جرحُ الدهر

صَـرَّحَ المصـدرُ فجرَ اليومِ، قالْ
(هَتـَكَ الأعـداءُ رَبـّاتِ الحِجالْ
قَصفُوا الأطـفالَ في أمْهـادهمْ،
 أنـْزلوا بالنّاس قتـلاً واعتقـالْ..)
هكـذا الأنبـاءُ تُـدمي مُهجـتي
كـلَّ وقتٍ.. وأنـا أتلـو السـؤالْ:
مَنْ أنا؟! ما اسمي؟ وماذا أبتغي؟
هـل أنـا إنسانٌ، أم محـض خيـالْ؟
مَنْ أنا؟!.. ما كان جـدي خـاملاً،
كيف صرتُ اليومَ أطـلالَ احْتمالْ؟!
مَنْ أنا؟!.. يُحـكى بـأني أنتـمي
 -حسب ما يُحكى- إلى أوفى الرجالْ
مَنْ أنا؟!.. قالـوا بـأني أوشكتْ
سـيرتـي تـغـدو نشـيد الاكتمالْ
لا تسلْ! أصداءُ روحي جـاوبت:
ليس للميْت سوى سُـكنى الرمالْ
لا تسلْ! أمجادُ جَدّي جاوبتْ
لا تسلْ يا مسخُ!.. واخْسَـأْ بانخـذالْ
لا تسلْ! صوتٌ تهادَى مُتْعباً.. 
دامياً.. يتلـو نشيـدَ الارتحالْ
لا تسلْ عـن ظـلّ مجدٍ غابرٍ؛
إنّ في جُرحي جواباً لا يُقالْ
أنا جُرحُ الدَّهْر.. والقلبُ الذي
 يَصطلي في كل يومٍ بالنصالْ
أنا نزْفُ الآهِ! في قلبِ الدُّجى..
دَمعةٌ حَرّى على خدّ الليالْ
أنا دمْعـاتُ الثّكالى عـانَقَتْ،
في حُروب القَهْر، حبَّات الرِّمالْ
أنا مَهْدُ الأنبياء.. في خافِقي
أَلْفُ مَجدٍ، في دمي غرسُ الجمالْ
أنا مَسرَى المُصطفى، خيرِ الوَرى،
 الإمامِ المُجْتَبى، رمزِ الجلال 
إنني (القـدسُ)! –كذا يدعونني-
وبأقداسي يَعيثُ الاحتلال
إنني (القدس)! وهذي أنّتي، 
تملأ الأفقَ، ودمعاتي سِجالْ
دنَّسَ الأعداءُ طُهْري، وابْتَنَوا،
من سَواد الحُزن، في قلبي جبالْ
لَوَّثُوا (أقْصايَ) عَمْداً.. ولَكَمْ
نحوَ (أقْصايَ) الوَرَى شَدُّوا الرِّحالْ
أنَّتي تنساب لَيلاً كاللَّظى،
وديار العُرْبِ سَكْرَى في احتفالْ
لا تسـلْ عن مجد ماضٍ غائبٍ،
وحضوري خِزْيُكمْ في كل حالْ