عبدالله قاضي / لا ميديا -
ولأن للحديث بقية وللتاريخ عجائبه وغرائبه وصنعاء هي محفل التاريخ ومهرجان التراث ودرة المدائن ومهبط الزمن نتنفس عبق الأزمنة الزاهية بالعلم والأدب ونحن نجوب عبرها حيث تتواصل دهشتنا الممتعة. هذا هو مسجد صلاح الدين اليوم كما هو مكتوب على بابه من مساجد صنعاء العامرة ومن أهم وأقدم المساجد الإسلامية التي بنيت في القرن الثامن الهجري (793 هجرية) بالقرب من قصر ميدان صنعاء -قصر السلاح بناه الإمام صلاح الدين الناصر بن محمد بن أحمد بن الإمام أحمد بن الإمام الهادي يحيى بن الحسين.
والجامع من الداخل تحفة معمارية بارعة الجمال تملأ جدرانه نقوش مذهبة كأنها أشعة الشمس وقد دلفت الى كل الزوايا وتبرز جمال وأهمية العمارة الإسلامية والنمط المعماري الفريد الذي تتميز به صنعاء القديمة. يتم الدخول الى المسجد عبر بوابة صغيرة تفتح على فناء مكشوف يحتوي على عقدين نصف دائرتين  واسعتين وعلى الجانب الشرقي للفناء توجد المطاهير بينما على الجانب الغربي للفناء توجد قبة الإمام صلاح الدين الناصر والتي قبر فيها مع زوجته وأحفادة وقد نقشت أسماؤهم على الأضرحة.
ومن الفناء الى داخل المسجد المهيب حيث الروحانية تملأ جنباته والمسجد بصفة عامة بطول 19 مترا وبعرض 15 مترا تزينه أعمدة دائرية رشيقة يبلغ عددها 24  عمودا تتشكل عليها خطوط ذهبية جميلة تنتهي بتيجان مقوسة جدا تحمل السقف المكون من الخشب والجص والقضاض وعلى جدران المسجد كتبت كلمات مذهبة متشابكة يصعب قراءتها عدا بعض الكلمات مثل تاريخ توسعة المسجد سنة 1097 هجرية. وأما المحراب فيتوسط جدار القبلة وقد بني من الجص وارتفاعه 2.9م وبتجويف 1.40م ويتضمن كتابات وزخارف ذهبية مبهجة وتجدر الإشارة الى أن هذه الزخارف عند أرباب الصناعات في صنعاء القديمة مشهورة للغاية وتعرف «بالخاتم السليماني» حسب تعقيب الحاج عبدالله عبدالغني قاضي إمام وخطيب الجامع.
يضيف الحاج عبدالله قاضي إمام المسجد أن المخطوطات ذكرت أن الإمام صلاح الدين قام ببناء المسجد بعد أن حارب الطائفة «القدرية» أما عن منارة المسجد فقد بناها الوزير سنان باشا في أول القرن الحادي عشر كما هو مذكور في اللوح الأبيض المنصوب بجدار المنارة فوق الباب. ومن محاسن الشيخ حسن بن محمد الشاطبي عمارة الزيادة في مسجد صلاح الدين وإضافة المطاهير وترميم النقوش القديمة. ويقول الحاج عبدالله قاضي إن المسجد كان يحوي 2226 مخطوطة إحداها مصحف مكتوب بماء الذهب وبخط الإمام صلاح الدين الناصر وقد أخذت الى وزارة الأوقاف للحفاظ عليها.
ويضيف الحاج عبدالله قاضي أن المسجد يعتبر إحدى حلقات العلم في رمضان وقد قابلناه وقطعنا درسة وحوله بعض الأطفال الذين يترددون على المسجد كل يوم لحفظ القرآن وبعض الدروس وأن المسجد من خلال روحانيته فهو خلال الشهر الفضيل منزل للكثير من الشباب لقراءة القرآن وصلاة النوافل، كما يضيف أحد رواد المسجد الذين يأتون من مناطق خارج صنعاء القديمة.