ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

مذكرة سرية كشفت عنها إذاعة فرنسا وموقع «ديسكلوز» تتحدث عن استخدام المعدات الفرنسية من قبل السعودية والإمارات وتكشف النقاب عن أكذوبة دولة محتملة. 
"ليس لدي أي علم بأن الأسلحة (الفرنسية) قد استخدمت بشكل مباشر في هذا الصراع". هذا التصريح لوزيرة الجيوش (وزيرة الدفاع) فلورونس بارلي على إذاعة "فرانس-إنتر" في تاريخ 20 يناير، يضع الحكومة اليوم في حيرة. 
نشرت وسائل الإعلام الاستقصائية الجديدة: "ديسكلوز" -شريكة "فرانس أنفو"- والصحيفة الإلكترونية "ميديا بارت" وصحيفة "ذا إنترسبت" وموقع "كونبيني" والشبكة التلفزيونية "أرت" أمس الأول الاثنين الـ15 من أبريل، نتائج تحليل مذكرة سرية بمعلومات متعلقة بالجيش الفرنسي في خريف 2018. وهو ملف يثبت مشاركة المعدات العسكرية الفرنسية في معارك اليمن وتأثيرها على السكان. 
تم نقل هذا التقرير المصنف كـ"دفاع سري" لقطاع المخابرات العسكرية، وحمل عنوان "اليمن-الوضع الأمني" إلى إيمانويل ماكرون وفلورنوس بارلي، لكن أيضاً تم إرساله إلى قصر ماتينيون (مقر الحكومة الفرنسية) وإلى وزير الخارجية جان إيف لودريان في خريف 2018. يأتي هذا الملف ليثبت حضور الأسلحة والذخيرة الفرنسية في قلب هذا الصراع الذي يحارب فيه الحوثيون (شيعة اليمن المتمردين!)  ضد إعادة السلطة اليمنية المدعومة من تحالف دول عربية تقوده السعودية منذ 5 أعوام. 

مروحيات ودبابات ونظام توجيه بالليزر
هل حقاً أنه لن يتم استخدام أي سلاح فرنسي في هذا الصراع؟ في الحقيقة أن مذكرة وكالة المخابرات العسكرية تحمل القائمة التالية: دبابات لوكلير وقاذفات ومقاتلة "ميراج 9-2000" ونظام رادار كوبرا ومدرعات أرافيس ومروحيات كوغر ودوفين ومدفعيات قيصر... أرض، بحر، جو، من الأسلحة التي بيعت للسعودية أو الإمارات، فهي متواجدة في كل مكان، وستمثل أيضاً تهديداً للمدنيين في اليمن. 
وفي الواقع تشير خريطة لفرع المخابرات العسكرية بعنوان "السكان تحت تهديد القنابل" إلى أن بعض المناطق المأهولة تقع في دائرة فوهات 48 مدفعية سعودية من طراز "قيصر". وتحدد وكالة المخابرات العسكرية في المذكرة أن هذه المدافع "تساند القوات الموالية والقوات المسلحة أثناء تقدمهم في الأراضي اليمنية". وبعبارة أخرى هي تقصف اليمن. 
وبربط معطيات منظمة "أكلد" غير الحكومية (منظمة موقع النزاع المسلح وبيانات الحدث) المتعلقة بالقتلى المدنيين بنيران المدفعية، توصلت "ديسكلوز" إلى القول بأنه ما بين مارس 2016 وديسمبر 2018، قتل 35 مدنياً في بداية حملات القصف بالقذائف البالغ عددها 52 المركزة في نطاق تواجد مدفعيات "قيصر" هذه. 

تناقضات الحكومة
مثال آخر: نظام التوجيه بالليزر "داموكليه" المثبت على الطائرات المقاتلة، الذي يسمح للطيارين بتوجيه كل أنواع الصواريخ. وكما توضح ذلك مذكرة المخابرات العسكرية، هذا النظام تزود به عدة مقاتلات سعودية، على عكس ما أكده جان إيف لو دريان في 13 فبراير: "نحن لا نوفر شيئاً للقوات الجوية السعودية". رغم أن الوزير قد اطلع على هذه المذكرة في وقت سابق قبل أربعة أشهر. 
وهناك الكثير من المعلومات التي تأتي لتناقض ما قدمته فلورونس من تصريحات كانت تؤكدها أمام نواب هيئة دفاع المجلس المحلي في يوليو 2018: "حسب معرفتي، أن معدات البر التي بيعت للسعودية لم تستخدم لغايات هجومية وإنما لغايات دفاعية في الحدود مع السعودية".
كشف "ديسكلوز" أيضاً أن سفينتين من صنع فرنسا "تشاركان في الحصار البحري" حصاراً يمنع وصول الطعام والوقود والأدوية الموجهة إلى ملايين اليمنيين. إلا أن فلورونس بارلي -في تاريخ 30 أكتوبر 2018- كانت تؤكد أن "من أولوية فرنسا أن تصل المساعدات الإنسانية". 

"لسنا على علم بوقوع ضحايا مدنيين"
أكد "ديسكلوز" الذي حالياً بنشر ملفات مرتبطة بعقد جديد موقع في ديسمبر 2018 مع السعودية أن توريد السلاح لهذه الأخيرة مستمر. موقع عليه من قبل "نيكستر" -وهي شركة تقع في روان (لوار)- وهي ملك للدولة الفرنسية 100%، ومن بين أمور أخرى تضمن الشركة تسليم المزيد من المدرعات والمدفعيات للسعودية في الفترة ما بين العامين 2019 و2024. 
وبالتواصل مع الحكومة في سياق التحقيق، دافعت عن نفسها: "على حد علمنا، أن الأسلحة الفرنسية التي يزود بها أعضاء التحالف قد وضعت أساساً لأهداف دفاعية، سواء في خارج الأراضي اليمنية أو في مناطق سيطرة التحالف، ولكن ليس على خط المواجهة. لا نعرف شيئاً عن الضحايا المدنيين الذين تم استخدامهم كدروع في ساحة القتال في اليمن". وبالإشارة إلى مسألة أن المدنيين يشكلون أولوية: "والمخاطر بالنسبة للسكان المدنيين هي بالتأكيد في مقدمة معايير الفحص المأخوذ في الاعتبار بالنسبة لتوريد أداة الحرب". 
كذلك يصر مجلس الوزراء أيضاً على "أهمية أن ينسجم الجيش الفرنسي مع القانون الإنساني الدولي في قيادة عملياتنا. هذه هي الحاجات الملحة التي نطالب بها شركاءنا السعوديين والإماراتيين التي يتوجب عليهم احترامها من باب المسؤولية".
إن الصراع الذي بدأ بشكل حرب أهلية في 2014 قد تم تدويله (تحول إلى دولي) مع بدء تدخل التحالف بقيادة السعودية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن 10.000 شخص مدني وعسكري قد قتلوا منذ بداية الصراع، ومجاعة تهدد ملايين المدنيين منهم الأطفال. وبالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة فإن الأمر متعلق بـ"واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم". 
موقع "لوبس"، 15 أبريل 2019