البرامج والأعمال التي ينفذها المخرج الإذاعي محمد رسام في إذاعة (صوت الشعب)، تكاد تشكل مداخل وزوايا وأبواباً غاية في الحذاقة الفنية والذكاء في تصوير برامج قادرة على تشكيل التفاصيل المطلوبة للأحداث.. إن الاستخدام الناضج والمهارات العالية لأساليب الإخراج الحديث، أبرز ما يتميز به. فبرامجه قادرة على النفاذ والاختراق، لأنه يعرف ما يؤثر في الناس، وكيف يصل إليهم.. إلى جانب كونه مخرجاً قديراً، فهو منشد بديع. إنه لا يبحر في فضاء جفت مياهه وانقطعت أمواجه، وإنما يبحر في فضاء غني بالمعطيات الفنية الإبداعية، فكما ينساب الماء من النبع دائم الصفاء متجدد الخرير، تتجدد الموشحات بصوته مترنماً بها ومنتشياً في أداء ساحر، هازجاً بها، موشياً إياها بصبغة ألحان كأنها وجدت من أجل صوته.. إنه المخرج الإذاعي محمد رسام.
 كيف تقيِّم العديد من البرامج التي أخرجتها؟
قد يختلف تقييمي لبعض البرامج في بداية مسيرتي في العمل الإخراجي، حيث إنه في البداية يتطلب جهداً كبيراً لإخراج بعض الأعمال، وبعد ممارستي في عمل الإخراج أصبح الجهد يقل نسبياً من حيث اختلاف البرنامج. كما أن الإخراج الإذاعي يعتمد على البرامج، فقد تكون هناك مسلسلات إذاعية، وهي الأكثر صعوبة عن غيرها، ومع ذلك نقوم بإخراج البرامج والمسلسلات بحمد الله بيسر وسهولة.

 هل تستطيع أن تتحدث عن نسبة معينة من النجاح؟
ليست هنالك نسبة معينة ومحددة من النجاح، ولكن بفضل الله لدي رصيد كبير من النجاح الذي حققته، حيث يمكن القول بأن المخرج يستطيع أن يجعل من الأعمال التي أوكلت إليه نسبة كبيرة من النجاح من خلال وضع بصمات إبداعية ومهارات في بعض الأعمال، تعكس إبداعات المخرج، مثل شعارات البرامج والفواصل التي تتطلب من المخرج إحساساً فنياً عالياً، حيث إن الشعار يشير إلى فكر وتصور عام للبرنامج، وهذا مجرد مثال.

 هل الإخراج الإذاعي أفضل حالاً مما كان عليه من قبل؟
بالتأكيد.. وبصراحة إن ما يجعل الإخراج متميزاً في الفترة الراهنة، هي البرامج. نحن نلاحظ نقلة كبيرة ونوعية في مجال الإخراج الإذاعي مما كان عليه في الفترة السابقة، مثلاً هنا في اليمن كان لدينا في السابق برامج مهمة، لكنها لم تجد صدى واسعاً بين أوساط المجتمع، ولم تكن تحظى بالاهتمام نتيجة للقوالب التي كانت تخرج بها البرامج، بينما نلاحظ الآن اهتمام المواطنين وتفاعلهم مع البرامج الإذاعية بشكل كبير وواسع، وبالتالي هذا يعكس مدى التقدم والتميز في الإخراج الإذاعي.

 ما هي العوامل التي يمكن أن تصنع مخرجاً مميزاً؟
أعتقد أن استشعار العمل والحس الإبداعي في المقدمة، هو ما يجعل المخرج مميزاً، إضافة إلى عوامل أخرى، مثل المتابعة لكل جديد، والاستفادة من البرامج الأخرى لمخرجين آخرين، والاستشارة إذا تطلب الأمر، مما يعزز من كفاءة المخرج، ويخلق تنوعاً في أعماله.

 كمخرج في إذاعة (صوت الشعب)، ماذا أضافت هذه الإذاعة للمشهد الإعلامي؟
لا يخفاكم أن إدارة الإذاعة تملك من الخبرة الإذاعية والإعلامية ما لا يملكه الكثير من الإعلاميين البارزين، حيث تتعدى خبرتها الإدارية الـ14 عاماً في العمل الإذاعي والتلفزيوني والصحفي، كما أن انفتاح إدارة الإذاعة المسموح والمحمود جعل من الطاقم المتواجد جسداً واحداً، أيضاً جعلت سقف التوجهات المختلفة في الإذاعة هو سقف الوطن والدفاع المقدس عنه بغض النظر عن أي اعتبار، ما جعل الجمهور الكبير للإذاعة يعشقها ويحترمها، بل لا يكاد يعيش إلا بها.. والإضافات للمشهد الإعلامي وغيره كثيرة لا يمكن حصرها في سطور، كون البرامج تتعدى أكثر من 38 برنامجاً منوعاً وفترات أثيرية مفتوحة ومباشرة صباحية ومسائية، وبأصوات مختلفة، ونشرات إخبارية دقيقة وسريعة، والمخرجون يبذلون جهوداً جبارة وكبرى لا يمكن تثمينها إلا بعد مشاهدة العمل عياناً.

