حوار - عادل عبده بشر / لا ميديا -
فدائية فلسطينية وأيقونة ثائرة، ولدت عام 1944 في مدينة حيفا، وهاجرت إلى مدينة صور اللبنانية مع بداية النكبة عام 1948م، عاشت في مخيمات اللجوء وانضمت إلى المقاومة مبكرا وخصوصاً مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نفذت عمليتي خطف طائرتين، الأولى عام 1969 لطائرة أمريكية كانت رحلتها من روما إلى أثينا ثم «تل أبيب» على متنها نحو 116 راكباً من جنسيات أمريكية و»إسرائيلية» ونجحت مع رفيقها سليم عيساوي في إجبار كابتن الطائرة على تغيير مسار الرحلة إلى دمشق، وأثناء المرور من أجواء حيفا، أمرته بالتحليق على علو منخفض لترى مدينتها التي هُجّرت منها مع مئات الفلسطينيين، وانتهت العملية بنجاح وأدت إلى تبادل أسرى، ثم قامت بـ6 عمليات تجميل لتغيير ملامح وجهها حتى لا يعرفها أمن المطارات بعد أن أصبحت صورتها مشهورة، ونفذت عمليتها الثانية عام 1970م بمحاولة اختطاف طائرة تابعة لشركة «العال» الصهيونية، متجهة من أمستردام إلى نيويورك، إلا أن العملية لم تُكلل بالنجاح، وتم احتجازها من قبل السلطات البريطانية ما يقارب شهراً ليُفرج عنها بصفقة تبادل أسرى.
إنها المناضلة الفلسطينية ليلى خالد، عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي نقلت النضال النسائي الفلسطيني إلى ميادين غير مسبوقة وكان لها إسهامات فعالة في المجالات السياسية والإنسانية والاجتماعية، استطاعت من خلالها أن تخدم القضية الفلسطينية وتضعها تحت الضوء في كل أنحاء العالم.
دخل اسم ليلى خالد التاريخ بصفتها أول امرأة تخطف طائرة، لتصبح منذ ذلك الوقت أيقونة المقاومة الفلسطينية. فطُبعت صورها وهي تلفّ الكوفية على رأسها، وتحمل رشاش الكلاشينكوف، وتضع خاتماً صنعته بنفسها من صمام أمان قنبلة يدوية.
صحيفة «لا» أجرت معها حواراً صحفياً حول تطورات الحرب الصهيونية على غزة منذ عملية «طوفان الأقصى» فـــــــي 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، والتحام اليمن بهذه الملحمة التاريخية:

بداية نرحب بأيقونة النضال الفلسطيني ليلى خالد ضيفاً عزيزاً على صحيفة «لا» وفي حضرة الشعب اليمني.
شكراً جزيلاً لهذه الدعوة الكريمة بحضور الشعب اليمني العظيم المناضل المكافح الذي لا يتوانى لحظة عن إعلان موقفه العظيم والصوت المقرون بالفعل والقتال مع الشعب الفلسطيني الذي يُباد اليوم على أرض غزة.

أمريكا رأس الحية
 للمرة الرابعة تستخدم أمريكا الفيتو لإبطال قرار بوقف الحرب في غزة، ما تعليقكم على ذلك؟
أمريكا هي رأس الحية وهي من يدير المعركة على أرض غزة تضامناً مع «إسرائيل» وحمايتها جراء هزيمة 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فحرصت منذ اللحظة الأولى أن تأتي ببوارجها وأسلحتها وأموالها لحماية هذا الكيان لأنه المشروع الاستعماري منذ مائة عام، وعلى هذا الأساس هي تحمي الكيان الصهيوني في مجلس الأمن وفي أي محفل دولي كي تمنع الهزيمة، لأنها هزيمة للمشروع بأكمله وليس لإسرائيل كدولة عنصرية صهيونية تستخدم كل أدوات القتل في مواجهة شعبنا الأعزل، إلا أن المقاومة أعطتها الدرس القاسي ولأول مرة في تاريخ الكيان المارق يطلب الحماية.

