القصيدة الشعبية حُلة بديعة اكتسى بها المشهد الأدبي
الشاعر والمذيع عبدالرحمن التاج : كل ضربة يمانية في نحر العدوان وثقتها القصيدة

ليس هناك برنامج لفت انتباهي في قناة (اليمن) سوى برنامج (ملامح)، الذي يقدمه الشاعر المذيع عبدالرحمن التاج، فعندما تشاهد هذا البرنامج تأسرك نغمة إنسانية تتبدى من ألفاظ وتعبيرات عذبة، وتحس أنك بإزاء نبع من ثر المشاعر والأحاسيس، لكنها في الوقت نفسه هي نغمة إرادة وصمود ومقاومة ضد العدوان السعودي القبيح.. كما أن قصائده تحمل جزالة لغوية متماسكة ومتأتية من تمرس حميم بكتابة القصيدة الشعبية.. إنه الشاعر الذي امتزجت قصائده بنفوس كثير من الناس، سواء كانت عاطفية أو حماسية، فالشعر هو هاجسه الذي يسطر عليه ويتحكم في وجدانه، وإن صح أن لبعض الشعراء ذوي المشاعر المرهفة في حساسيتها، حاسة سادسة لعلها تكون أصدق حواسه.
أشعر بهناءة غامرة تلفع قلبي وأنا أكتب عما وراء تدفق الإبداع الذي يمتلكه من خلال قصائده المشذبة والمنتقاة.
 كمذيع في إذاعة (صوت الشعب)، وفي قناة (اليمن)، ما خلاصة ما توصلت إليه؟
توصلت إلى أن الإعلام هو جبهة حقيقية فاعليتها واضحة للجميع من خلال ذلك التأثير الذي توقعه بالنفوس.. ويجب على فرسانها التحلي بزكاء النفس، وتعزيز روح الارتباط بالله والوطن، وبصدق الكلمة التي هي من ستفوز أخيراً. 

صمود الشعب اليمني يصنع نصراً، كيف تنظر لهذ الصمود أو لهذا الحدث من خلال الدور الإعلامي الذي تقوم به كافة المنابر الإعلامية؟
من خلال هذه المنابر الإعلامية كان لنا مرفأ نلتقي فيه بكل الأحرار في وطن الإيمان والحكمة، سواء الشامخون في جبهات القتال أو الثابتون في مختلف أماكنهم يواجهون الحصار بكل شموخ، رافضين الانكسار، فاتحين أذرعهم للموت، على أن يقبلوا بالغازي والمحتل أن يدنس أرضهم، بل يساهمون بكل ما يستطيعون في هذه المواجهة غير المتكافئة، لكن ثقتهم بالله صنعت لهم قوة لا تقدر كل طواغيت الأرض على كسرها.

 أين تجد نفسك أكثـر في قناة (اليمن) أم في إذاعة (صوت الشعب)؟
(صوت الشعب) وقع مختلف وأثر جميل في قلبي، وعبرها كانت بداية الانطلاقة الفعلية والفاعلة لي كإعلامي، والفضل في ذلك لله سبحانه وتعالى وللإدارة المتمثلة بالأستاذ أحمد المختفي الذي يملك من البراعة الكثير في هذا المضمار في كيفية التعامل والتأثير سواء على المستوى المهني أو الشخصي، وأيضاً الزميل العزيز عبدالله علي الذي يعتبر الدينامو المحرك للإذاعة، وحلقة الوصل بين كل العاملين والإدارة.. وأوجه لهم التحية التي تليق بهم من خلالكم.. وقناة (اليمن) هي النافذة التي ظهر منها عبدالرحمن التاج بحلة جديدة وفريدة، وكان لها الأثر الجميل في حياتي، وأيضاً حصلت من خلالها على الجماهيرية الأكبر التي أجدها في مختلف الأماكن عند التقائي بالناس. 

 ماذا يعني لك برنامج (ملامح)؟ وهل استطاع البرنامج أن يرسخ ويجعل القصيدة الشعبية أساسية في هذه المرحلة؟
(ملامح) هو البريق الذي توشحت به لأطل على الناس من خلاله، حاملاً معي قضية الوطن وصوت شعبه ونبض صموده، بارزاً ذلك العقد الثمين لمبدعي الوطن الذين شاهدهم الجمهور وتعرف عليهم بشكل جديد له ارتباطه بالأرض وبالحال الذي نعيشه جميعاً.. أيضاً البرنامج لم يسلط الضوء على الشعر الشعبي فقط، بل حضر الشعر الفصيح في أكثر من حلقة، وحضر المنشد، وحضر الزامل، وكل شيء كان يقول هنا اليمن، هنا الصمود، هنا الشموخ الذي نتنفسه وتنطق به قلوبنا، ويسطع من أحداقنا، بل يزهر بالضياء في أحداق المعمورة جمعاء.

 القصيدة كائن خفي متطور دوماً تعيش في الأعماق، فإذا قررت الخروج فإنها تدق جرس الأرق، فتستفز الشاعر.. متى تستفزك القصيدة؟
تفاصيل الحياة غنية بالمواقف التي تستفزني لكتابة قصيدة ما، ولعل الصدق الشعوري يحكي عن ذلك في كل قصائدي التي كتبتها، لكن الحالة التي يكون عليها البال هي التي تختار وقت الكتابة سواء في حينه أو حتى لو مر وقت على الموقف المعين الذي أريد الكتابة عنه.

