ترجمة خاصة لـ " موقع لا ميديا " :محمد إبراهيم زبيبة
داريوس شاهتاماسيبي
مواجهة إقليمية كبرى تلوح في الأفق تجري في سوريا بين إسرائيل وسوريا وروسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة، وإمكانية مواجهة نووية محتملة مع كوريا الشمالية والصين، فلا نستغرب وجود العديد من القصص الإخبارية التي لا يتم الانتباه لها. 
إحدى هذه القصص هو ما يجري حالياً في اليمن، وهذه المرة، فإنها تشمل بلداً آخر غير السعودية والولايات المتحدة، أو بريطانيا.
في أوائل عام 2015، فر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من قصره في عدن بعد اجتياح غير دموي نسبياً (غير دموي مقارنة بدموية التدخل السعودي الوحشي). لا يزال هادي معترفاً به دولياً كرئيس على الرغم من أن الإطاحة به, تقنياً, قد تمت. (ونرى النقيض في إصرار الولايات المتحدة على عدم شرعية الرئيس بشار الأسد في سوريا وعدم اعتباره حاكماً شرعياً للبلاد، على الرغم من استمراره في الاحتفاظ بمكتبه في العاصمة بعد حوالي 7 سنوات من القتال).
ترجمة خاصة لـ " موقع لا ميديا " :محمد إبراهيم زبيبة
وتصر المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، على اعتبار هادي الزعيم الشرعي للبلاد. لماذا؟ لأن هادي هو الذي طلب تدخل الأمم المتحدة والمساعدة السعودية لمحاربة التمرد الذي يقوده الحوثيون. وبدون هادي، فإن أساسها لقصف اليمن دون تفويض من الأمم المتحدة يصبح مشكوكاً فيه أكثر مما هو مشكوك فيه حالياً.
على أية حال، المملكة العربية السعودية ليست اللاعب الرئيسي الوحيد في اليمن. ففي حين تستمر شبكات وسائل الإعلام (بجانب المسؤولين الحكوميين المحرضين للحرب، والذين على ما يبدو لا يوجد لديهم شيء أفضل للقيام به عوضاً عن اختلاق الهراء)، بإلقاء اللوم على إيران لتدهور الوضع في اليمن، ولكن تبقى الحقيقة أن هناك حليفاً آخر للولايات المتحدة متورط بشكل كبير في زعزعة استقرار واحدة من أفقر الدول في العالم العربي.
وفي نهاية يناير من هذا العام، أفادت صحيفة (تلغراف) بأن الحكومة اليمنية الحالية تستعد للفرار بالكامل من اليمن، بسبب تمكن مجموعة انفصالية تدعمها دولة الإمارات من السيطرة والاستيلاء على عدن ومحاصرة القصر الرئاسي. مدينة صنعاء (المدينة الرئيسية الأخرى) تقع تحت سيطرة المتمردين الحوثيين. وبدلاً من إضاعة الوقت والموارد الثمينة في محاولة الاستيلاء على العاصمة اليمنية السابقة في مواجهة الحوثيين الحازمين، فإن الإمارات العربية المتحدة لديها بدلاً من ذلك خططها الخاصة في إنشاء بلدهم الخاص تماماً في جنوب اليمن.
في العام الماضي، شكل المتمردون الجنوبيون المدعومون من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، المجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف استعادة جنوب اليمن، وهي دولة كانت موجودة قبل اتحادها مع الشمال عام 1990. ووفقاً لصحيفة (ميدل إيست آي)، فإن هؤلاء الانفصاليين الجنوبيين ليس لديهم, على أية حال, أية مصلحة في غزو صنعاء.
وقالت صحيفة (تلغراف) إن رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، دعا المملكة العربية السعودية الى التدخل باسم الحكومة. ولكن لم يحدث أي من هذا، بل مكنت المملكة العربية السعودية الانفصاليين أساساً من السيطرة.
عندما قتل زعيم اليمن السابق علي عبد الله صالح من قبل القوات الحوثية، قرب نهاية العام الماضي، توقعت وسائل الإعلام أن هذه ستكون لحظة محورية رئيسية للحرب في اليمن. ووفقاً لـ(ميدل إيست آي)، فإن هذا الحدث هو الذي شكل نقطة التحول في العلاقات الإماراتية السعودية في اليمن. ليس لدى الإمارات رغبة في خوض معركة خاسرة، وقد انضمت إلى الطرف الذي ترى أنه قادر على إنجاز المهمة وخدمة مصالحها في اليمن، (ركوب الموجة)، كما وصفته (ميدل إيست آي).
وطالما أن هادي يستطيع الاحتفاظ بمنصبه كرئيس منفى، وإضفاء شرعية للوجود السعودي في البلاد، لا يتوقع من السعودية أن تفعل الكثير لمواجهة الطموحات الإقليمية للإمارات. هذا بالرغم من عدم سماح الإمارات لهادي بدخول عدن في أغسطس من العام الماضي. ويصف هادي شخصياً الوضع برمته (انقلاباً)، ودعا الانفصاليين بـ(المحتلين) وليس المحررين.
في الوقت الحالي، وبوجود قوات برية كبيرة في البلاد، وتدريب عشرات الآلاف من القوات اليمنية، واستيراد مئات من المرتزقة المحترفين من أمريكا الجنوبية، تدير الإمارات أيضاً شبكة من سجون التعذيب في جنوب اليمن. ويزعم أن آلاف الإرهابيين المشتبه بهم قد اختفوا في هذه السجون.
على الرغم من أن اليمن فقير، إلا أنه لا ينبغي إغفال أهميته الجيوستراتيجية. حيث يقع اليمن في طريق عبور مهم، طريق التحكم بطرق التجارة الهامة استراتيجياً، يمكن للإمارات أن تستمر في تطوير وتوسيع تجارتها للوقود إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، وتصبح قوة عظمى للطاقة العالمية.
ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني المسربة التي كشفت عنها (ميدل إيست آي)، العام الماضي، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد فعلاً الخروج من الحرب في اليمن، ولا تزال هذه التطورات الأخيرة تلقي مزيداً من الشك حول استراتيجية السعودية في حربها التي دامت 3 سنوات تقريباً. وقد أظهرت المملكة العربية السعودية أنها وبجانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها من اللاعبين الإقليميين، يمكن لهم أن يدمروا البنية التحتية اليمنية وقتل المدنيين، لكنها لم تجد أي شيء على الإطلاق لتظهره عن أي نوع من الانتصار العسكري.

ترجمة خاصة لـ " موقع لا ميديا " :محمد إبراهيم زبيبة