أنظمة متآمرة
في الوقت الذي تستميت أمريكا لدعم الكيان الصهيوني على جميع المستويات، تقف الأنظمة العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية عاجزة عن إدخال المواد الإغاثية لقطاع غزة، هل هو فعلاً عجز عربي إسلامي، أم خذلان متعمد، أم تآمر على الشعب والمقاومة والقضية الفلسطينية؟
كيف يمكن لهذه الأمة أن تنتصر وأنظمتها الرسمية متواطئة مع أمريكا والكيان الصهيوني؟ لم تتحرك الجامعة العربية بما يملي عليها اسمها، لكن هذا الاسم مات منذ زمن، عقدوا اجتماعات فارغة المضمون لا تتحلى بقرارات جازمة مقرونة بالفعل والتطبيق، يتحدثون عن وقف إطلاق النار، ماذا يعني للحكام العرب أن يقولوا وقف إطلاق النار؟ أليس الأجدر بهم أن يتخذوا مواقف عملية، كأن يطردوا سفراء إسرائيل من الدول العربية المطبعة وتغلق سفاراتهم على الأرض العربية في مصر والأردن وغيرهما، كذلك الأمر يُمكن أن يُغلِقوا كل الأبواب على إسرائيل من أن تنفرد بالشعب الفلسطيني في إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، ها هي اليمن بكل ما فيها من آلام بعد حرب ضروس ضدها، لكنها أقرنت الموقف بالعمل المباشر المسلح، هكذا تؤخذ القرارات وتُطبّق وليس كلاما إنشائيا كقرارات الجامعة العربية من أجل أن يُسكتوا هذا الشعب عن الاستمرار في المقاومة.

التطبيع والقضية الفلسطينية
هناك حديث يُطرح حالياً حول تطبيع سعودي -صهيوني كحل لإيقاف العدوان على غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما تعليقكم على ذلك؟ وهل التطبيع مع كيان الاحتلال يخدم القضية الفلسطينية؟
التطبيع لا يخدم القضية الفلسطينية، هذا عدو ومحتل لأرضنا، منذ 75 عاماً وشعبنا يناضل ضده ويقدم التضحيات، وبالمقابل نسمع من هذه «الدويلات» التي تتبع المجرم الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية، أن التطبيع يأتي خدمة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، بينما لا تجرؤ أنظمتها ولا يجرؤ أحد أن يقول لا، ولكن صحيفتكم قالت لا ونحن معكم نقول لا لهذا العدو ولهذا الإجرام الذي نشهده كل يوم. وفي الحقيقة هذه الدول المغرمة بالتطبيع مع كيان الإجرام، إذا أرادت أن تنصر الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، عليها أن توقف النفط كما فعل الملك فيصل عام 1973م، ولذلك نقول إذا كان التطبيع هو الذي سينصر القضية الفلسطينية، ماذا يشاهدون الآن على الأرض في فلسطين؟ الاستيطان مستمر والمستوطنون مجرمو حرب مثل قيادتهم، إسرائيل تتحكم بمعبر عربي مصري، ما معنى هذا الكلام؟ أليس هو التواطؤ بعينه؟
عندما جاء بايدن إلى السعودية في أول زيارة خارجية له بعد انتخابه، قال هناك صفقة القرن، والآن يريدون أن يستغلوا الحرب على غزة من أجل تطبيق صفقة القرن، بمعنى لا يكون هناك دولة فلسطينية، وقال بايدن إن هذه ليست مهمتهم، وبالمقابل زادوا في الاستيطان وأعلنوا القدس عاصمة لإسرائيل واعترفوا بها ونقلوا سفاراتهم ويشاهدون كل يوم ما يجري على الأرض الفلسطينية. هذه الأنظمة لا تخجل ولكن لنا في أمتنا العربية الكثير من الأحرار والمناضلين والشرفاء الذين ينصرون شعبهم وجزءا من أمتهم في فلسطين، سواء في الضفة أو غزة أو أرض الـ48، عدا عن الشتات ودوره في إسناد غزة بكل ما تحتاجه.

