خلال أكثر من 90 عاماً من عُمر اليمن الحديث، والصحافة اليمنية في مهب رياح الأحداث الملتهبة، التي تعصف بها بين فترة وأخرى، جاعلةً أسماء وأوراق عشرات الصحف والمجلات والمطبوعات تتمزق وتطير في سماء الماضي والنسيان، وبدون عودة في أغلب الأحيان، وقد شهدت الفترة من العام 1926 وحتى عام 2017، سطوع وأفول أكثر من 300 صحيفة ومجلة ودورية حكومية وحزبية وأهلية، توقفت تدريجياً من حينها وحتى بداية العدوان في 26 مارس 2015، واستمرت في التوقف بعد ذلك حتى عام 2017، لأسباب كثيرة وشائكة، وأصبح هذا العدد الهائل وكثير من تلك الأسماء البراقة والرائدة في سماء النضال والوطنية أو الحزبية والكيد أو حتى العمالة، أصبح اليوم رقماً من الماضي.
على فوهة بركان 
من خلال النظر في تاريخ اليمن، يتضح أنه أشبه بقرية جميلة بنيت على فوهة بركان، ما بين زمن وزمن يثور سياسياً أو عسكرياً، ليطيح بها ويحرقها مع شعبها بكافة تفاصيلهما، من مؤسسات الى بنى تحتية الى اقتصاد الى بنية اجتماعية، والصحافة والصحف أحد هذه التفاصيل الكثيرة في هيكل الدولة اليمنية القوي/ الضعيف، والتي طالما كان لها نصيب وافر من المعاناة في أية معركة تندلع، بل أحياناً تكون الضحية الأولى.
بدأت الشرارة الحقيقية للحرف في الصحف اليمنية بشكل حقيقي، مع أنها لم تكن مستقلة وحرة، بل تحت العباءة الإمامية في الشمال والاحتلال في الجنوب، في العام 1926 في شمال اليمن بصحيفة (الإيمان) التابعة للنظام الأمامي، ثم في الجنوب عام 1939 بجريدة (محمية عدن) التابعة للاحتلال البريطاني، وتتالت بعدها الصحف والمجلات الرسمية والمعارضة والمستقلة، ثم سافرت اليمن وصحفها، عبر زمن مشتعل الثواني والسنين، وعلى خط النار الدولي والمحلي، وهي تزيد وتنقص، وتولد وتموت، وتنتقل من نظام الى آخر، من ذلك الوقت حتى اللحظات الأخيرة والعاصفة من عام 2017، لم يتبق إلا بضع صحف رسمية سابقة وصحف أخرى وليدة العهد، على النهج الوطني، منها (الثورة، الجمهورية، لا، المسيرة، اليمن اليوم، والهوية)، ولم يتنفس العام 2018 أنفاسه الأولى إلا وقد اختفت إحداها، وهي صحيفة (اليمن اليوم).
قصة ما يزيد عن 90 عاماً وأكثر من 300 صحيفة ومطبوعة، اختفت ولم يبق منها اليوم إلا ما تعده الأصابع، وفي بعض مناطق من اليمن دون أخرى تستحق التوقف عندها والنظر في رفوف الزمن وزواياه، ومحاولة فهم ما حصل ولماذا توقفت، وقد أوردنا في هذا التقرير ما تيسر توثيقه من مسيرة الصحافة اليمنية، بين البزوغ والغروب، باحثين عن السبب وراء بزوغها أو غروبها، ورأى كثير ممن سألناهم من الصحفيين والمثقفين، أن توقف الصحف له عدة أسباب بسيطة أحياناً وشائكة أحياناً أخرى، فالحالات العادية خارج ظروف الحروب والأزمات السياسية، يكون ناتجاً عن عجز مالي أو إداري أو إبداعي، ما يودي بالصحيفة الى زاوية الفشل والتوقف، أما الأسباب المعقدة التي عانت منها الصحف اليمنية بشكل كبير، على مدى مسيرتها التي تمتد لأكثر من 7 عقود، فهي بالتأكيد الأعاصير السياسية والعسكرية وتقلب الأنظمة وتغير الإدارات والإرادات، حيث تغيرت على اليمن وتعاقب وحكمها منذ العام 1918 حتى عام 2015، أكثر من وجه وإرادة ورؤية سياسية.

