لوحاتها صور متحركة ملؤها الحياة، يتماهى فيها الخيال مع الواقع، ونافذة مفتوحة وأكثر حقيقة من ضوء الواقع، ما يمكن لهذه اللوحات أن تفجره من دلالات وإيحاءات شديدة العمق، وإحداث بالغ الأثر في نفوس المشاهدين من خلال ما تحمله كل لوحة.. تعمل بنوع من التجلي والتواصل مع مكونات اللوحة تبين معالم الرسم قبل كشفه، وتحكم ضوابط الألوان قبل إحكام توزيعها. كما أن اللون في لوحاتها يظل مستحوذاً على الذائقة البصرية، ويعطيك إحساساً دائماً لما تمثله عناصر اللوحة وكائناتها.. إنها النحاتة والفنانة التشكيلية التي احتكرت الإضافة والتجديد في الفن المعاصر، في حين فضل العديد من الفنانين التشكيليين أن يكونوا ظلالاً باهتة تختلس قيمتها من تقليد مشية الآخرين، ثم فقدوا طريقة مشيتهم، وظلوا عاجزين عن تقمص حداثة الآخرين.. فمن خلال أعمالها أضاءت لنا مساحة من التشكيل اليمني الحديث، والذي بدأ متأخراً زمنياً بعض الشيء، دون أن تنفصل عن واقعها، ودون أن تخلق قطيعة مع جذورها الراسخة والعميقة بعمق الحياة وتاريخها الأبدي.. إنها النحاتة والفنانة التشكيلية كاميليا جحاف.
النحت أولاً
 نود في البداية أن تعطينا نبذة عنك..
أنا نحاتة بالدرجة الأولى، وفنانة تشكيلية بالدرجة الثانية، وكانت موهبة قوية بالنسبة لي، ولم أدرسها دراسة أكاديمية، وأيضاً لي بصمة في الأشغال اليدوية، لي منتج محلي مشروع ذاتي، والحمد لله لقيت نجاحاً وفاعلية في الفترة السابقة.

رسالة الفن
 هل الفن التجريدي يستطيع أن ينهض برسالة ضد العدوان؟
طبعاً كل مجال من مجالات الحياة أياً كان نوع الفن، يستطيع أن يكون له القدرة على إيصال رسائل مباشرة أو غير مباشرة إلى العالم الخارجي والداخلي أيضاً.

ضعف الأثر
 حضرت كل الفنون في المواجهة وغاب الفن التشكيلي والنحت باستثنائك..
أولاً وللأسف الفن هو غائب في وطننا الحبيب، لا يوجد له أثر قوي في البلد منذ عقود، وليس فقط في هذه المرحلة، أما هذه المرحلة فهي فعلاً صعبة على كافة المجالات والاتجاهات، لكن هناك تقدم في الإعلام ملحوظ، وهناك اهتمام.

متحف عن العدوان
 هل يتجاوب المعنيون في دعمك؟ وهل تخططين لعمل معارض؟
بالنسبة للدعم نظراً لظروف البلد القاسية على الجميع، نعذر الجميع، وإنما نتمنى أن يكون هناك اهتمام أكثر ودعم أكبر، ومستقبلاً لا بد من إقامة معارض ومتاحف، ونحن الآن أعددنا دراسة لمتحف كامل عن العدوان وعن صمود اليمن أمام العدوان، وقدمنا هذه الدراسة لوزارة الإعلام، وإن شاء الله الأمور إلى خير، والحرب هي التي تعرقل هذه الخطوات.

فن جديد علينا
  التعبير بالنحت يعد جديداً على الذائقة اليمنية، والنحاتون أمام اختبار تكريس هذا الفن في المشهد الشعبي اليمني الثقافي خصوصاً في هذه المرحلة..
يجب الأخذ بعين الاعتبار أولاً أن الثقافة اليمنية مستواها متواضع، فواجب النحات أن يقدم هذا الفن بالطريقة المبسطة إلى حد ما، ليفهمها الشعب اليمني، وبالتدريج مع مرور الوقت، فالوقت كفيل بأن يرفع المستوى الثقافي في هذا المجال.

 هل ترين أن أعمال الكثير من الفنانين التشكيليين واقعية في تعبيرها عن الحياة اليومية؟
الفنان التشكيلي بطبيعة حاله يعبر عما يجول في خاطره، فنجد بعض الفنانين يعبر بالفعل عن حقيقة الواقع، والبعض الآخر في عالم بعيد عن الواقع حسب اتجاهه الفكري والنفسي والظروف المحيطة به.

مزج الخيال بالواقع
 الرسم التجريدي أنواعه كثيرة (التشكيلي والتنقيطي والتخطيطي والسريالي)، أيها الأقرب لك من هذه الأنواع؟
أقرب لي هو الفن السريالي، فأنا أحب الفن السريالي كونه يجمع ما بين الخيال البحت والواقع، ومن يبحث في الفن السريالي سيجد هذا ملموساً وواضحاً، وهو أقرب للمشاعر لأنه يلمس إحساسه ووجدانه ببساطة من الفن التجريدي البحت أو التشكيلي الذي خطوطه تكون صعبة على المشاهد وفي فهمها.