وحدة المقاومة
 ما مدى وحدة المقاومة في غزة والضفة حالياً؟
هناك دائما تنسيق في هذا المجال، والانقسام هو في الجغرافيا فقط، أما في الميدان فقد تجاوبت الضفة مع غزة، وهذا تاريخياً وليس فقط الآن، هؤلاء الشباب الثائرون يواجهون العدوان اليومي على الشعب وعلى المقاومة في جنين والخليل ونابلس ورام الله والأهم في القدس، والآن الحديث يدور حول المسجد الأقصى في رمضان، ومن يريد أن يدخل إلى المسجد الأقصى عليه أن يمر عبر الحواجز الصهيونية، ومجلس الحرب الصهيوني حدد من يدخل إلى المسجد الأقصى، وهذا خرق صارخ أمام العالم كله، أن يُبعد الإنسان عن ممارسة عباداته في مساجده وخاصة في المسجد الأقصى، وسنرى كيف سيتعامل النظام العربي الرسمي مع هذه المسألة. الإسرائيليون يقولون علنا «إن المسجد الأقصى بُني على الهيكل ويجب أن نهدمه»، ولا أحد يجيبهم، وهذا خنوع واستسلام للمشروع الصهيوني الأمريكي.

ديكور السلطة
 أين هي السلطة الفلسطينية من كل ما يجري؟
هي موجودة على أرض فلسطين في رام الله ولكن هي ليست سلطة وليس لها سلطة، هي ديكور السلطة، ومن الأساس عندما طُلب منهم توقيع اتفاق أوسلو، مضى 30 عاماً على هذا الاتفاق، ماذا حصّلوا؟ زاد الاستيطان والاعتقالات ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وإعدامات ميدانية لشعبنا وحتى للأطفال. هذا يحدث كل يوم في الضفة، والشباب الفلسطينيون يخرجون لمواجهة هذا العدو في مخيماتهم ومدنهم التي يجتاحها يومياً وهذا تناغم وتماه مع ما يحدث في غزة.

اجتياح رفح
 بالعودة إلى غزة، برأيك هل سيتورط الاحتلال باجتياح مدينة رفح؟
دعني أقل لك إن إسرائيل فشلت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م والمقاومة حققت نصراً كبيراً عليها، هذه هي الحقيقة، هم قالوها أيضاً، لكنهم واجهوا هذه الحقيقة بارتكاب المجازر في غزة، وعلى مدى 142 يوماً من حرب الإبادة الجماعية في القطاع، فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أي إنجاز. في نفس الوقت المقاومة مازالت حتى اللحظة تواجه بشراسة وبتكتيكات عسكرية عالية، أيضاً الصهاينة فشلوا في تغيير صورتهم في العالم، منذ بداية العدوان والعالم كله خرج إلى الشوارع، ونحن هنا نحكي عن الشعوب وليس عن الحكومات، الحكومات في الغرب استعماريون سابقون وهم يريدون أن يحموا هذا المشروع الذي أنشأوه على أرض فلسطين، وأمريكا تقود هذا الحلف الكبير. أحياناً نسمع من بعض الدول أنه لا ينبغي أن تستمر هذه الحرب وفي نفس الوقت يقولون نريد أن نقضي على حماس ونُخرج الرهائن. لم يقضوا على حماس ولن يتمكنوا. حماس ليست وحدها في الميدان، هناك أيضا فصائل العمل الوطني المقاوم وحملة السلاح، كلهم مشاركون في هذه الملحمة الضارية وفي الميدان هناك ما يشي بتوسيع المعركة من الجبهات الأخرى المساندة. في هذه المعركة توحدت الساحات. الساحة في اليمن بصواريخها وأسلحتها وإرادتها وبقيادتها أثبتت أن وحدة الساحات قائمة ليس بالشعارات والبيانات، إنما بالعمل المسلح. اليمن مستمرة في إغلاق البحر الأحمر وباب المندب في وجه إسرائيل وأيضاً الصواريخ والمُسيّرات اليمنية تصل إلى إيلات «أم الرشراش» وإلى أبعد من ذلك، كذلك جبهة الجنوب اللبناني حزب الله والمقاومة تقاتل بشراسة وحددوا طبيعة وقواعد اشتباك جديدة، أيضاً المقاومة في العراق عادت الآن مرة أخرى في مواجهة القواعد الأمريكية، وكذلك الأمر في سورية. وحدة الساحات بهذا الشكل تدعم الصمود الأسطوري للشعب والمقاومة الفلسطينية، وستحدث تغييراً حقيقياً، وهذه الساحات مازال لديها تكتيكات واستراتيجيات مختلفة عما في ذهن الصهاينة على أرض فلسطين، وهذا سيفاجئهم كثيراً، وآن الأوان أن يفهم العدو أن الفلسطيني ليس وحده في الميدان، هناك أيضا أشقاء له في اليمن ولبنان وسورية والعراق، وكل دول محور المقاومة، والمحور هو الآن يتجدد ويبني على هذا الموقف الذي اتخذته قيادات المقاومة وشعوبها.

