وضع العدو عقب انتكاسة صنعاء، والأساليب الأمريكية في الحروب الخاطفة..
حملة احتلال العاصمة وانكسارها، تبين المستجدات اليومية والمعطيات الجديدة المتعلقة بها، وجملة النتائج التي لا تزال تتفاعل بتصاعد واستمرارية، المسار المرتسم بدقة كل يوم كمعركة كبرى يحق أن تسمى أم المعارك حقاً، لكون العدو يراهن على أهميتها، وبجعلها حاسمة تفضي به عبر وثبات (انقضاضية جوية وبرية واسعة) إلى قلب العاصمة ومركز القرار والقوة والمواجهة، وخلق معادلة جديدة للتفاوض أو الحسم، وهي بذلك تغير موازين القوى الحالية على الجبهة الحدودية المركزية للعدو.
في البدء نورد عدداً من الملاحظات توضح ما أشرنا إليه إجمالاً في الحلقات السابقة ومستقبلاً لما نراه من أهمية في المعركة واستحضار الوعي الوطني وشراكته وصحوته ويقظته العامة وشعوره بالمسؤولية، وليس الغرض مطلقاً هو إثارة الفزع ولا الاسترخاء، وإنما إثارة الشعور بالنقد الذاتي والإقرار بالأخطاء والنواقص وعدم ادعاء الكمال أو الغرور وعدم الاستهانة بقوة العدو، وضرورة التسلح بالتواضع الثوري والصرامة الموضوعية العلمية والواقعية الثورية.
1- مطلع فبراير كُسر زحف العدو نحو المطار الدولي للعاصمة على أبوابها الشرقية، وبعد صراع طويل في الميدان كان قد بدأ منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بينما اللافت في الأمر هو أن يظل الإعلام الوطني يقلل من خطورة هذه المعركة ويتجاهل أبعادها ولا يقوم بالتغطية المطلوبة لها ولا ينقل تفاصيلها ولا حجمها الحقيقي الواقعي الذي فوجئ الرأي العام به دفعة واحدة نهاية يناير عندما دوت مأساة سقوط معسكر الفرضة (312) على أبواب العاصمة قبل تحريره، كما أن هذا السلوك أدى لخلق حالة من الاسترخاء المضلل للقيادة، ولم يدع للتفكير الاستراتيجي فرصته أو مجاله كما يتطلب، وهذا كله لم يكن ليكسر لولا يقظة عامة مسبقة وغريزية لدى القيادة والمزاج السياسي الشعبي الوطني الذي عطل تحفزه مفاعيل المؤامرة التي كان مخططاً لها ضمن مخطط أكبر من كونه شخصيات خانت، وهذه المسألة لا تخفي إلا جبل الجليد الذي لا يزال قائماً حتى اللحظة، والدليل هو استمرار وعودة التوغلات في المناطق المحيطة بفرضة نهم وغيرها كماس الذي سبق ضربه وإعلان السيطرة عليه، وهو ما يوضح استعدادات معادية ومقامرة لخوض معركة مصيرية مهما كان الثمن. كما جعل هذا التخاذل الإعلامي المواطنين بحالة جهل عن جغرافية المعركة.
2- هذه الاختلالات الإعلامية توضح بوجود فجوة بين القيادة والإعلام وتوجيهه الوطني والاستراتيجي في صلب المعارك بكل الجبهات والتدقيق بالمعلومات والتناولات لها محليا ودوليا بشمولية.
3- كانت أول معركة كبيرة برية قرب المركز يخسرها العدو بهذا الحجم، وينتقل بعدها الجيش اليمني من الدفاع إلى الهجوم البري، وإلى مطاردة العدو نحو قواعده التي انطلق منها، ورسم هذا التحول حدوداً جديدة بين منطقتي سيطرة القوتين: القوة الوطنية والقوة المعادية، واتجاه الحركة فيها هو تقلص الدائرة العدوانية برياً باتجاه المحور الشرقي الذي كان تحت سيطرة الاحتلال، وهو بداية تكرار الحالة التراجعية للعدو في الحدود إلى المحاور الشرقية التي كانت تتميز بهجوميته المضادة.
4- التحول الاستراتيجي ما زال في بدايته، لكنه يتضمن تحقيق اختراق كبير سيكون له نتائجه الحاسمة في القادم من الأيام، وهو يضاف إلى ما يتحقق للجيش اليمني والأنصار في الجهات الحدودية، وامتدادا لإنجازاتها، وخاصة معمعة الربوعة القائمة الآن.
5- يؤشر هذا التحول إلى بداية اتجاه عام للصراع نحو أرجحية القوى اليمنية التي ما انفكت تتنامى باستمرار دون توقف. ولن يطول المكوث على أبواب مدينة مأرب والجوف بعد الحملة الشعبية الكبيرة التي راحت تتسع مطالبة بالتحرير لمأرب من المرتزقة والأجنبي. لقد تكسرت كثير من قوات العدو في مقابل تعاظم القوات الوطنية في الميدان كنتيجة مباشرة لقتال القوات اليمنية وبسالتها، إذ كسبت القوات اليمنية الكثير من القوة المادية والمعنوية، كما استنهض دحر العدو على أبواب العاصمة قوات وقوى جديدة كانت لاتزال مسترخية ورفعت من منسوبات القوى المادية والروحية، وحسمت العديد من القوى مواقفها مع الجيش والوطن في مواجهة العدوان ومرتزقته وعملائه.
6- مواصلة تطهير الجيوب التي تسلل إليها العدوان في البوابة الشرقية للعاصمة.
7- نتيجة الانكسار المعادي انتقلت المعركة من أبواب العاصمة إلى أبواب مأرب على بعد أكثر من 200 كيلومتر، وإن كان العدو يحاول أن يخرقها بمناورات وتسللات جوية وبرية، وأصبح العدو يتحصن الآن خلف مأرب وسكانها.