لقطة البداية
تعتبر الصحافة في اليمن حديثة النشأة، وكانت البداية الحقيقية لها كصحافة حقيقية، في اليمن الشمالي في عهد المملكة المتوكلية اليمنية، بصدور صحيفة (الإيمان) في العام 1926، ثم تلتها مجلة (الحكمة اليمانية) من عام 1938 حتى عام 1941، والتي لم تستمر أكثر من عامين وثلث العام، ولم تصدر إلا 28 عدداً، وفي الجنوب صدرت أول نشرة دعائية يومية عام 1939، لكنها كانت تحت إشراف المحتل الإنجليزي.

بدايات يمنية
في عدن أيضاً ظهرت مجلة (المستقبل) الأكثر حداثة وعصرية، أصدرها عايض سالمين باسنيد في عدن، وكان عنوانها الأبرز المفكر التقدمي، عبد الله عبد الرزاق باذيب، وامتد عمرها عامين تحديداً؛ صدرت في العام 1949 وحتى عام 1950، وصدر منها 20 عدداً، فكانت أقل عمراً وأعداداً من أختها (الحكمة اليمانية)، كذلك الصحيفة المشهورة عبر تاريخ الصحافة الجنوبية، صحيفة (فتاة الجزيرة) التي صدرت عام 1940 حتى عام 1967.

نظرة جديدة نحو الصحف
في العام 1940 زاد إدراك الأطراف الحاكمة والمعارضة في شطري اليمن لأهمية الصحافة كسلاح، ودورها في تحقيق الأهداف والحفاظ على المكاسب، فبدأت تتسابق في إصدارها والقتال بهذا السلاح، وولدت صحيفة (فتاة الجزيرة) التي أفردت عدداً من صفحاتها لمعارضة الحكم الإمامي في شمال اليمن، ثم توقفت عام 1946، وفي نفس عام توقفها ظهرت صحيفة (صوت اليمن) كأول صحيفة حزبية من عدن تتبع (الجمعية اليمانية الكبرى).. ثم توالى صدور الصحف والمطبوعات وإغلاقها، وبلغ عددها أكثر من 40 صحيفة ومطبوعة عام 1958 في الجنوب والشمال، من السلطة أو الاحتلال والمعارضة على حد سواء، وحتى قيام ثورتي الشمال 62 والجنوب 63، وكان منها: صحيفة (الفضول) (شمال اليمن)، صحيفة (السلام) (كارديف بريطانيا، كتعبير عن فكر الأحرار، وكانت ضد الحكم الإمامي)، وصحيفة (سبأ) في عدن، تابعة للحكم الإمامي، ثم أغلقها الاحتلال الإنجليزي وعادت للصدور من تعز، وصحيفتا (النصر) و(الطليعة) في الشمال، وكانتا مؤيدتين للحكم الإمامي، وصحيفتا (الأيام) و(اليقظة)، في جنوب اليمن، وكانتا تصدران يومياً وتعبران عن أحزاب ونقابات، لكن في ظل الاحتلال البريطاني.

حروف الثورة والتقدم
خلال الأربعينيات والخمسينيات وشطر من الستينيات، كانت بداية نشأت الصحافة اليمنية شمالاً وجنوباً، وأسست بجدارة للثورات وللثقافة والأدب والفنون ودعوات التجديد والإصلاح والتنوير في اليمن كلها، وصدرت كثير من الصحف والمجلات والمطبوعات، ولكنها كانت تحت خطر الإغلاق والتوقف الدائم، كما حصل لصحيفة (الأمل) الأهلية المستقلة التي أصدرها الفقيد عبد الله عبد الرزاق باذيب، وكانت مؤيدة للكفاح المسلح الذي تقوده الجبهة القومية، في العام 1966، عندما تلقت إنذاراً بالتوقف عن نهجها (وإلا فقد أعذر من أنذر!).
أذيع الإنذار من برنامج (الجنوب الحر) الذي يبث في تعز، وبعد أسابيع من الإنذار أحرقت صحيفة (الأمل)، وفي 1992 اعترف محمد سالم باسندوة، وهو من قيادات جبهة التحرير، بأن الجبهة وراء إحراق الصحيفة.
صحيفة (الأيام) التي كان يصدرها محمد علي باشراحيل، والمؤيدة للكفاح المسلح، أوقفتها الجبهة أيضاً منتصف العام 1967.

