تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
يتصاعد الاهتمام العالمي بالعمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي ضدّ السفن الصهيونية أو المتجهة إلى موانئ الاحتلال، ضمن الإجراءات التي اتخذتها صنعاء دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ولاحقاً أضافت القوات المسلحة اليمنية السفن الأمريكية والبريطانية إلى بنك أهدافها، رداً على شنّ واشنطن ولندن ضربات جوية على الأراضي اليمنية.
ويبدو أن العمليات العسكرية اليمنية تحولت إلى "ظاهرة عالمية" تأخذ حيزاً كبيراً من الدرس والبحث من قبل خبراء عسكريين وأجهزة استخبارات غربية، وخصوصاً الأمريكية والبريطانية، بهدف توفير المعلومات حول القدرات العسكرية اليمنية، لضمان نجاح الضربات الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية والبريطانية، وأيضاً لمعرفة الطريقة التي يستطيع من خلالها اليمنيون إيجاد السفن المشمولة بقرارهم واستهدافها بنجاح، فيما تعبر السفن الأخرى البحر الأحمر وباب المندب بكل حرية.
في هذا الجانب، ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن الطريقة التي تجد بها السفينة نفسها على قائمة أهداف من سماهم "الحوثيين" في اليمن، مازالت غامضة ونقطة نقاش في دوائر الدفاع، مشيراً إلى أنه "حتى وكالات الاستخبارات الغربية غير متأكدة على وجه التحديد من الذي يختار الأهداف في البحر الأحمر".
وفي تقرير حديث للموقع البريطاني بعنوان "كيف استخرج الحوثيون المعلومات التجارية للسفن؟"، نقل الموقع عن مسؤولين دفاعيين غربيين حاليين وسابقين وخبراء بحريين، القول إن "الحوثيين في اليمن يستغلون مجموعات من المعلومات الاستخباراتية البحرية المتاحة تجاريا لتحديد مواقع السفن في البحر الأحمر"، لافتين إلى أن "استهداف سفن معينة ومنح تصريح لأخرى بالمرور، يمثل شكلاً من العقوبات البحرية".
ونقل الموقع عن نيكوس جورجوبولوس، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة اليونانية وخبير في الأمن البحري في ديابلوس، القول: "أظهر الحوثيون أنهم يستخدمون المعلومات البحرية العامة الأساسية، مثل نظام تحديد المواقع (AIS)؛ ولكن لشن هجماتهم بنجاح، فإنهم بحاجة إلى المزيد". 
وأضاف: "ما لديهم أيضاً هو الوصول إلى المعلومات التي ليست سرية؛ ولكن من الصعب العثور عليها. وعليك أن تكون في مجال الأعمال التجارية، أو مجال الاستخبارات البحرية، لتعرف. لن تجدها هناك في الصحراء اليمنية".
وفيما تزعم الولايات المتحدة أن القوات المسلحة اليمنية تستهدف السفن بشكل عشوائي في البحر الأحمر، فإن ديرك سيبيلز، خبير الأمن البحري في شركة "ريسك إنتلجينس"، وهي شركة دنماركية لتقييم المخاطر، قال إن هذه "حجة سياسية، وليست مدعومة بالمعلومات المتوفرة"، مؤكداً في حديثه لموقع "ميدل إيست آي" أن "الحوثيين بشكل عام كانوا دقيقين للغاية".
الموقع ذاته أفاد بأن "الحوثيين، الذين كانوا ذات يوم مجموعة جبلية متمردة، وسخر منهم أحد المشرعين الأمريكيين ووصفهم بأنهم رعاة الماعز، قفزوا إلى الشهرة العالمية بسبب هجماتهم البحرية الجريئة بطائرات بدون طيار وهجمات الصواريخ، والتي يقولون إنها نيابة عن الفلسطينيين المحاصرين في غزة".
وأضاف: "لقد أنشأ الحوثيون المتشددون في القتال دولة فعلية في شمال شرق اليمن".
