أعلنت منظمة الأمم المتحدة، الاثنين، أن المبعوث الأممي الخاص لليمن الذي فشلت محاولاته الدبلوماسية في إيجاد حل للحرب المدمرة في ذلك البلد مراراً وتكراراً، سوف يقدم استقالته اعتباراً من الشهر المقبل.
يذكر أن المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وهو دبلوماسي محنك من موريتانيا، هو ثاني وسيط أممي في أقل من 3 سنوات، يتخلى عن وظيفته في اليمن في حالة من الإحباط.
وكان سلفه جمال بن عمر دبلوماسي مغربي، استقال من منصبه في أبريل 2015، بعد 4 سنوات من عمله كمبعوث خاص لليمن، وكان ذلك بعد شهر من بدء تحالف تقوده السعودية بحملات قصف جوية مكثفة على الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة المدعومة من السعودية، وهم يسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء.
ومنذ ذلك الحين دمرت الحرب اليمن - أفقر بلدان الشرق الأوسط - وخلقت ما تسميه الأمم المتحدة أكبر كارثة إنسانية من صنع البشر.
وقالت وكالة الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، الأحد، في آخر إحصائيات لها، إن ثلاثة أرباع السكان، أي أكثر من 22  مليون شخص، بحاجة إلى مساعدات غذائية ومساعدات أخرى، منهم 11,3 مليون بـ(حاجة ماسة إلى مساعدات عاجلة تبقيهم على قيد الحياة، وأن 1,8 مليون طفل يمني تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد).
أخبر السيد أحمد السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريز، بأنه (لا ينوي الاستمرار في عمله حتى نهاية تعاقده في فبراير 2018)، وقال مكتب غوتيريز في بيان مقتضب له إن غوتيريز عبر عن شكره للمبعوث (على دعمه القوي والصارم للتوصل إلى حل سياسي للصراع الذي اجتاح البلد).
ولم يكن هناك أي ذكر مباشر لخلفه.
وهكذا جاءت استقالة أحمد كخروج من جمود ذلك الصراع الذي ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره جزءاً من صراع أكبر بين السعودية ومنافسها الإقليمي إيران التي تدعم الحوثيين.
كانت محاولات أحمد متعثرة منذ البداية، ومحاولاته العديدة تلك لجمع الأطراف المتنازعة في اليمن قد فشلت مرات عدة.
وفرص نجاحه في ذلك قد قضي عليها تماماً في يونيو حين اتهمه الحوثيون بفقدانه الحيادية، وحذروه من العودة إلى اليمن مرة أخرى.
ولم يتضح أساس اتهام الحوثيين له أبداً؛ لكنه أتى بعد أسابيع قليلة من مطالبة الأمم المتحدة الحوثيين بأن يحققوا في الهجوم الذي وقع على موكبه أثناء مغادرته مطار صنعاء متجهاً نحو الأمم المتحدة، وأنكر الحوثيون وقوع أي هجوم.
في الأشهر الأخيرة لم يتمكن أحمد من فعل أي شيء يذكر، سوى أن يناشد الأطراف المتنازعة تخفيف معاناة المدنيين، ويذكرهم بتحذيراته بخصوص الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تم تجاهلها.
في نوفمبر فرضت السعودية ما وصفته مجموعة حقوق الإنسان بالحصار الجائر على موانئ اليمن، ما أدى إلى رفع احتمال وقوع المجاعة في البلد، وقد رفعت السعودية ذلك الحظر مؤخراً.
أتى الإعلان عن مغادرة أحمد في نفس اليوم الذي أعلنت فيه السعودية أنها زادت من المساعدات الإغاثية للموانئ اليمنية، مع ضخها أكثر من 3,5 مليار دولار لتمويل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية, ورحبت هذه المنظمات بإعلان السعودية هذا، إلا أنها ربطت استجابتها تلك بحذر بشأن التفاصيل وزمن التنفيذ.
حيث أوضحت تلك المنظمات أن تعهدات السعودية السابقة بالإسهام في تخفيف الأزمة التي سببتها حملاتها العسكرية، لم يكن قد تم الالتزام بها فعلاً في كل مرة، وكذلك أعربت عن قلقها بشأن الدخول إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين، والذي يعتبر أساسياً لإدخال المساعدات لليمنيين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحوثي.
يقول تامر كيرولوس، مدير منظمة إنقاذ الطفل العالمية، إنه كان هناك تصور خاطئ عن رفع التحالف السعودي الحظر عن المطار، وأنه لا يزال الوقود محتجزاً، مسبباً بذلك أزمة وقود في جميع أنحاء البلد، وارتفاعاً غير مستقر في أسعار المواد الأساسية.
* جريدة (نيويورك تايمز)
22/1/2018