بل ستيوارت و يارا بيومي
عندما استقبل وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، وزير الخارجية السعودي، في البنتاغون، الشهر الماضي، كان أول ما قاله له نكتة حول الوقت الذي حاول فيه الإيرانيون قتله. إشارة ماتيس إلى حادثة 2011 المحبطة التي نفتها إيران، كانت دليلاً قاطعاً على مدى اتساق إدارة الرئيس دونالد ترامب مع حلفاء الخليج حول ما يعتبرونه التهديد الإيراني، وهو تحول يبدو أنه يمهد الطريق لزيادة تدخل الولايات المتحدة في اليمن، على وجه الخصوص.
بعد أن سعت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة إلى التخلي عن الحرب الوحشية في اليمن، يبدو أنها تحت إدارة ترامب تظهر الآن على نحو متزايد في الصراع، من خلال منظور الخليج للتدخل الإيراني، حتى لو كانت واشنطن تعطي الأولوية لمحاربة القاعدة.
حيث تجري مناقشات تفصيلية في إطار إدارة ترامب التي من شأنها أن تقدم مساعدات أكبر لحلفاء الخليج الذين يقاتلون الحوثيين في اليمن، الذين تدعمهم إيران، حسب زعمهم. ويقول المسؤولون إن ذلك قد يشمل توسيع نطاق مشاركة المخابرات الأمريكية.
في المملكة العربية السعودية، الأسبوع الماضي، قارن ماتيس دعم طهران للحوثيين بدعمها لحزب الله اللبناني، وهو رأي طالما تبنته المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى التي ترى الروابط بين الطرفين.
وقال ماتيس للصحافيين في الرياض: (إذا نظرت في كل الأماكن المضطربة المتواجدة في المنطقة، فستجد إيران في المشهد).
ترفض إيران الاتهامات السعودية بأنها تقدم دعماً مالياً وعسكرياً للحوثيين الذين يناضلون ويدافعون من أجل اليمن.
في هذه الأثناء، هناك تعاون بين الولايات المتحدة والخليج في ازدياد بالفعل في مكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن الحرب الأوسع نطاقاً تشكل عقبة أمام حملة عسكرية مستمرة، فضلاً عن تهديد لمضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية الاستراتيجية.. وبالنسبة للعديد من المراقبين الأمريكيين والخليجيين، فإن دور إيران واضح في التطور المتزايد لتعقيد الوضع في اليمن.
وكانت الولايات المتحدة أطلقت صواريخ (كروز) على أهداف الحوثيين، العام الماضي، بعد أن تعرضت سفينة حربية أمريكية لإطلاق نار من اليمن، كما اصطدم قارب بمحركات تابعة لفرقاطة سعودية يوم 30 يناير، وهي أول ضربة معروفة من قارب متفجر، أي ما يماثل الطائرات (بدون طيار).
وأضاف أن (هذه الأسلحة لم تكن موجودة قبل الحرب). وقال النائب كيفين دونيجان لـ(رويترز) في مقابلة: (لم يكن هناك قارب متفجر موجود في المخزون اليمني).
وقال دونيجان، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، إن الصواريخ الباليستية التي أطلقت على السعودية عدة مرات هي مجموعة من الصواريخ التي امتلكها اليمنيون قبل الصراع. وأضاف: (عندما يكون لديك دولة غير مستقرة، لكنها تمتلك أسلحة مثل الدول القومية التي يمكن أن تصل إلى المنطقة البحرية، فإنها تحظى باهتمامنا).
كما قال مسؤول بارز في دولة الإمارات العربية المتحدة لـ(رويترز): (إننا نرى طائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات ومضادة للسفن، بالإضافة إلى ألغام برية وبحرية).
وقد أيد ماتيس علناً حلاً سياسياً للصراع.
ومع ذلك، فإن الحكومة اليمنية والائتلاف الذي يقوده الخليج يستعدان لهجوم محتمل على ميناء الحديدة، الذي يمثل نقطة دخول نحو 80% من واردات اليمن الغذائية، تحت ذريعة سيطرة الحوثيين عليه لتهريب السلاح.
ولم يستبعد مسؤولو إدارة ترامب الدعم الأمريكي في حالة تحرك التحالف قدماً، بيد أن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن واشنطن لا تفكر في شن هجمات على الحوثيين أو نشر قوات برية.
وفي الوقت ذاته حذر إريك بيلوفسكي، الذي ساعد في صياغة سياسة اليمن لأوباما، من مخاطر هجومية تحول اليمن إلى مجاعة رهيبة، واقترح أن قوات التحالف ربما تشن هجومها بالقرب من كتاف لزيادة الضغط على الحوثيين.
يذكر أن الولايات المتحدة نفذت ضربات جوية هذا العام في اليمن أكثر مما كانت عليه في 2016، في إشارة واضحة إلى تزايد قلق الولايات المتحدة والتركيز على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتعميق المشاركة في الحرب على اليمن.
غير أن ما يغيب عن المشهد إلى حد كبير هو الشراكة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة التي تساعد على توجيه هذا النشاط المتزايد.
وقد استولت القوات المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة على عناصر من تنظيم القاعدة، وعلى الرغم من أن غارة يناير الماضي في اليمن كانت الأولى في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهي حتى الآن واحدة فقط منذ توليه مهام منصبه.
وقال مسؤول بارز في دولة الإمارات العربية المتحدة: (نحن نشعر بالتشجيع من دعم الولايات المتحدة، والتغيير من أسلوب وطريقة الطائرات بدون طيار إلى مزيد من التدخل. لا يمكننا هزيمة القاعدة وطردها بأسلوب طائرات بدون طيار).
وقد تم تبادل المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها من العمليات التي تدعمها دولة الإمارات مع الولايات المتحدة التي تعيد بناء معرفتها عن تنظيم القاعدة منذ أن أجبرت أفرادها على الانسحاب من الحرب عام 2015.
وقال القائد العسكري البارز في الائتلاف الأمريكي: (من حيث الولايات المتحدة التي تدعمنا أو التحالف الذي يدعم الولايات المتحدة، فإنها مشتركة بالفعل). وأضاف أن الائتلاف يتمتع بقدرات بشرية تكملها قدرات المخابرات والاستطلاع القوية لدى واشنطن. ومع ذلك، يعترف المسؤولون الأمريكيون بأن هناك الكثير الذي لا يعرفونه. حتى معرفتهم عن حجم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وبعيداً عن أمور مثل زيادة تشارك المعلومات الاستخباراتية، يقترب المسؤولون الأمريكيون من الموافقة على بيع ذخائر موجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية التي كانت محظورة في ظل إدارة أوباما.
وقد وصف اجتماع عقد مؤخراً بين ترامب ونائب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأنه نقطة تحول في العلاقات التي كانت باردة في ظل باراك أوباما، ولكن البعض حذر من علاقات حميمة بين الطرفين.
وقالت آن باترسون، النائبة السابقة لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة أوباما، التي دعت إلى بيع الذخائر للسعودية: إن الولايات المتحدة يجب أن تساعد الرياض أيضاً في تحسين استهدافها وقدرتها على تصويب الأهداف، ولكن البعض أعرب عن قلقه، وحذر من بيع هذه الأسلحة للسعودية.
وقال توم مالينوفسكي، المسؤول الأعلى في وزارة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأميركية، في عهد إدارة أوباما: (إن الأمر يجعل الولايات المتحدة متواطئة مرة أخرى في تصرفات وممارسات السعودية التي تسبب معاناة كبيرة لا نملك السيطرة الكافية عليها).
ذا ديلي ستار