مأرب في استراتيجية العدو. كيف يقرأ العدو مأرب ودورها؟
إن معركة مأرب والجوف التي يستعد لها الجيش والأنصار، ويحاول إعاقتها العدو بالعديد من المناورات والتحركات الجانبية والخلفية، في محاولة لاستعادة العديد من السلاسل الجبلية المطلة على نهم والجدعان وكوفل، إنها هي مدخل المعركة الكبرى للعاصمة التي لا تزال قائمة حتى الآن على الرغم من انتقال قواها من الدفاع للهجوم.
مأرب ليست مجرد مدينة هامة، بل هي أهم بكثير من كل المدن الأخرى الآن، لأنها تقع في قلب الصراع الاستراتيجي الجاري وعلى حافته الحادة، ومن يسيطر عليها سيسيطر على الجناح الشرقي للوطن ومسرح الحرب الداخلية كلها، مما يمكنه من وضع حد للحرب العدوانية برمتها نتيجة للوضع الذي يناله بعد سيطرته عليها. ويتراءى لنا بهذا الصدد قراءة لإرادات متعارضة ومتصارعة على قمة حادة.
1- إذا خسرها العدو وانكسر انكسارا شديدا، فإنه لن يتوقف عن التراجع إلا خلف خط جبهي جديد حدودي يمتد بين نجران والحوف والوديعة وحضرموت.
2- إذا خسرها العدو فإنه سيحاول التعويض في التمسك بالجوف وإقامة جبهة كبيرة جديدة للتعويض عنها، وليس عوضاً حقيقياً لها. وإذا طالت المناوشات على أبواها فإنه سيفتح جبهة جديدة في الجوف لتشتيت القوات المتقدمة نحوه وتهديد خطوطها واختراقها من الشمال الشرقي كلما تقدمت إلى الأمام نحو مأرب بمحاولات التفافية من الجوف نحو الجدعان وكوفل وماس وصرواح، كما سيحاول فتح جبهة جديدة كبيرة من الجنوب الشرقي للعاصمة من جهة مأرب البيضاء ذمار العاصمة، ومن الجنوب الغربي والساحل نحو العاصمة من الغرب..
3- إن الخسارة لا تكون كاملة إلا إذا اقترنت بخسارته مأرب والجوف معا، حيث تشكلان عمودين لمنطقة استراتيجية كبرى واحدة.

مأرب.. المحور الرئيسي للصراع
يمكن للجيش أن يركز جهده أولا على مأرب وأخذها، ثم الالتفات للجوف بكل المجهود المتجمع بعدها لتكون الضربة استكملت هنا تمهيداً لما بعدها.

خيارات (تكتيكات) العدو الحالية والمباشرة
شتت العدو قواته نتيجة للانكسار السابق وتوزيعه لقواته على مناطق واسعة وسلاسل جبلية طويلة، وهو الآن موزع الاهتمام بين أكثر من هدف واتجاه. ويتلخص وضعه في كونه:
قد خسر الكثير من الاحتياطات السابقة التي كانت جاهزة ومعدة واللجوء للمستجدين المرتزقة، ولن يكون أمامه سوى سحب قوات من جبهات أخرى في الجنوب والغرب لتعزيز وجوده هنا وتيسير سقوطها بيد الجيش والأنصار والجبهات الشعبية هناك، وهو الآن يتظاهر فقط بإمكانيته اللامحدودة.
كما أن الجبهات الحدودية للعدو يتسارع تهاويها بيد الجيش والأنصار، ما يزيد أزمته في الأعداد القتالية.