منابر للثورة
كانت الصحيفتان (الأمل والأيام)، من أهم المدافعين والمؤيدين للثورة اليمنية شمالاً وجنوباً، وكان الاستقلال في الجنوب، وانتصار ثوار الجبهة القومية، وبالاً على الحريات السياسية والفكرية والصحفية؛ فعشرات الصحف والمجلات التي ظهرت في مدينة عدن إما أوقفت، أو غادر أصحابها خوفاً من القمع والملاحقة، خاصة المعارضة منها.

تقلبات الثورات
منذ ثورتي 62 شمالاً، و63 جنوباً، والصحافة خلالها وبعدها في دوامة تقلبات حكومات الثورة المتعاقبة، وقوانينها الجديدة والمتغيرة، لكنها شهدت نقلات كبيرة في الحياة الصحفية اليمنية، وصدرت صحيفتا (الثورة) من صنعاء و(الجمهورية) من تعز، وفي عدن صدرت صحيفتا (14 أكتوبر) و(صوت العمال) ومجلتا (الحكمة) و(ثقافة العصر)، وظهرت كذلك الصحف الأهلية ولو بشكل قليل، حيث كان عددها 5 صحف، بعد انتصار الثورة في حرب السبعين يوماً عام 1968، شمال اليمن.
محاولات
حركة 13 يونيو 1974 في الجمهورية العربية اليمنية، مثلت بداية التفتح وإطلاق الحريات، لكنها قمعت بسرعة، فلم تدم أكثر من 3 أعوام، وعابها أيضاً الاستمرار في تجريم الحزبية، والرقابة على الصحافة.

ظهور القانون
في العام 1982، صدر أول قانون للمطبوعات والنشر في الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) مكون من 100 وبضع مواد، لكن كان فيه الكثير من التحريم والتجريم، ويقيد حرية الرأي والتعبير، ويتضافر ذلك مع تجريم الحزبية واعتبارها خيانة وطنية.
في الجنوب كذلك، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كان التنظيم السياسي للجبهة القومية يصادر الحرية، ويجرم الحزبية خارجه بطبيعة الحال.

ولادة مجيدة
الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990 كانت بداية ولادة جديدة وربيعاً قصيراً للحريات في اليمن، وصدرت حينها عشرات الصحف، وبلغ عدد الإصدارات من حينها وحتى عام 2000 أكثر من 188 إصداراً صحفياً رسمياً وحزبياً وأهلياً، وتأسست أحزاب جديدة، وأعلنت الأحزاب السرية عن وجودها، ونص دستور دولة الوحدة على حق المواطنين في تنظيم أنفسهم، وصدر قانون للصحافة رقم 25 لسنة 1990، اعتبر حينها فاكهة ربيع الوحدة، رغم كثير من الملاحظات عليه.

نهاية الفرحة 
ثم هبت العاصفة من جديد، وجاءت حرب 1994، وتسببت في إلغاء كثير مما تحقق في الوحدة، وعادت قيود الرقابة ولجم الحريات، إلا أن أعداد الصحف استمرت في تزايد ومن كل الجهات والأنواع من بعدها وحتى بداية عام 2000 من الصحف اليومية الى النصف أسبوعية الى الأسبوعية والشهرية والدورية، والتي أضاءت وانطفأت في سماء الأحداث، وكان عمر بعضها لا يتجاوز الأيام أحياناً، ونصبت صفحاتها على رماد تحته جمر التقلبات السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية والقانونية، الذي كان يظهر ويحرق ما عليه.