 من البرامج الثقافية برنامج (شظايا) الذي تقوم بإخراجه، كيف تقيمه؟
برنامج (شظايا) من البرامج المتميزة، وقد أضاف معد ومقدم البرنامج الزميل عبدالرحمن التاج، الشيء الكثير لهذا البرنامج، كونه شاعراً بديعاً في مجال الشعر الذي يصيغه، كما أن تعدد الشعراء وتعدد أسلوب الشعر جعل من البرنامج ناجحاً وبامتياز.

 إذا طلب منك أن تختار برنامجاً أو عملاً من إخراجك، ماذا ستختار؟
في الحقيقة البرامج التي أخرجتها كثيرة، وهناك برامج سياسية وثقافية ودرامية قمت بإخراجها، ولكل برنامج منها طابع معين وبصمة لدي.

 من لفت انتباهك من المخرجين؟
بالنسبة للمخرجين أنا أعيش في وسط لا بأس به من الإبداع في الإخراج الإذاعي، ففي إذاعة (صوت الشعب) التي أعمل بها حالياً، والتي تعتبر من الإذاعات المميزة في الساحة الداخلية اليوم، ليس ميلاً إليها، بل لشعلة النشاط الموجود فيها، ولمساحة تغطيتها التي تجاوزت حدود اليمن إلى أرض المملكة السعودية.
طبعاً يوجد من زملاء المهنة الكثير، وأكثر من شدني بينهم هو عبدالله علي، نائب المدير العام للإذاعة، ومن خارج العمل مخرج مسلسل (مالك الأشتر) في إذاعة (البشائر) اللبنانية.

 ما هو البرنامج الذي تتمنى أن يكون من إخراجك؟
لا أمل أي برنامج أكلف به من قبل الإدارة، بل أسعى إلى مزيد من بذل الجهد للوصول للتألق الذي يوصلني إلى العالمية بإذن الله. لا يوجد برنامج محدد أتمنى إخراجه، بقدر ما أميل إلى البرامج الدرامية، والتي يوجد بها الكثير من العمل والجهد الذي يصنع به المخرج بصماته المميزة.

 استمعنا لبعض الموشحات الدينية من خلال صوتك الفذ، لو تحدثنا عن هذا الجانب..
بالنسبة لهذا الجانب (الموشحات) تعتبر بالنسبة لي هواية فقط، كما أن لدي أعمالاً إنشادية و(زوامل) شعبية بصوتي، وإصداراً في السوق بعنوان (صلوا على الخمسة) تم إصداره في 2011م.

 هناك العديد من المنشدين الذين لهم أعمال إبداعية، لكنهم لم يحظوا بنصيبهم من الشهرة، برأيك أين يكمن الخلل؟
بالطبع عني شخصياً لا أبحث عن الشهرة بقدر ما أبحث عن التميز في ما أقوم به، وأعتقد أن لكل مجتهد نصيباً في ذلك. أيضاً باعتقادي أن الفرص واستغلالها هي التي تجعل البعض يحظى بجمهور واسع وظهور في المجتمع.

 البعض يقول إن هذه المرحلة هي مرحلة الزامل وليست مرحلة الأنشودة.. ما تعليقك؟
بالتأكيد أن لكل قالب فني سواء كان نشيداً أو زاملاً تأثيره ووقته المحدد، بالنسبة للمرحلة الراهنة التي تمر بها اليمن من عدوان عالمي، فإن الزامل يعتبر الأبرز فيها، لما يتمتع به من حماسيات، وأيضاً يربط أبناء اليمن بتراثهم الذي يتعدد في مختلف المجالات الثقافية والفنية والإبداعية والتاريخية.

 هل أنت مع المقولة التي تفيد أن القصيدة التي تغنى أو تنشد ليست شعراً عظيماً؟
بالطبع لا.

 كمخرج إذاعي وكمنشد، ما المحصول المعرفي الذي توصلت إليه؟
كما سبق أن قلت لك، ما زلت أبذل الجهد للوصول للعالمية، لكن أحمد الله أني وصلت إلى مرحلة هي الأقرب لأن أكون متمكناً من الحصول على المزيد المعارف في مجال تخصصي (الإخراج).

 عمل تعتز به كثيراً في مجال الإنشاد..
زامل (القرار الحاسم) من كلمات الشاعر ماجد الصانع، أعتز وأفتخر به كثيراً، حيث يعتبر من الأعمال التي قمت بأدائه وهندسته الصوتية ومكساجه، وأيضاً لأنه جاء في وقت لم الشمل اليمني عندما تم الاتفاق بين المكونات الوطنية (أنصار الله وحلفائهم وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه)، وهنا لا أنسى شريكي في الأداء صديقي عبدالله الخولاني، فله كل الشكر والتقدير.

 برأيك من يتصدر المشهد الفني اليوم من المنشدين؟
هناك الكثير من المنشدين المبدعين على المستوى المحلي، ولكن الذي تصدر المشهد بشكل بارز الشهيد المنشد لطف القحوم والمنشد عيسى الليث.

 كلمة أخيرة..
أخيراً وليس آخراً نشكركم على اهتمامكم البالغ وانتقائكم أسئلة حساسة فعلاً، كما هي نصيحة لإدارات الإعلام المسموع أن تكون إذاعة (صوت الشعب) مدرسة للجميع وبلا استثناء، لما أوجدته من بيئة تساعد على العمل الإبداعي وبشكل منقطع النظير، أيضاً هي رسالة عبركم لكل الإعلاميين أن يجعلوا من عملهم الإبداعي شعلة تنير للمجتمعات سبلهم في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والحياتية. شكراً لكم مرة أخرى.