معنى الانكسار على الأبواب الذي يجب فهم معانيه واستثمارها جدياً والدفع بها لنهاياتها المنطقية
إن كل انكسار على أبواب العاصمة لقوة ما، يجعلها عاجزة عن معاودة الهجوم بنفس الحجم الهجومي السابق، ولذلك يستمر العدو بإحراز انتكاسات جديدة كل مرة، مما يلجئه لهروب نحو خيارات سياسية هروبية بحثاً عن الوقت، وهذه من بديهيات السياسة والحرب.
ذلك أن الغزو يجمع إلى العاصمة أقوى وأكبر تجمع لقواته المتوفرة فعلا ليحشدها لغزو العاصمة لأنها أهم المحاور والجبهات، وعليه فإن خسارتها تكون قد طحنت معظم قواتها النُخبية وقوات الصف الأول.

الهجوم الكبير على العاصمة
الآن، وبعد أن انكسر العدوان على أبواب العاصمة، وتراجع العدو إلى مأرب، واحتدام المعارك بالقرب منها وعلى أبوابها، هل سيكون على العدو أن يواصل الهروب إلى ما بعد مأرب، أم له خيارات عديدة يمكنه اللجوء إليها لإحباط تحرك الجيش اليمني والأنصار للأمام؟ وما هي هذه الخيارات المحتملة والممكنة؟ ما علاقة ذلك بما يجري في البحر الأحمر وتهديد الحديدة بالاحتلال والسيطرة على الساحل الغربي بما يجري في سقطرى من تحركات وتحضيرات عسكرية حثيثة تشي بقرب تحرك كبير قد ترسم اتجاهاته أولويات العدو الآن ومعاناته (هجوم الربوعة السعودي لاستردادها - وإيقاف التقدم اليمني على مأرب - وإعداد لهجوم كبير نحو العاصمة جوي وبري)؟
هذه الأولويات الثلاث المحورية للعدو نقرأها من التالي:
1- الربوعة: دعم محاولة استردادها في عسير، وهي العملية الحربية الجارية الآن التي تراهن السعودية عليها منذ فترة طويلة. وقد شنت أكبر عملية هجومية برية جوية مشتركة ولا تزال جارية، وتواجه انكسارات متوالية، ولكنها تحاول أن تثبت في المواجهات مهما دفعت من أكلاف، فهي ترى أن المواجهة عند أبواب الربوعة هي مصيرية ومصيرية جدا، وتشعر أن تخليها عن الربوعة يعني أنها انكسرت انكسارا حاسما وكبيرا في الجبهة الداخلية للسعودية، وخاصة في خط الدفاع الثاني، وخرقه نحو (أبها وظهران الجنوب)، ثم خرق الخط الثالث.
الربوعة إذن ليست منطقة عادية يمكن أخذها مثل بقية المناطق الأخرى الحدودية، وتعني مفتاح الباب إلى السيطرة على المحافظات الأخرى الرئيسية، فهي مركز محوري في الخارطة الصراعية الجغراستراتيجية في منطق الصراع الرئيسي بين القوتين، وموقعها الجغرافي في قلب جبال السرات المنيعة العالية المطلة على نجران وجيزان والمنفتحة عليهما من محاور جانبية عدة، وللكثافة السكانية فيها المرتبطة اجتماعياً وثقافياً وتاريخياً بالهضبة الشمالية اليمنية.
2- أما المسألة التالية فهي مواجهات مأرب ونتائجها، إذ إن مأرب بالنسبة للعدو ليست مجرد مدينة عادية في قلب الصحراء اليمنية، ومجرد خزان بترول وغاز ومرتزقة حرب، بل كتلة تماسك وضم الإقليم الشرقي كله حتى المهرة ومجنبات نجران التي خلفها تكمن معسكرات العدو الرئيسية، ولها أهميتها الحاسمة في استراتيجية العدو، بل قلب الاستراتيجية الهجومية المركزية له، لذلك هي أمام العدو الآن مثلما الربوعة أمامه، وبنفس الأهمية المركزية، وفي ظروف الهجوم الرئيسي نحو العاصمة تصبح مأرب أكثر أهمية من جميع المدن الأخرى، إنها مفتاح الدخول إلى مركز الثقل اليمني. لذا يكون الرابط بين المعركتين (واقعياً معركة واحدة)، هو أن سقوط الربوعة يؤدي لانهيار الدفاعات المعادية في مأرب، فسقوط الربوعة يعني الإسراع بشفط القوة في الداخل اليمني نحو الحدود للمكان المنفتح على السيطرة السعودية ومباشرة للطائف ومكة وجدة...، ولذا كان وجوباً على العدو أن ينتقل بالمعركة نحو مركز الثقل اليمني مباشرة، وفي الوقت ذاته سحب القوات اليمنية الضاغطة عليه في تمركزاته والعودة بها إلى مؤخراتها المهددة.

