احمد عطا / لا ميديا

الشاعر الذي عرفه الشعر فسكنه الإبداع، وكان متميزا جدا يمشي بخطوات جبارة ثابتة. منذ عرفته وهو متألق بغزارة ما يرسمه من قصائد تدهشك وتثمل كل من يمر عليها، لما فيها من بلاغة وجزالة لا تضاهى. الصقال هو وجه القصيدة وعيناها، بقلبه المرح والباسم دوماً فلا تجده عبوسا أبداً، لهذا فهو سلس الروح والتراكيب والمعنى، شاعر مؤثر لا متأثر، بليغ لا مبالغ، أينما حل يترك أثرا في نفوس جمهوره ومستمعيه وقارئيه. وكان للصحيفة شرف الالتقاء به ومحادثته، إنه الشاعر الأنيق عمار صقال.

بداية مبكرة
 منذ متى بدأت مشوارك الشعري؟
بدأت مشواري الشعري تقريباً منذ الإعدادية، أي في أواخر التسعينيات، وبقيتُ منطوياً على نفسي حتى 2002م تقريباً بدأت أتلمس وميضات النور من خلال مشاركاتي في الإذاعة الطلابية آنذاك. 

تعلمت ممن سبقوني
 من هو قدوتك الشعرية؟
صراحة سؤال صعب فكل من كان حولي ممن سبقوني بتجاربهم الشعرية هم قدوتي لا أفرق بين أحدٍ منهم فكلهم أساتذتي بدءاً من الأستاذ الأديب والشاعر حسن قاسم مقبل، إسماعيل مخاوي، إلى أيوب حشاش... وكلهم أقف أمامهم وقفة إجلالٍ وتقديرٍ ومحبة.

 ترى من هو الشاعر الذي له الفضل في الأخذ بيديك منذ البداية؟
صراحةً الذي كان له الفضل، بعد المولى سبحانه وتعالى، أستاذي ومعلمي وقدوتي الذي أجلهُ محبةً إلى حد الثمالة الأديب والشاعر الكبير المناضل الأستاذ حسن قاسم مقبل أطال الله في عمره، الذي علمني أبجديات الشعر وفقهني فيه، فسلامٌ عليه قلباً وروحاً.

الوطن هو الوجود
 ماذا يمثل لك الوطن في تجربتك الشعرية؟
الوطن ليس مجرد لفظٍ يتغنى به الشعراء او يمجّده أرباب الفلسفة؛ الوطن هو الروح، هو الضمير، هو الانتماء هو الدين والقداسة والحب والضوء الذي يغتسل فيه كل من صهرهم ريح البين وتداعيات الشوق.
الوطن هو الحضن الدافئ
والجرح الذي يسيل عطراً
والوجد الذي يرسم تجليات الشغف على شفاه الماء الظامئ الذي يمد أغصانه عميقاً ليتنفس صلصالنا أبجديات الحياة.
الوطن أجده في كل حرفٍ قدسيٍ سبّح في محراب شعري وصلّى شطر قصيدي، فمن وجد وطناً وجد هويةً، ومن ليس له وطن ليس له وجود.

لا تسمع إلا همسا
 ما هي نظرتك للشارع الثقافي اليوم؟
الشارع الثقافي اليوم أشبه ما يكون بالرصيف الذي يتأبطه الليل في هزيعه الأخير فلا تسمع إلا همسا. فكل مثقفٍ وشأنه، وكل مبدعٍ يجتر سجادته ليصلّي وحده بعيداً عن صخب الأضواء تاركاً للريح ظهره موغلاً في تأملاته لما هو كائنٌ وما سيكون من تداعيات المحض للآتي. فلكل نافذةٍ حديث، ولكل مصباحٍ شجن، ولكل خالجةٍ زمن، ولكل مرتحلٍ وطن.

هجروا الكتاب إلى مواقع التواصل
 ما الذي ينقص المبدعين الشعراء في هذه المرحلة؟
ما ينقص المبدعين الشعراء في الوضع الراهن هو تعايشهم مع تجاربهم، ليس إبداعاً فحسب إنما كيف يُجسّدون واقعهم المعاش في تجاربهم، وقبل كل هذا نرى كثيراً من الشعراء منخرطين في مواقع التواصل الاجتماعي تاركين القراءة خلف ظهورهم، فهل نحن أمةٌ لا تقرأ كما قيل عنّا، نسينا الكتاب؟! فكل مبدعٍ لا يقرأ يتجمد بل يتبلد ذهنياً ويقف عند ركن زاويةٍ من زوايا العتمة الفكرية. نعم، فكما يُغذي الجسم الطعام تُغذي القراءةُ الفكر، فلو اجتزأ كل مبدعٍ من وقته وقتاً للقراءة لما وصل بنا الحال للتردي والضمور الإبداعي. 
أيضا الذي ينقص الشعراء في هذه المرحلة هو التجديد في التجسيد، فكل ما يملأ المشهد الإبداعي بشكل عام والشعري بشكل خاص عبارة عن تكرار، فلو ضربنا مثلاً الصورة الشعرية عند بعض الشعراء نجدها صورةً فوتوغرافية ثابتةً لا روح فيها تبعث على الملل عند مشاهدتها وليست صورة مركبةً حيةً تدهش المتلقي لسماعها.

تراجيد مكتوبة بالدم
  حدثنا عن ديوانك المطبوع (تراجيد الجوى)؟
 (تراجيد الجوى) يمثلُ باكورتي الأولى، ويتألف من ثلاثين قصيدةٍ كتبتها بدمي وضمختها بعطر وجداني، ربما لم أكن حينها معروفاً في دراما المشهد الثقافي والإبداعي، ولكن ديواني فرضني ولم أفرض نفسي من تلقاء نفسي ولستُ أنا من يُقيم الديوان، ولكن القارئ هو من يُقيم ذلك.
والفضل كل الفضل بعد الله سبحانه للأديب والباحث الأستاذ آدم التكروري وللأستاذ الأديب والشاعر المحامي أمين حاجب، اللذين أخرجا ديواني للنور.

