ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

اليكسندر جريفينغ

كلا البلدين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمثلان قوة عسكرية حديثة، وينفقان المليارات على الأسلحة سنوياً، ولكن حتى الآن يتم إحباطهما من قبل جماعات مقاتلة متخصصة في حرب العصابات.
في التصنيف السنوي الأمريكي للأخبار، والتقرير العالمي (تصنيف السلطة) الذي صدر الأسبوع الماضي، صنفت السعودية والإمارات في المرتبتين التاسعة والعاشرة على التوالي بين أقوى الدول في العالم. وإلى الآن هاتان القوتان العسكريتان حالياً زجتا في السنة الرابعة من صراع في أحد أفقر بلدان العالم (اليمن) ضد جماعات المتمردين المدعومين من إيران الذين يبدو أنهما لم تتمكنا من هزيمتهم.
كذلك يعد الجيشان العسكريان السعودي والإماراتي من بين أفضل الجيوش تمويلاً وتسليحاً في العالم، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حتى أن السعودية تفوقت على روسيا في 2017 مع ثالث أضخم إنفاق عسكري في العالم بإجمالي 4.69 مليار دولار، كما صنف معهد الأبحاث (ثينك تانك) السعودية باعتبارها أكبر مستورد للأسلحة في العامين 2015 و2016، مشيراً إلى أن هذه الواردات قد زادت أكثر من 200 بالمائة في الست السنوات الماضية. ومع ذلك فإن قيود الجيش السعودي معروفة، على الرغم من ميزانيته الضخمة ومشترياته من الأسلحة، إلا أنه يعاني من انعدام الخبرة والاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة التزود بالوقود وإعادة الإمداد، كما يعاني من قضية رأس المال البشري.
يقول الدكتور يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: (لم يخوضوا حرباً منذ عام 1991، بينما على الجانب الآخر يمتلك المتمردون الحوثيون عقوداً من تجارب حرب العصابات والقتال على هذه التضاريس الصعبة). وقد دخل التحالف العربي الذي يقاتل في اليمن بقيادة السعودية والإمارات في مأزق مكرهاً في الأسابيع الأخيرة بعد محاولته استعادة الميناء الرئيسي لمدينة الحديدة من الجماعات المدعومة من إيران. وتم اتهام إيران التي تتعرض لحروب بالوكالة في الشرق الأوسط من قبل وكالة الاستخبارات السعودية والأمريكية بتزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ التي تستهدف حالياً مدينة جيزان الاقتصادية السعودية، حيث ترد أرامكو السعودية  على مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمساعدة في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية، والتي تقوم ببناء مصفاة تكلفتها 400 ألف برميل يومياً ويتوقع أن تصبح جاهزة للعمل في عام 2019.
كانت الرياض وأبو ظبي قد توعدتا بحملة عسكرية سريعة فيما أصبح الآن من أشد المعارك اشتعالاً وضراوة في الصراع المدمر.
 يزعم التحالف أن هدفه هو قطع خط الإمداد الرئيسي للحوثيين والدفع بالجماعة نحو طاولة التفاوض. ومع ذلك تم إحراز تقدم بسيط منذ انطلاق الحملة العسكرية في 12 يونيو، بينما يتم الدفاع عن مدينة البحر الأحمر بشراسة من خلال الألغام البحرية والأرضية، حتى أن الأمم المتحدة تخشى من أن تتسبب الحملة بمزيد من تفشي المجاعة، لأن الميناء يشكل شريان الحياة لدولة فقيرة يعتقد أن يصبح 4.8 مليون نسمة من سكانها على حافة المجاعة.

الحمل الثقيل
يلاحظ جوزانسكي أن الإمارات في واقع الأمر، وليست السعودية، تتحمل العبء الثقيل في اليمن. ويضيف أن السعوديين يقدمون بالدرجة الأولى الدعم الجوي، في حين أن الإمارات لديها قوات فعلية على الأرض -وإن كان العديد منها مرتزقة من بلدان أخرى كالسودان- فهي تشكل قوة مقاتلة لا يستهان بها، بل إن الإمارات (اختارت لنفسها لقب سبارطة الصغيرة) في الجيش الأمريكي كما يقول جوزانسكي نقلاً عن وزير الدفاع الأمريكي الحالي والجنرال الأمريكي السابق المارينز جيمس ماتيس بأنه (يشعر بالإعجاب والفخر لما قد فعلوه، وما باستطاعتهم فعله).
إن الإمارات كالسعودية مجهزة بعتاد يتألف من أكثر أنظمة الأسلحة تطوراً، والتي تشتريها بمواردها المالية الهائلة. يدعي معهد أبحاث ستوكهولم أنه يجب تصنيف الإمارات ضمن أكبر 15 منفقاً عسكرياً في العالم. لكنه يلاحظ أن نقص البيانات المتاحة للجمهور قد أدى إلى توقف البلاد عن إجراء المسح..
بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس السعوديين، اكتسبت الإمارات خبرة عملية واسعة في دول مثل أفغانستان والصومال والبوسنة، وقواتها كان يقودها -على الأقل جزئياً- في السابق الجنرال الأسترالي السابق مايك هيندمارش، الذي هو حالياً قائد الحرس الرئاسي للإمارات، وهو تقسيم عسكري يشمل الاثنين: وحدات العمليات المتخصصة والتقليدية النشطة حالياً في اليمن.
يشرح جوزانسكي مدى امتداد الذراع العسكرية للإمارات مشيراً إلى أنها الدولة العربية الوحيدة التي فتحت قاعدة عسكرية خارج حدودها مع قاعدة قوة جوية وبحرية في إريتيريا، حيث أنها تتطلع لمزيد من القواعد على البحر الأحمر وفي ليبيا.
ومع ذلك فإن تورط الإمارات في اليمن فعلا له نقاده المحليون، وهو الأمر الذي تم تسليط الضوء عليه في الأسبوع الماضي، من خلال تقارير عن انشقاق لأمير إماراتي ولجوئه إلى قطر خشية على حياته بعد انتقاده للحرب واتهامه للإمارات بإخفاء حقيقة موت عدد كبير من الجنود الإماراتيين في اليمن. وأعلنت الإمارات في الأسبوع الماضي أنها مددت الخدمة العسكرية الإجبارية من 12 إلى 16 شهراً.