الاستراتيجية الراهنة للعدو هدفها إيقاف الخصم واحتواؤه ودحره لاحقاً
وبناءً على هذه السياسة يتحرك العدو لإعادة إقامة وتنظيم القواعد البؤرية التي فقدها بانكساره أمام العاصمة، أي أنه أمام مهمة إعادة تنظيم وتأهيل لقواته، وفتح خطوط بديلة لما تم تدميره خلال المواجهات. من هنا فإن المعركة حول مأرب سوف تستقطب أهم القوى العدوانية والإرتزاقية المحلية والأجنبية.
لقد أضحت معركة مأرب جزءاً من معركة العاصمة الكبيرة، ومن المعارك الحدودية الكبرى، وامتداداً لها، ولذلك فإن العدو يعتبرها مركزية ومحورية وحاسمة، وهذا صحيح تماما.

الهجوم الامبريالي يتركز حالياً حول مأرب في الإطار الداخلي للعدوان.. كيف يدير العدو المعركة هناك؟ وما هي خططه وتكتيكاته؟
قلنا إن معركة مأرب بالنسبة للعدو مصيرية مثلما هي بالنسبة للجيش اليمني والأنصار، وإن اختلفت الأهداف والأغراض، ومعنى هذا أنها معركة كسر ظهر وعظم وروح شمولية، والخاسر لها سيكون عليه أن يتراجع إلى قواعده الأساسية بعيدا جدا عن أرض مأرب، أما الكاسب فيكون له أن ينتشر ويتوسع فيمد نفوذه شرقا وغربا وجنوبا وشمالا.
الدفاع الهجومي:
الآن هدف العدو الرئيسي هو تحقيق الدفاع عنها أولا، وتأتي الهجمات الجانبية له بهدف الضغط على الجيش المتقدم وإعاقة تقدمه واستنزافه وتشتيته على الطرق والمحاور الجانبية الطويلة وتخريب خطوطه، وتحطيم المعنويات بين الجمهور الشعبي المؤيد للجيش اليمني والأنصار.
كيف يحاول العدو تحقيق ذلك في الميدان؟
الأرض والجغراستراتيجية
الأرض والسكان، تتحكم بالأطراف المتصارعة دوماً، وهي ليست ملكا للطرفين بنفس الدرجة والمستوى، لكنها ستكون مع المتمكن من التعامل معها وله قرابته الاجتماعية والقبلية والسياسية والوطنية، ومن يعرفها جيدا وقد اختبرها وأدرك التعامل معها وظروفها ومتغيراتها وخصوصياتها بحنكة وذكاء ودهاء، وهذا ما ينقص العدو كثيرا، ولا ينقص القوات اليمنية أبناء الأرض والعرض والتاريخ والوطن، لذلك سيكون الحظ في حلف جيشنا وأنصارنا حتما إذا أحسنوا استثمارها جيداً.
وبالنسبة للعدو، تتسم محاولاته باستثمار ما سبق من مقدمات إبان وجوده وحلفائه في السلطة سابقاً.

سلاح الجو وإمكاناته الخاطفة
كما يحاول استثمار قدراته التسليحية الجوية المتطورة، وهي قدرات تمكنه من القيام بعدد كبير من المناورات والتكتيكات والتحركات في سماء المنطقة المستهدفة، ومن هذه القدرات الممكنة استخدام المروحيات في حمل قوات برية مفاجئة وإنزالها خلف تمركز القوات اليمنية في حال توفر الثغرات المطلوبة، علماً أن العدو يملك أسطولاً جوياً متنوعاً بأعداد هائلة تصل لألفي طائرة، كما أن المتابع للتكنيك الأمريكي الغربي في معارك القرن المنصرم حتى اللحظة، يدرك أن الأسلوب الجوي الانقضاضي وبالأعداد الكبيرة، هو أسلوب عسكري مركزي يتصدر طليعة النظريات الهجومية للعدو، لكونه دائماً يتجنب بشدة المواجهات البرية الطويلة، والسبب هو اختلالات بنيوية أبرزها أن جيوشها تستند على البحر لأنها دول محيطية وبنت مدرعات جوية أو خيالة جوية، والثاني هو اختلال الأعداد، ولذا هو يعتمد على التقنية والتكنولوجيا في تغطية فجوات هذا الاختلال في الموازين، وعلى الأموال وعمليات التخريب السري المسبق.

