آخر حيل وسائل الإعلام الغربية..جهاديون شواذ في سوريا
- تم النشر بواسطة ترجمة خاصة - لا ميديا / نشوان دماج

راشيل مارسدن
ترجمة خاصة عن الألمانية:نشــوان دماج / لا ميديا -
ها هم الإرهابيون الإسلامويون في سوريا، والذين استولوا على مدينة حلب، يحاولون إعطاء أنفسهم وجهاً جديداً من خلال اعتناقهم «التنوع» فجأة. وها هي وسائل الإعلام الغربية تساعدهم في تحقيق ذلك التغيير في الصورة.
يأخذ تنظيم القاعدة في الصعود ثانية داخل سوريا، وكما لو أن تدريبات اللياقة التي كانوا يمارسونها اتباعا لأسلوب القرَدة قد تم استبدالها بدورة غسيل دماغ تتعلق بشيء اسمه عدالة اجتماعية.
أما ما الذي كان يقوم به الجهاديون في الفترة الأخيرة، منذ أن اختفوا عن أعين الرادارات قبل بضع سنوات؟ فيجيب عليه عنوان رئيسي في صحيفة «التلغراف» البريطانية: «كيف يرغب جهاديو سوريا «المؤمنون بالتنوع» في بناء دولة؟». وإذن، هذا يفسر كل شيء. يشير المقال كذلك إلى «تعذيب» وثقته جماعات حقوق الإنسان في مناطق إدلب المسيطر عليها من هيئة تحرير الشام التي خلفت القاعدة في السنوات الأخيرة.
وعليه فإن تنظيم القاعدة في سوريا، والذي خضع لعملية جراحية تجميلية، يبدو الآن كما لو أنه استنشق كُتيّباً عن المساواة والاندماج، ألفه ناشط غربي مزدوج جنسيا، بشعر أرجواني وحلقة في أنفه. فـ«التنوع قوة»، هكذا قال زعيم الجماعة، أبو محمد الجولاني، عقب الهجوم الذي وقع في حلب.
فهل تطالب وكالة المخابرات المركزية الآن بقائمة من الحصص وبسياسة للمساواة والاندماج بخصوص وكلائها الذين يتلقون عقودا بمليارات الدولارات للقيام بالمهمة القذرة المتمثلة في تغيير هذا النظام أو ذاك، مثلما هو الحال مع «المتمردين السوريين المعتدلين» الذين كثيرا ما تبجحت بهم، فانشق الكثير منهم بعد ذلك وانضموا إلى القاعدة؟
كم هو مزعج أن تضطر إلى الانكباب في كل هذا التزويق وأنت تدعي مكافحة الإرهاب. هذا فضلا عن كل الانحرافات المصاحبة. هو أمر يبدو كأنه لم يكن بوسع أحد التفكير به يبدو كأنه شيء لم يكن من الممكن أن يحلم به سوى مجمع الأمن القومي الغربي.
فالأمر ليس أن هؤلاء «المتمردين المعتدلين»، والذين قاموا فجأة بتسليم أسلحتهم التي كانت الولايات المتحدة قد زودت القاعدة بها، عند محاولتهم الأخيرة وفشلهم في عملية تغيير النظام في سوريا التي كلفت وكالة المخابرات المركزية مليارات الدولارات، قد حققوا نجاحا مبهرا عندما نجحوا في ذلك، كما لو كان عليهم وحدهم تنفيذ المهمة. والآن يبدو كما لو أنهم يريدون التأكد بأنفسهم من أنهم أيضا يستخدمون الضمائر بشكل صحيح.
لكن رجاء لا تصفوا الإرهابيين بالإرهابيين. إن هذا يجرح مشاعرهم، حسب ما جاء في مقال لصحيفة «التلغراف» البريطانية نشر مؤخراً، حيث اعتبر زعيم المجموعة أن التسمية «غير عادلة». أعتقد أنه على حق. فسيكون ذلك بمثابة أنك تغدق على أحد ما بالأموال والهدايا (وفي هذه الحالة بالأسلحة)، ثم بمجرد أن يتم القبض عليه في مكان عام تصفه بمجنون مطلوب.
وهذا يعني أن تنظيم القاعدة مات، وماتت معه كل الأعباء المرهقة التي تحملها بسبب اتهام الغرب له بمسؤوليته عن إسقاط برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 وصدم البنتاغون بطائرة ركاب. وبالتالي يجب تعزيز صورته بمظهر جديد تماما، على أمل أن يرحب الغرب بجهود تغيير للنظام يقوم به أشخاص يبدون كأنهم على وشك رفع علم قوس قزح فوق دمشق.
ربما أن السكان المحليين سيرحبون هم أيضا بإرهابيين أطاحوا بحكومة الرئيس بشار الأسد إذا ما كانوا يدعون لـ«نظام أكثر استرخاءً من نظام طالبان في أفغانستان على سبيل المثال»، حسب زعم صحيفة «التلغراف». يا للروعة، إنه سقف مرتفع جدا.