المشهد اليمني
كيف تقرؤون هذا المشهد القادم من اليمن في ظل التصاعد الكبير للأحداث في البحر الأحمر مع إصرار صنعاء على الاستمرار في تنفيذ قرارها المساند لشعبنا الفلسطيني؟
نقرأه بماء الذهب.. هذا الموقف الفعّال والثوري للشعب اليمني وقيادته الشريفة الكريمة الشابة، التي تقود معركة مع الإمبراطورية الأمريكية والكيان والحركة الصهيونية، وأعلنت مباشرة إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الذاهبة إلى كيان الاحتلال، فتداعت أمريكا وبريطانيا لحماية ربيبتهما العبرية، والآن البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن ممنوع على أمريكا وبريطانيا إضافة إلى إسرائيل. إذن هذه عملية عسكرية يمنية مدروسة بإتقان، جوهرها الأساسي إسناد الشعب الفلسطيني وتضامناً مع مظلوميته، وأيضاً من أجل أن يطعنوا في الحلف الإمبريالي الصهيوني في البحر الأحمر ولن يسمحوا لأي باخرة صهيونية أو أمريكية أو بريطانية بالمرور حتى ولو حملت أي أعلام لدول أخرى، فصنعاء تعرف من أين تأتي السفن وإلى أين تذهب. اليمن التي حوربت على مدى 8 سنوات ودُمر ما دُمر واستشهد من استشهد من هذا الشعب الأبي الذي لا يسمح ولم ولن يسمح بأن تدخل صنعاء أي قدم غربية وأي معتدٍ. ما نعلمه ونقرأه في تاريخ صنعاء أنها لم يدخلها أجنبي ليستعمرها، وهذا أصبح ثقافة عند الشعب اليمني، ثم جاءت قيادة حكيمة وطبقت الحكمة اليمانية في كيفية إدارة معاركها. لم ينجح العملاء وهم يقاتلون الشعب اليمني طوال سنوات العدوان على اليمن، ثم توقفوا، لكنهم مستعدون مرة ثانية أن يعيدوا الكرة، غير أن اليمن اليوم ليست كما كانت في السابق، اليمن اليوم أحدثت تغييرات على الأرض، والميدان هو الذي يتحكم بالتغيير وليس الشعارات، ولذلك نرى الشعب اليمني العزيز يخرج بكامله إلى الساحات والميادين ليقول نحن مع نصرة فلسطين ومستعدون للقتال من أجل فلسطين. وشعبنا الفلسطيني والأجيال الفلسطينية القادمة لن تنسى هذه الوقفة التاريخية لهذا الشعب الذي يحمي ظهر المقاومة بمقاومة مضادة للمشروع الصهيوني، وأنا من خلال صحيفتكم، صحيفة «لا» أوجه رسالة محبة واعتزاز وافتخار لليمن شعباً وقيادة وفي مقدمتهم القائد الشاب السيد عبدالملك الحوثي، أقول ألف تحية لكم أنتم من تسندون المظلوم لأنكم شعرتم بالظلم عندما هاجمكم أعداء الأمة وأعداء الشعوب العربية، لذلك نرفع التحية لكم إجلالاً وإكبارا لدوركم الهام في هذه المعركة المصيرية.