محاكاة المشاعر
 يقال بأن الفن التجريدي مضمونه وجداني وليس أدبياً.. هل هذا صحيح؟
صحيح إلى حد ما، لأنه يحاكي المشاعر الوجدانية أكثر مما يحاكيها أدبياً، ولا يتقيد بالالتزامات الأدبية.

بدأنا بالجندي المجهول
 قبل عامين تم افتتاح مؤسسة (كن) للتنمية. حدثينا عن هذه المؤسسة وعن دورها..
نعم، افتتحت هذه المؤسسة لتهتم بهذا الجانب بالتفصيل، نريد أن نتوسع في المجالات العديدة في الفن، ليس فقط الفن التشكيلي أو فن النحت، ولكن كافة مجالات الفن يجب أن ترتقي لمستوى يخاطب العالم الخارجي، ويواكب العصر، لأن الفن في بلادنا لا زال مستواه متدنياً، فالمؤسسة اهتمت بهذه  المشاريع، ولكن إن شاء الله ترتقي، لأننا فتحنا في ظروف صعبة جداً، وفي بداية العدوان افتتحنا معرضاً ملموساً وله بصمة، وهو معرض الجندي المجهول، كان أول افتتاح المؤسسة، وتعمدنا أن يكون معرض الجندي المجهول، لأنه يحاكي الواقع، ويجب أن نكون واقعيين إلى حد ما، وألا نبعد كثيراً عن البلد، فالجندي المجهول كان من أولوياتنا.

 معرض الجندي المجهول هل كان خاصاً بك؟
لم يكن هذا المعرض خاصاً بي، كان هناك 12 فناناً مشاركاً فيه، وبعض الأطفال الموهوبين، وكذلك فعاليات متنوعة لمدة أسبوع ثقافية وأدبية وشعرية. وإنما بحكم الحرب وتعقيدات الحياة يوماً بعد يوم، تعرقلت الخطوات، ونحن لازلنا نكافح، وإن شاء الله سنستمر.

الوطن أولوية
 ماذا تقولين للفنانين التشكيليين عبر صحيفة (لا)؟
أريد أن أخاطب إخواني الفنانين التشكيليين وأخواتي أنه يجب أن تكون وطنياً، وبلدنا هو الأولوية مهما كانت الضغوط المحيطة بنا، مهما كانت المغريات الخارجية، يجب أن نقول لها لا كما هو موجود في جريدتكم. ستستمر الحياة، وسنعدي هذه المرحلة إن شاء الله، وسيكون القادم أفضل بكثير، فأنا متفائلة جداً بما هو قادم، وعلينا أن نكون متكاتفين كمواطنين قبل أن نكون فنانين، يجب ألا ننسى أننا شعب يمني مسلم حر، أي مستقل.

خامات بسيطة
 ما المواد التي تستخدمينها في النحت؟
أستخدم الفخار والجبس، نريد أن نطور هذه المواد إلى المستوى العالمي من الفيبرجلاس والبرونز أو المواد الراقية التي يستخدمها فنانو العالم حالياً، وإذا تواجدت الإمكانيات مستقبلاً لدينا خطط لهذا الشيء.

تعبير بالرصاص
 ما هي أبرز أعمالك؟
لديَّ أعمال بالألوان الزيتية، وهي تعبر عن المرأة اليمنية، ولديَّ أعمال تعبر عن الوطن بالرصاص، وأعمال منحوتات لها علاقة بالفن التشكيلي والتجريدي بشكل خاص. أعمالي متنوعة، وليست مؤطرة في اتجاه واحد.

منحة إلهية
 ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة وتفخرين به؟
الموهبة هذه أعتبرها كنزاً لا توجد لكل الناس، فهذه الموهبة منحة من الله.

استفزاز مجتمعي
 ما الذي يستفزك؟
الذي يستفزني عدم تفهم المجتمع للفنان، وعدم تقبله لأعماله، وعدم مراعاته، والاستهتار به إلى حد ما.

أمنيات خاصة وعامة
 ما هو الشيء الذي تمنيته ولم يتحقق؟
هناك أهداف كثيرة في الحياة نتمنى تحقيقها، هناك أهداف شخصية وأهداف عامة، من الأهداف العامة نتمنى أن نحقق بناء متاحف مثل المتاحف العالمية، وفي بلادنا هناك المواهب والقدرات والإمكانيات، وسيأتي الوقت المناسب لتنفيذ هذه المشاريع.

 كلمة أخيرة..
أشكر صحيفة (لا) لاهتمامها بالفنانين، وتخصيص زاوية لهم، وأشكر كل من اهتم بهذا المجال، وإن شاء الله نتقدم أكثر، وإن شاء الله ستنتصر اليمن حتماً.

السيرة الذاتية
ـ الاسم: كاميليا محمد جحاف
ـ العمر: 41 سنة
ـ المؤهل الدراسي: ثانوية عامة ـ قسم أدبي
ـ حاصلة على دورات في التخطيط الاستراتيجي وإدارة المشاريع والتنمية الذاتية والتنمية البشرية
ـ عملت كمديرة تنفيذية لمؤسسة الطيبات
ـ حالياً رئيسة مؤسسة (كن) للتنمية