كثيرا ما يتحدث زعيم هيئة تحرير الشام، الجولاني، لكنه في النهاية يبدو كشخص موتور متشنج لا يستطيع الاسترخاء على حلبة الرقص. وبحسب تقارير إعلامية فإنه سيُسمح للناس بالتدخين ويُسمح للنساء بخلع الحجاب، فالتقارير تصر على أن المقاتلين «لا يخيفون الأطفال». لكن لماذا تبدو كل الصور المتداولة للجولاني وفريقه كأنها جاءت مباشرة من طاقم التمثيل المركزي لفيلم «30 دقيقة بعد منتصف الليل»(1)؟ أم أن ذلك كله كان قبل أن يحصل على شهرة البوتوكس(2)؟
من العار كذلك أن المسألة برمتها، في ما يتعلق بالإطاحة بالحكومة والتجول بالبنادق الآلية، ليست مجدية. بل إنها بطريقة أو بأخرى تفسد المزاج كله. أو الحقيقة هي أن زعيم الجماعة كان متحالفا مع قاطعي الرؤوس المعروفين باسم الدولة الإسلامية (داعش)، والذين وصفوا في مقال آخر لصحيفة «التلغراف» الشهر الماضي بأنهم «حلفاء».
لكن مهلاً، فقد لا أكون سوى شخص عنيد ضيق الأفق ليس له أن يفهم تماما تحول الجولاني إلى محارب من أجل العدالة الاجتماعية، وذلك لأن المكافأة البالغة 10 ملايين دولار، والتي عرضتها واشنطن مقابل رأسه كإرهابي، قد منعتني عن الرؤية.
منذ عام 2013، فرضت الأمم المتحدة حظراً على تصدير الأسلحة للرجل، وذلك بسبب علاقاته بتنظيمي القاعدة وداعش، لكن ها هي الولايات المتحدة تسمح له بسهولة بمواصلة طريقه المرح والاستيلاء على سوريا بينما يلقي الإهانات بانتظام. بعد انتهاء القتال في العراق، أمضى الجولاني سنوات في السجون العسكرية الأمريكية قبل أن ينتهي به المطاف في سوريا عام 2011، حيث أطلق عمليته الإرهابية الخاصة بتنظيم القاعدة، تقريبا في الوقت نفسه الذي بدأت تتدفق فيه الأموال الغربية، وظهور وكالة المخابرات المركزية للتعاون مع تركيا في مجال التدريب والمساعدات ودعم «المتمردين السوريين».
والآن، ها هو زعيم الإرهاب ينظم عملية تسليم 65 ألف رغيف خبز لسكان مدينة حلب التي استولى عليها للتو، مطلقا على الحملة اسم «معاً نعود». فهو يعتبر نفسه رجل دولة. يبدو الأمر كما لو أنه حملة استمدت مباشرة من كتاب قواعد البنتاغون.
ووفقا لبيانات وزارة الدفاع، يدفع البنتاغون ملايين الدولارات سنويا للأشخاص المتحولين جنسيا، الذين يقاتلون من أجل مصالح العم سام. فمتى يمكننا أن نتوقع أول التغييرات الجنسية لدى مقاتلي القاعدة؟
«حلب هي نقطة التقاء حضارية مع تنوع ثقافي وديني لجميع السوريين»، هكذا يقول الجولاني. يبدو أنه يحاول يائسا الإشارة إلى أنه شهد بالفعل عملية إعادة اصطفاف أيديولوجي خلال فترة وجوده مع داعش، حين كانت الجماعة تقتل المسيحيين.
وفقا لما ذكرته صحيفة «التلغراف»، يفترض بكل تلك الجهود أنها تهدف إلى «ضمان استعداد المجموعة للحكم والقتال». وعليه، إذا كان القاعدة مستعداً للحكم وفق الطراز الغربي، فمتى سنشهد إقامة «مهرجان الفخر(3) الحلبي» الأول بمشاركة جهاديين يرتدون ملابس فتشية(4)؟
الهوامش:
(1) 30 دقيقة بعد منتصف الليل، بالإنجليزية: (Zero Dark Thirty) فيلم أكشن أمريكي يحكي اعتقال أو قتل أسامة بن لادن.
(2) البوتوكس هو الاسم التجاري للمادة المعروفة بالتوكسين بوتيلينيوم، وهي مادة عصبية سامة يتم استخلاصها من نوع من أنواع البكتيريا.
(3) مهرجان الفخر، المعروف أيضا باسم حدث الفخر أو مسيرة الفخر أو احتجاج الفخر، وهو حدث سنوي في المدن الغربية يحتفل بالمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي.
(4) الفتشية، ماركة أزياء خاصة بالمثليين والمزدوجين جنسيا.
(*) راشيل مارسدن، محللة سياسية وكاتبة عمود ومضيفة لبرامج حوارية منتجة بشكل مستقل باللغتين الفرنسية والإنجليزية.
المصدر ترجمة خاصة - لا ميديا / نشوان دماج