سِر قوة القائد
 السيد القائد عبدالملك الحوثي، في كل خطاب له يؤكد ثبات الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني وعدم التراجع عنه مهما كانت التحديات، برأيكم ما سر قوة هذه القيادة؟ وعلى ماذا تستند؟
يستند إلى إرادة عميقة عقيدةً وجهادا، وإلى ثقافة إيمانية إسلامية أخلاقية عربية أصيلة، ولديه ثقة بالنفس لأنه يثق بشعبه وشعبه يثق به، هذه الثقة هي التي تُمكن القيادة الحكيمة من أن ترسم سياسة وثقافة في المجتمع، وعلى الرغم من كل الأسى الذي تعرض له الشعب اليمني، إلا أن هذه القيادة الشابة العظيمة تمكنت من أن تحدث التغيير على الأرض بين جماهيرها، كلما خرج القائد عبدالملك الحوثي في خطاب له بذلك الهدوء والوضوح، هو بهذا يُعلِّم شعبه أن عليهم مهام والتزامات كبيرة تجاه وطنهم وأمتهم وتجاه القضية الفلسطينية المركزية الأولى، وأن عليهم أن ينصروا إخوانهم في فلسطين، لذلك تخرج في المدن اليمنية مسيرات بالملايين من الشعب اليمني الذي حاربوه لسنوات ودمروا بنيته التحتية واستهدفوا الأرض والإنسان وحاصروه وأخرجوا المشافي عن الخدمة بالاستهداف المباشر، وأخرى توقفت جراء الحصار، وغير ذلك من الجرائم، تماماً كما فعلت وتفعل إسرائيل في فلسطين، لكن جاءت هذه القيادة اليمنية العظيمة لتقول للشعب «نعم نقدم التضحيات، لكن ننتصر» أمام هذه الحالة يُعتبر السيد القائد عبدالملك الحوثي من القيادات التاريخية للشعب اليمني الذي التف حول هذه القيادة لقناعته أن مهمة النصر هي مهمة عظيمة ومهمة إنسانية للبشر لأنها عادلة، وأن الحرية ثمنها الدم الغالي.

جسر بري
 توازياً مع الحصار البحري الذي فرضه اليمن على كيان الاحتلال، تولت دول خليجية كالإمارات والبحرين والسعودية إضافة إلى الأردن، مهمة تأمين شريان «تنفس اصطناعي» لإسرائيل، ومدّها بأسباب الصمود والاستمرار في ارتكاب مزيد من المجازر الجماعية بحق المدنيين في غزة، ما تعليقكم؟
حقيقة هذا شيء مخجل، وهو مخجل عليهم وليس علينا، بأن يمتد جسر بري لإرسال البضائع لإسرائيل وليس للشعب الفلسطيني المحاصر، وهذا سيسجله التاريخ، ولكن شعوبنا أقوى من حكامها وقادرة على الاستمرار في النضال من أجل تغيير هذه الحكومات والأنظمة العميلة.