من جهة أخرى قالت الباحثة الفرنسية المتخصّصة في الشأن اليمني، هيلين لاكنر، التي أقامت 15 عاماً في اليمن ولها مؤلفات عن مراحل من تاريخ هذا البلد والصراعات التي مرّت عليه، إن "الحوثيين واضحون في ما يفعلونه في البحر الأحمر، وهو استهداف السفن الإسرائيلية، وهم مستعدّون لوقف هجماتهم بمجرّد وقف الحرب على غزة"، مؤكدةً أنهم "يرحّبون بمرور أيّ سفن أخرى ما لم تكن لها صلة بإسرائيل أو مملوكة لها". ووفقاً للاكنر، فإن "موقف الحوثيين واضح جداً، وهم يعلنون كل يوم تقريباً أن هجماتهم في البحر الأحمر ستنتهي بمجرّد انتهاء الحرب في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية".

اعتراف بفشل الضربات الأمريكية البريطانية
في السياق اعترف وزير الدفاع الأمريكي السابق بالإنابة، كريس ميلر، بفشل العدوان الذي تشنه بلاده مع بريطانيا على اليمن في تحقيق الهدف المرجو منه، وهو منع الهجمات على السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني في البحرين الأحمر والعربي.
وقال ميلر في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية إن "هذه الضربات ليست مؤثّرة؛ إذ إن الحوثيين لا يزالون يطلقون الصواريخ والطائرات من دون طيار على السفن الأميركية". وأضاف: "يبدو أن الحوثيين يعطوننا الأصبع الوسطى، وهذه الصواريخ والمسيّرات، الرخيصة الثمن، تكلّفنا صواريخ بملايين الدولارات للدفاع عن أنفسنا"، معتبراً أن القتال مع الحوثيين "يشبه القتال في الضباب. الكثير من الطائرات من دون طيار الرخيصة تسبّب الكثير من الأضرار". تحدٍّ أجبر البنتاغون على الاعتراف بفشل ضرباته الجوية على اليمن، ودفع الناطق باسمه، بات رايدر، إلى القول إن "لدى الحوثيين قدرات لا نهائية، وقوات لا محدودة... وينبغي عدم التفاجؤ إذا استمرّت عملياتهم رغم الضربات الأميركية – البريطانية".
ويفهم من تصريحات المسؤولين في البنتاغون وأدائهم أن الضربات تركّز حالياً على تبرير الإخفاقات، وهو ما يضطرّهم إلى الانتقال من الاستخفاف باليمن إلى الاعتراف بقدراته، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤول عسكري أميركي وصفته بالاستراتيجي، اعترف بأنه "باتت لدى الحوثيين ترسانة عسكرية كبيرة لثلاثة من أقوى الصواريخ البالستية المضادة للسفن في العالم".
والخميس الماضي، كشفت شركة "ميرسك" الدنماركية للشحن العالمي تلقّيها بلاغاً رسمياً من البحرية الأميركية أكدت فيه عدم قدرتها على القيام بتأمين كلّ السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

أمر جنوني
قناة "بي بي سي" البريطانية ذكرت، في تقرير حديث لها، أنه "رغم كل الهجمات الأمريكية والبريطانية ضد اليمن، يواصل الحوثيون هجماتهم الشديدة ضدنا في البحر". وقال مذيع القناة: "الولايات المتحدة ووزير الدفاع البريطاني قالا بأن هذه الضربات الجوية ستؤدي إلى تقليص قوة الحوثيين بشكل أكبر؛ لكن البيانات تظهر أن هجماتهم مستمرة وزادت أكثر بعد الضربات الأمريكية والبريطانية، وهذا أمر جنوني".
يذكر أن القوات المسلحة اليمنية تؤكد في كل بياناتها أن عملياتها في البحرين الأحمر والعربي لا تستهدف سوى السفن الصهيونية أو تلك المتجهة إلى موانئ الاحتلال، حتى يتوقف العدوان الصهيوني والحصار على غزة، مؤكدة حرص اليمن على سلامة الملاحة البحرية الدولية، وأن جميع السفن آمنة عدا تلك المرتبطة بالكيان الصهيوني ومؤخراً تم إضافة السفن الأمريكية والبريطانية بعد شن واشنطن ولندن عدوانهما الغاشم على اليمن.