذلك، اتجهت حركة النقل إلى سلك طرق بديلة سيئة من حيث المرتفعات والخطوط الفرعية عبر الأزارق - لحج، أو البيضاء - شبوة، أو البيضاء - يافع لحج، للرحلة المفترضة بين يريم ومدينة الضالع كمثال..
وتسبب ذلك بالمشقة والعناء للسائقين والمسافرين، فضلاً عن ارتفاع نسبة المخاطر وتلف البضائع وزيادة التكاليف التي ستنعكس بلا شك على المواطنين الذين يعانون أصلاً من الأوضاع المتردية بفعل العدوان والحصار.
بعض السائقين الذين تحدثت إليهم صحيفة "لا" أوضحوا أن "الدينة" النقل في الوضع الطبيعي، كانت تستهلك من مادة الديزل للوصول من مدينة الضالع إلى مدينة يريم، بحدود 50-60 لتراً، وبزمن ساعتين كحد أقصى، عبر الطريق الاعتيادي: قعطبة - مريس - دمت، وبعد قطع المرتزقة لهذه الطريق صارت "الدينة" تقطع المسافة عبر الطريق البديل: قعطبة - سوق الليل في إب - نقيل العود، بين 5 و7 ساعات، وبما لا يقل عن 120 لتراً، في حال لم يحدث ازدحام أو أمطار غزيرة توقف سيولها الحركة، أو أن يحدث عطل ما في المركبة. 
ومع إغلاق الطريق بين قعطبة والضالع مؤخراً بالجدار العازل في شخب وسناح، تضاعفت الأعباء والمخاطر أكثر نتيجة طول الطريق التي يستغرق قطعها 10-12 ساعة و160-180 لتراً من الديزل على أقل تقدير للناقلة (الدينة) متوسطة الحجم، أما الناقلات الكبيرة (القاطرات) فأكلافها أضعاف الرقم المذكور في حال تمكنت من قطع هذه الطرق غير المواتية لها.
يضيف أحد السائقين، وهو أبو محمد (ثلاثيني)، أنه إلى جانب هذه المعاناة، فإنهم لا يسلمون من الإتاوات التي تفرضها عليهم النقاط التابعة لـ"الحزام الأمني" وباقي عصابات العدوان -وبالأخص نقطة سناح- بما لا يقل عن 9 آلاف ريال في أحسن الأحوال.
يستطرد أبو محمد: لا يقتصر الأمر على الإتاوات وحسب، بل إن الأكثر سوءاً هي الإهانات والتعامل المناطقي الذي يتعرضون له والتهديد بالسلاح الذي يصل في غالب المرات إلى إطلاق النار باتجاههم أو تحطيم الزجاجات أو الضرب بالعصي وأعقاب البنادق، فضلاً عن مصادرة المركبة والحمولة التي على متنها، ناهيك عن تعرض بعض السائقين للقتل.
والعديد من زملاء أبو محمد، اضطروا جراء هذه الأوضاع إلى ترك العمل في قيادة شاحنات النقل، إذا لم يتمكنوا من الانتقال إلى جغرافيا أخرى، حد ما ذكره أبو محمد الذي ناشد بدوره الجيش واللجان الشعبية ووزارة الداخلية التدخل العاجل لتخليص الناس من هذه المعاناة التي لا تتوقف، وكثيراً ما انتهت بمأساة.
وواقع حال أبو محمد وغيره الكثيرون يقول: "كل رحلة نقوم بها إلى مناطق سيطرة ما يسمى المقاومة والشرعية، هي موت محتم بالنسبة لنا، والحاجة المادية هي ما تجبرنا لخوض هذا الموت اليومي، فنودع أبناءنا وزوجاتنا وأهلنا مع كل سفر إلى هناك ظناً منا باننا قد لا نعود، ووحدها طفلتي الصغيرة المولودة حديثاً هي من تعطيني القوة والأمل بأنني سأنجو لأرى عينيها العسليتين الواسعتين، وأضمها لصدري مجدداً".