أسماء من التاريخ والحاضر
من تلك الصحف والمجلات ما بين حكومية وأهلية وحزبية: الثورة - الجمهورية - 14 أكتوبر - 26 سبتمبر - الجيش - سبأ - الصباح ـ البيئة - الفن - الجامعة الأولى - الشارع - المستقبل- الطريق - الوحدة - الرياضة - صوت الحقيقة - اليمن الرياضي - المناضل - النجوم - الوحدوي - التجمع - الأيام - أنغام - المواهب - الحارس - الحراس - الوطن - البيان - أخبار اليوم - الثوري- التصحيح - الجماهير - العروبة - أروى - النور - المنبر - البعث - الدستور - الحياة - الشوربان - بلقيس - الحق - السياسة - البلاغ - اليمن - الإصلاح - المسار - الكلمة - معالم - الراصد - البورزان - الإيثار - الشروق - الضرائب - الأمانة - الشباب - هجرن - المكتبات والمعلومات - دفاع الشعب - التحرير - المناهل - الاتحاد - يمن تايمز - متابعات إعلامية - الجمهور - اليقين - حديث المدينة - المراقب - عدن - الشعاع - النبأ - الشورى - التجارة - القافلة التجارية - الزامل - 22 مايو - الثغر - صوت اليمن - الميزان - اليمن السعيد - الإرادة - المنتدى - أسامة - الأسرة - الديموقراطية - الأمة - عالم التجارة والأعمال - الملف الصحي - السبعين - السبتمبري - الملاعب - الصحة النفسية - مجلة معين - صوت الجبهة - الهدف العربي - رأي ـ الطريق ـ الناس ـ أبواب ـ الاستثمار ـ الوسط - صدى الشعب - الزمان - صوت المعلم - الوسط التربوي - المشكاة - الإحسان - التحالف - النداء - الوقائع - 11 فبراير - مجلة كلية القيادة والأركان - الأسواق - فكر وشباب - المصير - النشرة الجنائية - الرياضي - الكشكول - الأستاذ - اليمن الاقتصادي - المساء - بشبوش - الحريات - يزن - الجديد - الديموقراطي - التقدم - التعاون الزراعي - الكفاح - النهضة - آفاق اقتصادية - جهينة - صم بم - تعز - صوت الإيمان - التنمية - مشاهدات - الأهلي - نادر - الحديث - المنير - التنوير - مسلية - الطفولة - أخبار الجامعة - الهدف الرياضي - اليمانية - الصمود - التضامن - الوعي التأميني - الوثيقة - القلم - الرابطة - منبر الإعلام - السفير - حضرموت - الحوار - الحديدة - التلاحم - الرواد - البنوك - تهامة - الدليل - حقائق - الأحداث - 17 يوليو - الشوروي - النورس - الفرقان - الرسالة - لؤلؤة اليمن - المسند - المسيلة - النصف الآخر - الوفاق - الوادي - الناقد العربي - الخبر - الرعية - الطريق - عالم الكمبيوتر والطباعة - المرأة - إعلان - الوسيط للإعلان - النفط والتنمية - عالم الفكر - الأسبوع - صوت المغتربين - الجذور - أوراق - صوت المعارضة - نشرة يتلا - التيار الوحدوي - النهار - الأحقاف - العقار ـ الحقيقة - يمن توداي - يمن جازيت - يمن أوبزيرفر - يمن أونلاين - الشعبية - الإحياء العربي - الشموع - البريد الأدبي - نوافذ - شؤون العصر - المصدر - الجزيرة - الرقيب - تشكيل - الحلقة - العهد - القسطاس.

استراحة ما بين الشوطين
شهدت الفترة من عام 2000 حتى بداية 2011 استقراراً وازدهاراً نسبياً للصحف اليمنية والسماح بمزيد من حريات التعبير والصحافة، وظهرت صحف معارضة الى جانب الصحف الرسمية، حتى بدأ الطوفان السياسي في 11 فبراير من عام 2011، باندلاع أزمة سياسية واقتصادية يمنية في إطار ما سمي الربيع العربي.

إدارة جديدة على حافة الهاوية 
خلال أزمة ما سمي الربيع العربي في اليمن، وبعد رحيل علي عبدالله صالح من السلطة عام 2012، ازداد عدد الصحف بشكل كبير، وتلقت دعماً خارجياً وداخلياً، وتحولت بعض الأسبوعيات منها الى يوميات، وارتفع عدد الصحف إلى أكثر من 300 صحيفة، منها 38 حكومية و160 مستقلة و45 حزبية، وأخرى تتبع جهات وهيئات ومؤسسات متنوعة، وتحولت في هذه الفترة الأدوار، وانعكست، وأصبحت الصحف الرسمية كالثورة والجمهورية و26 سبتمبر، بيد المعارضة السابقة والسلطة الحالية، أما السلطة السابقة فقد أصبحت معارضة، وأصدرت صحفها الخاصة مثل صحيفة (اليمن اليوم) كصحيفة حزبية تابعة للمؤتمر وموالية لصالح، الى جانب سابقتها (الميثاق)، وبقي الوضع يغلي ولكن على نار هادئة حتى عام 2014.