زمن التقليد تلاشى
 من هو الشاعر الذي يشبهك؟
لا أحد يشبه أحداً، فلكلٍ أسلوبه، فلو جمعت بعض الشعراء مثلاً وأعطيتهم مجسم شجرة مثلاً وقلتَ لهم صفوا هذه الشجرة فستجد الفرق واضحاً، فهذا يصفها بالوطن وذاك يصفها بالكبرياء وآخر سيصفها رمزاً للعطاء... إذن لا أحد يشبه أحداً، فلكل آفاقه وتجلياته، فزمن التقليد تلاشى.

في ظلمات ثلاث
 أين أنت من المشهد الثقافي اليوم؟
أنا كنقطةٍ في محيط، إلا أنني أعيش في ظلماتٍ ثلاث: ظلمة انعدام المشهد الثقافي في اليمن، والظلمة الثانية كوني من الحديدة، والظلمة الثالثة من (بيت الفقيه)، ولكن إذا أخرجت يدي بالكاد أراها، لأنني أشعر بمتنفسٍ من نور يغشاني.

الوصول إلى القمة نهاية الشاعر
  متى يصل الشاعر إلى ذروته الإبداعية؟
الشاعر يموت وهو يحلم ُ بالنص الموعود الذي لم يصل إليه بعد، فمن ظن أنه وصل فقد انتهى فكرياً، فالشاعر يستمر في صعوده الهرمي حتى إذا شعر أنه وصل إلى القمة بدأ بالانحدار.

 ما هي نقطة ضعف الشاعر عمار الصقال؟ وما هي نقطة قوته؟
نقطة ضعفي أن أرى الدمع يحكي واقعاً مؤلماً، ونقطة قوتي وقت أكون مع قلمي أناجزه مشاعري فيرسمني واحة من حب.

 ما هو النص الذي تفتخر به كأفضل ما كتبت؟
أعوذ بالله من الافتخار، فهو سبب مقنع للفشل الإبداعي، فبأسلوب آخر أقول إنني أحب كل بنات أفكاري، فلكل نصٍ طابعه الذي يمثل مرحلةً من مراحل مشواري الأدبي وفترةً من فترات تاريخ ولادته.

ضد الشعر الذي لا يُقرأ
 ما الفرق بين الشعر العمودي والشعر الحر؟ وأيهما أقرب إليك؟ 
كلاهما إبداع، ولكنني أحبذ العمودي، فأنا لست متعصباً للعمودي دون غيره ولست ضد الشعر الحر، أنا ضد الشعر الذي لا يُقرأ.

 ما هو حلمك الثقافي؟
حلمي الثقافي أن يُقرأ ما نكتبهُ ولا يظل حبيس المكاتب. حلمي أن يتجسد المشهد الثقافي والإبداعي في عيون الوطن الذي بحجم عيوننا.

 هل أنت راض عما قدمته حتى الآن؟
إن لم أكن راضياً فلن أكون جاحداً.

أكتب التهامي لنفسي
  لماذا لا تكتب القصيدة التهامية العامية؟
أكتب القصيدة التهامية ولكن حينما أكتبها أكتبها لنفسي، فأنا ابن هذه الأرض، ولكن لأكن صريحاً مثلاً لو قلت على سبيل المثال:
وازخم أزيت انا ما اصبر
 امحب في شرأكم غشو
 ما جمّعه في سنه اطأفر 
وأده يقئ جحتته وحشو
واحمد عطا قرب امدفتر
واكتب وفاتي وهب أرشو
لو كان قلبي كذا شقهر
الله لا كان ابوه كبشو
وليدة اللحظة طبعاً (ضاحكاً) طيب خذها وألقها في مصر أو في العراق أو حتى في صنعاء... من الذي سوف يفهم ما قلته؟! هكذا الشعر التهامي، لهذا حينما أكتبه أكتبه لنفسي.

 هل لديك نصوص مغناة؟
لا، لم يحصل لي الشرف أن يغني لي أحدهم.

 كلمة أخيرة تود قولها؟
أود قبل كل شيء أن أشكرك على هذه الاستضافة وهذا الحب الذي غمرتني به، وأن أشكر صحيفة (لا) لاهتمامها بالمبدعين، والقائمين عليها، ولكل مبدعٍ صلى بمحراب الألق ويمم شطره. وكلمة أخيرة أوجهها للمبدعين: الله الله في القراءة! محبتي لك ولروحك الشفافة. محبتي للجميع.

السيرة الذاتية
عمار أحمد عزي صقال.
تاريخ ومحل الميلاد: 1985/1/1م، بيت الفقيه- م. الحديدة.
حاصل على شهادة البكالوريس - قسم الدراسات العربية2011- 2010.
 المشاركات:
- عدد من المحافل داخلياً وخارجياً.
- مهرجانات زبيد على مدى ثمانية أعوام متتالية.
- جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب الحديدة.
- فعاليات مؤسسة السعيد الثقافية بتعز.
- مخيم الطلاب الأكاديميين 2010.
- فعالية الفل التهامي التي أقيمت بتعز.
- مهرجان ملتقى شباب الجامعات العربية في المنصورة- جمهورية مصر العربية.
عضو رابطة الشعراء العرب.
عضو ناشط في ملتقى الشعراء العرب.
حصل على عدد من شهادات التقدير والتميز على سجالات ارتجالية في عدد من صفحات التواصل الاجتماعي.