من لفت انتباهك من المذيعين الجدد؟
جميع من حضر في هذه المرحلة له بصمته المميزة، وله تأثيره، وله جماهيريته، وأعتز بكل من واجه العدوان من خلال محرابه الإعلامي. 
 الشعر هو سيد الفنون، ومهما تراجع لسبب من الأسباب، إلا أنه يعود قوياً.. صف لنا ذلك.
الشعر هو الكائن الوحيد الذي لا ينقرض إلا بانقراض الحياة، هو الحاضر في كل زمان ومكان، رافق الثوار وعزز الثورات ووثق الأحداث، وسطعت شمسه بكل المشاعر التي يعيشها البشر من ألم وفرح وعتاب وشموخ وعزة، وإن كان هناك تراجع للشعر في فترة معينة، هو بسبب تراجع المخزون المعرفي الذي يملكه الشاعر، والذي لا بد أن يسعى إلى رفده بالكثير على الدوام.

كيف تنظر إلى الفضاء الشعري اليوم؟ وما الجميل فيه والسيئ منه؟
على المستوى المحلي تفجرت القدرات الشعرية، وشكلت جبهة نارية أشعل فيها الشعراء والشواعر نيران الغضب اليمني، وكان للقصيدة وهج يحكي وبكل شموخ عن الفخر والاعتزاز بالانتماء لوطن الإيمان والحكمة.. والجميل في الأمر أن كل جريمة أرخها الشعر، وكل ضربة يمانية في نحر العدوان وثقتها القصيدة.

 كيف ترى الشهرة العابرة التي يحظى بها بعض الشعراء؟
جميل أن يتوهج الشعر بصاحبه، ويصنع له قارباً للإبحار إلى قلوب الناس، ويحظى بمكانة جميلة لديهم.. ووسائل الإعلام في هذه المرحلة سلطت الأضواء على الشعراء بشكل كبير، ولكن أعتقد لن يستمر في التوهج إلا الشاعر الحقيقي الذي كلما ازداد سطوعه زاد تواضعاً واقتراباً وارتباطاً ببيئته ومجتمعه.

القصيدة الشعبية أصبح لها حضورها من خلال العديد من الأصوات التي باتت تؤثث المشهد بالكثير من النصوص المبدعة.. هل توافقني الرأي؟
ربما ما تملكه القصيدة الشعرية من مرونة وسهولة في الألفاظ يجعلها تحوز المكانة الأقرب لدى المتلقي الذي يتابع ويقيِّم المشهد، فتصبح ذائقته وحدة قياس للمشهد الثقافي، والقصيدة الشعبية لما تحتويه من مفردات بسيطة يتناولها الناس في كل تفاصيل حياتهم، تؤكد كلامك، وجعل منها الشعراء حلة بديعة اكتسى بها المشهد الأدبي.

 إلى أي مدى نجحت الأصوات الشعرية في تأكيد حضورها في المشهد الشعري؟
المرحلة التي يمر بها الوطن والمواطن ساعدت الكثير من الشعراء على تأكيد حضورهم في المشهد الشعري، فكانت القصيدة الوطنية المجابهة للعدوان حاضرة بشكل كبير في هذه المرحلة، بل كانت بمثابة فرس يصعد الشاعر على صهوته فيكون فارساً عظيماً تنهال عليه المحبة من كل القلوب الهائمة بالوطن.

 من هم الشعراء الذين تعجبك قصائدهم وربما تتأثر بهم؟
أستمتع بكل جميل سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي، لكني لم أتأثر بأحد.

 هل أنت مع المقولة التي تقول بأن القصيدة التي تغنى ليست شعراً عظيماً؟
أنا أقول أن القصيدة التي تغنى لا بد أن تكون شعراً عظيماً، لكن كل ما غني ليس بالشعر العظيم، بسبب اختيارات الفنان للنص الذي لا يرتقي أن يصدح به بصوته ويكسيه حلة لحنية تساعده على الأقل أن يكون نصاً جميلاً.. فالقصيدة الغنائية ليس من السهل كتابتها، وليس الأمر بيسير على من يعرف ويفهم ذلك، ولا بد أن يكون كاتب القصيدة الغنائية متمرساً وصاحب تجربة، ويملك موهبة وذكاء يصنعان له ولقصيدته الفارق الجميل بين زحمة الشعر والشعراء.

هل تكتب الزامل؟
نعم أكتب الزامل، ولي زوامل صدح بها عبدالخالق النبهان ومراد النبهان، مثل: (لا غيب التوشكا ولا غاب قاهر)، وأيضاً (واجهوا في الأرض لو كنتم رجال).

 هل لك دواوين شعرية مطبوعة؟
لدي دواوين جاهزة للطبع والنشر، ولم تأتِ الفرصة لذلك فقط.

 لك العديد من القصائد الغنائية، ما هي الأغنية التي ترددها دائماً؟
(أنت روحي).. كلمات كتبتها وصدح بها الفنان حمود السمة، وهي ألحان محمد التاج، وحازت جماهيرية كبيرة، ودائماً ما أرددها.

 من هو الفنان الذي تشعر بأنه يترجم إحساسك من خلال كلماتك؟
كل فنان له ما يميزه، وأستمتع بالجميع.