اليمن على درب الحرية من جديد
جاءت ثورة 21 أيلول في العام 2014، وغيرت وجه اليمن، ووضعتها على مسار الحرية والاستقلال من جديد، واستقر الوضع نسبياً لعدة أشهر، لكن كانت هناك حرب غادرة تلوح في الأفق، وكان حال الصحف فيها كحال سابقتها خلال الثورات، فقد أصبحت الرسمية لسان حال الثورة، مثل صحيفة (الثورة) التي تصدر من صنعاء، و(الجمهورية) التي كانت تصدر من تعز، لكنها توقفت بعد فترة قصيرة، لتعاود الصدور أواخر 2017 من صنعاء، بينما توقفت صحيفة (14 أكتوبر) التي تصدر من عدن، بينما بقيت أبرز الصحف الحزبية والأهلية الأخرى مثل (مأرب برس) و(المصدر) و(أخبار اليوم)، و(الأولى) و(الشارع)، و(اليمن اليوم) و(يمن تايمز)، في وفرة من حرية الرأي والتعبير، في الإطار الوطني الجديد، لكن الثورة والحرية والوطنية الحقيقية أساساً لم ترق لكثير من تلك الصحف التي رحلت أو أغلقت أبوابها، ما عدا صحيفة (اليمن اليوم).

الظهور العلني للعدو
في 26 مارس 2015، ومن كهف الشيطان بواشنطن، تم إعلان بداية المعركة الأكبر في تاريخ اليمن الحديث، وتفجر الحقد الدفين لدول تحالف العدوان على اليمن، وعلى رأسها السعودية، وأعلنوا حربهم عليها، الأمر الذي غير كل شيء في اليمن، وانطفأت أغلب معالم الحياة، ومنها الحياة الصحفية، التي اختفت بشكل تام لعدة أشهر، ثم عادت بعض الصحف للصدور، وولدت صحف أخرى عامي 2016 و2017، الى جانب الصحف الرسمية السابقة أهمها (الثورة، الجمهورية، لا، المسيرة، الهوية، واليمن اليوم)، من صنعاء، بينما رحلت بعض الصحف الأخرى لتصدر من مناطق سيطرة قوى الاحتلال والمرتزقة في فضاء الخنوع الذي يروق لها ويناسبها، أما الجنوب فلم يكن وضعه أفضل، فلم يستقر الوضع فيه منذ خروج أنصار الله، وازدادت الأمور سوءاً بدخول الاحتلال الإماراتي، وسيطرة الجماعات الإرهابية على بعض المناطق، لتعود الحياة الصحفية الى وصاية وهيمنة عهد الاحتلال الإنجليزي، ولكن بالنسخة الحديثة، المطعمة بالنكهة الإرهابية الأمريكية.

دوار
كان الجميع في اليمن على موعد مع مفاجأة غير سارة نهاية عام 2017، حيث سارت الأحداث على غير هدى كالعادة في اليمن، عندما أعلن علي عبدالله صالح في 2 ديسمبر 2017 فض تحالفه مع جماعة أنصار الله، وأعلن انقلاباً عليهم، ما تسبب بصدمة سياسية وعسكرية استمرت لعدة أيام، قبل أن ينتهي كل شيء ويقتل علي عبدالله صالح، وتتوقف الجهات الإعلامية التي كانت تتبعه عن الصدور، وكان من أهمها صحيفة (اليمن اليوم)، ليدخل العام 2018، وقد تقلص عدد الصحف في اليمن جنوباً وشمالاً إلى بضع صحف فقط، مقسمة بين من وقف في صف الوطن ومن عاد ليقف في صف الاستبداد والاحتلال، مقترباً من نقطة البداية له قبل نحو 90 عاماً، بعد أن كانت أعدادها تزيد عن 300 صحيفة ومطبوعة قبل سنوات قليلة، وفوق هذا كله لا يزال اليمن مشتعلاً تماماً بالحرب ونيران العدوان، ولا أحد يعرف كمية المفاجآت الساخنة القادمة.