مقاومة الأمس واليوم
بين المقاومة زمن جيل ليلى خالد والمقاومة اليوم، ما الذي تغير؟
تغيرت الأساليب والأدوات، أما الهدف فهو واحد ويتركز في المقاومة لهذا العدو، والشيء الآخر العالم شهد ثورة الاتصالات والتكنولوجيا وهذا لم يكن متوفراً في عهدنا، لكن المقاومة تختزن بتاريخها مجموعة من القضايا التي تحلّى بها الشعب الفلسطيني، أولاً المقاومة أصبحت ثقافة الشعب الفلسطيني وليس المفاوضات، جاءت المفاوضات دمرت كل شيء ووقعوا «اتفاق أوسلو» واللي صار صار، والشعب الفلسطيني وقف مع المقاومة، والآن تحت كل هذا الحصار وكل هذا الدم الذي أُريق ويُراق في غزة والضفة، يقول الناس هناك نحن مع المقاومة ولن نخرج من هذه الأرض، نموت عليها وندفن فيها بشرف وكرامة ولا نستسلم أو نركع للعدو، هذا كل يوم نسمعه من الناس المحاصرة داخل غزة، ونرى نساء فلسطين تخسر عائلتها بأكملها ومع ذلك تقول «فداء لفلسطين»، هذه ثقافة مجتمع وليست شعارات، هذا الشعب يقدم التضحيات المريرة على القلب والمحزنة ولكنه في نفس الوقت يقول لعدوه نحن مع المقاومة ولن نترك المقاومة ولن تخسر المقاومة.

خطف الطائرات
هل بالإمكان أن نعود معكِ إلى العملية البطولية في خطف طائرة الركاب الأمريكية التي قمتِ بتنفيذها بمساعدة سليم العيساوي عام 1969م والعملية التي تلتها بمحاولة اختطاف طائرة شركة «العال الإسرائيلية»؟
إجابة هذا السؤال مرتبطة، أيضاً بإجابة السؤال السابق، يعني هناك أساليب استخدمت بالمعنى التكتيكي في المرحلة الأولى للكفاح المسلح بعد عام 1967م مثل خطف الطائرات، وضرب مصالح العدو في كل مكان. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفعت شعار «معاً وراء العدو في كل مكان»، بمعنى أن نضرب أهدافا للكيان الصهيوني ولأمريكا في أي مكان بالعالم، وهذا جعلنا نستخدم أسلوب خطف الطائرات لنرفع الصوت عالياً من أجل أن يسمعنا العالم ويجيب على سؤال: من هم الفلسطينيون؟ لأنهم تعاملوا معنا بعد 1948م على أننا مجموعة لاجئين بحاجة لإعانات غذائية وغيرها، ولذلك هذا العمل قُمنا به من أجل رفع الصوت وفي نفس الوقت إطلاق سراح المعتقلين، ونجحنا إلى حد ما، ثم توقفنا عنه بعد ذلك، وكانت المدة قصيرة التي استخدمنا فيها أسلوب خطف الطائرات، لكن أحب أن أذكر أنه في العام 1972م الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رصدت في البحر الأحمر مرور سفن إسرائيلية، فقام أربعة من مقاتلينا الأبطال، باستهداف ناقلة نفط إسرائيلية تسمى «الكورال سي» قادمة من الخليج العربي محملة بالنفط العربي ومتجهة إلى ميناء إيلات، فتم استهدافها بقذائف الآر بي جي ما أدى إلى احتراقها، وإسرائيل شعرت يومها أن هذا الممر المائي مكمن خطر، لذلك خصصت حينها لكل سفينة ذاهبة إلى الأراضي المحتلة زورقين عسكريين لحمايتها، إضافة إلى طائرتين حربيتين تحلقان في أجواء البحر لحماية السفينة، وهذا الأمر كلف إسرائيل كثيرا، وأحسوا بالخطر في هذا الموضوع، والآن اليمن عمل الشيء الأهم وقام بإغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الصهيونية.

رسالة لليمنيات
ما الرسالة التي ترغبين بتوجيهها في نهاية هذا اللقاء؟
هي رسالة أوجهها عبر صحيفة «لا» اليمنية لنساء اليمن، أقول لهن، أنتن تعطين الحياة، وأنتن تدافعن عن أرضكن وشعبكن ورأيناكن على شاشات التلفزة عم تتحدثن، والآن نراكن في هذه المسيرات العظيمة، فألف تحية، ابقين على العهد، نحن النساء ننجب الرجال ونربي الرجال ونربي المقاومين ونقف في ظهرهم ونقف معهم جنبا إلى جنب من أجل التحرير الكامل ومن أجل عودتنا إلى فلسطين نحن وإياكم، وتأتون إلينا من البحر الأحمر ونأتي نحن إليكم من البر العربي.