المشكلة السعودية
لدى الجيش العسكري السعودي بنية تشغيلية مركزية عالية، وهي سمة مشتركة في عدد من البلدان غير الديموقراطية، حيث الولاء والقيادة يصدران ممن هم في القمة. لا يعد الأمراء وغيرهم من الملكيين جنوداً وفقاً لجوزانسكي، رغم أنهم (قد يقومون بقيادة طائرة نفاثة مقاتلة باعتبار ذلك شيئاً ذا هيبة)، وذلك يمثل عدم مساواة لا يساعد في تعزيز الروح المعنوية بين القوات.
في فبراير قرر الملك السعودي سلمان -ممهداً الطريق لابنه ولي العهد محمد بن سلمان ليساعده في تعزيز السلطة قبل صعوده إلى العرش- الاستغناء عن كل كبار قيادته العليا. وقد رهن ولي العهد -الذي يشغل أيضاً منصب وزير دفاع- سمعته وحكمه بكسب الحرب في اليمن وتقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. وكنتيجة لذلك يبقي السعوديون على المعلومات المتعلقة بالصراع سراً. ويشير جوزانسكي إلى أن ولي العهد محمد (يخشى من عدد الضحايا، وهذا هو السبب في أنه خلال أربعة أعوام لم تصدر من السعوديين إحصائية رسمية بعدد القتلى).. وإن عدم فاعلية الجيش تعكس قضايا أعمق في المجتمع السعودي بشكل عام، وبشكل خاص تلك المتعلقة بالاقتصاد. كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتجهيز وتدريب القوات السعودية المسلحة منذ أن قام الرئيس الأمريكي روزفلت فرانكلين والملك السعودي عبد العزيز آل سعود بصياغة تحالف النفط مقابل الأمن في عام 1945م، وحتى يومنا هذا تعتمد المملكة بشكل كبير على الولايات المتحدة الأمريكية لتزويدها بالوقود وصيانة أصولها العسكرية.
في سبعينيات القرن الماضي قام عالم النفس الاجتماعي الهولندي جيرت هوفستيد بإنشاء مؤشر مسافة السلطة أو بعد القوة، الذي يقوم بتصنيف ترتيب البلدان في التسلسل الهرمي. ووجد هوفستيد أن بلدان مثل السعودية والإمارات هي من بين أكثر البلدان تراتبية في العالم، وكنتيجة لذلك تكون مرونتهم في حل المشكلات الكبيرة أو الصغيرة محدودة، وكذا قدرتهم على الابتكار.
تحتل إسرائيل -التي أشيد بمهارتها العسكرية العالية واقتصادها الحديث المبتكر- المرتبة الثانية بين دول العالم في مؤشر هوفستيد لقوة المسافة عام 2009. إلا أن جوزانسكي يحذر من أنه على الرغم من مزاياها العسكرية وقدرتها على التكيف على أرض المعركة وخبرتها في مكافحة التمرد، فإن إسرائيل قد تواجه عدداً من المشاكل المشابهة لتلك التي تواجهها السعودية والإمارات في اليمن، وقد لا تكون بالضرورة أكثراً نجاحاً في قتالها ضد مقاتلي حرب العصابات المحنكين.
وكنتيجة لكل ذلك فإن عدم قدرة التحالف العربي على الفوز أو حتى التقدم في اليمن له تحليل ذو شقين: حقيقة كون الحوثيين في موقع جيد لصد هجوم القوات الأجنبية المقاتلة، وحقيقة أن الجيش السعودي يعاني من عدم فعاليته النظامية - برغم الجهود التي تبذلها الإمارات لاستحضار قوتها  في الحرب.
* من جريدة (هآرتس)، 17/7/2018 

توضيح للقب الإمارات little sparta الذي أطلقه عليها الجنرالات العسكريون في التحالف الدولي (ويعود أصل اللقب لدولة «سبارطة» التي تميزت بقوة جيشها رغم قلة عدده وحققوا انتصارات كبيرة).