المناورة بالقوات
أي أن العدو يكون قادرا على نقل أعداد كبيرة من قواته من مكان بعيد إلى أرض المعركة، وبعدها يمكنه إعادتها بنفس الطريقة، فهو يقطع مئات الكيلومترات خلال ساعات وبشكل متخفٍّ، وهذه ميزة هامة جداً لصالح أي جيش يكون قوياً ومرناً في آن. والعدو لم يستخدم كل أسلحته بعد، فسلاح الجو الذي حُيد طويلاً وسلاح البحرية لا تزال قوى غير فاعلة حقاً حتى الآن، ونعم هو ينكسر متتالياً، لكن ذلك لا يعني كونه نائماً.

السلاح الأخير
إن المعركة الكبرى التي يوفر لها السلاح هي هذه الحالية معركة العاصمة، وليس هناك أهم منها بعد، إذن هي معركة حاسمة، ولابد أن يرمي في أتونها كامل الأسلحة، فلماذا يوفرها العدو وهو المحترف للحرب والعلم؟! إن استخدام السلاح الجوي والمروحي هو أمر حتمي، ويجب أن نفكر على هذا النحو كي لا نفاجأ.

ما الشكل الفعال المفترض لاستخدام السلاح الجوي المروحي في المعركة الحالية؟
ربّ قائل إن العدو يستخدم السلاح الجوي الآن ومنذ بدء العدوان، فما الجديد؟!
العدو ظل وما يزال يستخدم السلاح الجوي دون توقف، ولكن ليس الأمر بالاستخدام العادي للسلاح الجوي، وإنما هو استخدام خاص نوعي بغير المجال السابق المنحصر في القصف والاستطلاع والدعم والإسناد بالنيران من أعلى.
أما الشكل الأعلى النموذجي لاستخدامه كسلاح هو الأبرز خلف خطوط العدو وإنزال قوات خاصة فوق المرتفعات الجبلية الحاكمة والانقضاض على المطارات والمساحات المستوية وإنزال فوقها الطائرات العملاقة النقالة للقوات والأسلحة والمدرعات الثقيلة من مناطق بعيدة غير متوقعة، وهو ما يضمن به تحقيق المفاجأة والمبادرة والمباغتة والتفوق العددي إضافة للتفوق التقني المتوفر للعدو.
ما الذي يجعلنا نفكر على هذا النحو؟
معرفتنا بعدونا وكيف يفكر وما يمتلك من أسلحة وقدرات، والمشكلات التي يواجهها الآن، والتي واجهها خلال الحملة السابقة وأدت إلى انكساره أمام قواتنا.
هذا هو ما يشكل دوافعه ويفرض عليه البحث عن أساليب جديدة مفاجئة في عدوانه.. دعونا نعيد التفكير بالمشكلات والأسباب التي أدت إلى انتكاساته أمام العاصمة، ما هي من وجهة نظره؟
1- سيطرة اليمنيين على المرتفعات المركزية والطرفية، والتي لا يمكن السيطرة عليها دون المفاجأة والانقضاضية الشديدة الصعق ومن الجو فقط.
2- السيطرة اليمنية على محاور التقدم على الأرض من البداية، مما يجعل التقدم الطويل للعدو شاقا ومكشوفا أمام قواتنا. ولا حل لهذه المعضلة إلا إذا استخدمت المروحيات كناقلات بدلاً عن التحرك براً عبر خطوط طويلة مكشوفة.
3- تقطع المعارك وعدم استدامتها والشروع بها قبل الاستعداد كاملاً لها، ما يؤدي إلى تفتيت طاقاتها وتمزق قدراتها، وهذا ناتج عن نقص الأسباب والعوامل والإمكانات، وعدم توفرها الفوري وتدفقها، وهذا لا يمكن توفيره وتدفقه إلا إذا تم تدفقه دون توقف أو تقطع خلال الحملات وقبلها وبعدها، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر الطريق الجوي المفتوح.